مدونة نورهان محمد طلعت غنيم


العالم الافتراضى سلاح هدم أم بناء للمجتمع؟

د. نورهان محمد طلعت غنيم | Dr. Nourhan Mohamed talat Ghoneim


05/01/2022 القراءات: 1212  


أصبح اليوم «العالم الافتراضى» قادرًا على خلق تأثيرات وانعكاسات غاية فى الخطورة على العالم الواقعى والمجتمعات؛ فبدلا من استخدامه فى خلق التأثيرات
الإيجابية، أصبح ساحة وبشكل أوسع لإبراز حجم )الفقر الثقافى والأخلاقى( ومشاهدة العنف والإرهاب وخاصة وسط الشباب الذين لم يعمِّقوا لأنفسهم ثقافتهم الخاصة، بل هناك بعض الإعلاميين فى «القنوات الاستثمارية الخاصة» أيضًا يمثلون درجات خطيرة من هذا التدهور الإنسانى والأخلاقى.
فى ظل تراجع القراءة والثقافة العميقة والتحديات التى يواجهها المجتمع، فإن ذلك جاء بدوره لصالح هذا الانتشار المتفاقم للثقافة السطحية التى تعمل على تسطيح الوعى العام معها وخاصة بين الأجيال الشابة التى أصبحت منفتحة على عالم هائل من المعلومات, ولكن من دون خلفية معرفية ضرورية تجعلها قادرة على فرز ما نتلقاه، فتصبح طرائد سهلة لكل من يعمل على استغلال هؤلاء الشباب، سواء نحو التطرف الفكرى والإرهاب أو نحو الانحلال الأخلاقى.
لقد تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعى لدى كثيرين إلى ساحة إعلامية خاصة، وإلى أداة شخصية من دون رقيب أخلاقى أو قانون ضابط على المستوى الدولى وخاصة حين يتم استخدامها من جانب هؤلاء لاستعراض الخواء الفكرى والنفسى والأخلاقى بل يجعلها البعض وسيلة مفتوحة لقذف من يقوم باستهدافهم بالسباب والشتائم والتشويه، يكيلها إلى من يختلف معه، إلى جانب أن يحولها بعض آخر إلى أداة تحريض إن كان مسيّرًا بإملاءات حزبية أو فئوية أو خارجية..
بالطبع نحن لا ننكر هنا أن تطور وسائل التواصل الاجتماعى يحمل فى طياته الكثير من التسهيلات والإيجابيات وتقريب المسافات فى عالم مترابط، شاء أم أبى، ولكن بالمقابل وخاصة فى مجتمعاتنا الاستهلاكية التى لم تتمكن من بناء نفسها فكريًا وثقافيًا وإعلاميًا لكى تواجه موجة الانفتاح الكبير الحادث فى عصر ما سُمى بالعولمة، فإن «الجرائم الإلكترونية» تزداد يومًا بعد يوم سواء من حيث الاختراقات لخصوصيات البشر أو الاستخدام السيئ لأدوات التواصل الاجتماعى، أو استهداف شباب مجتمعات يعانى شبابها قلة الوعى فتصبح سهلة الانقياد لعوامل الإفساد التى تستهدفها، وحيث المواد المبثوثة التى لم تعد أى رقابة تتحكم فيها، بل هو «عالم افتراضى» لا حدود لما فيه ولما يتم بثه من خلاله، أى أنها ساحات مفتوحة لكل ما يخطر على بال وما لا يخطر.
فى النهاية أستطيع أن أقول وبكل أسف إننا أخذنا من العالم الافتراضى كل ما يحمله من مساوئ وسلبيات أصبحت الآن واقعًا نعيشه فى مجتمعنا.


العالم الافتراضى، سلاح هدم، بناء مجتمع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع