مدونة سيف بن سعيد العزري


يصحّ للزوج أن يطلب تطليق زوجته عليه بسبب الضرر الذي يتعذّر معه استمرار العلاقة الزوجية

سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI


06/12/2024 القراءات: 219   الملف المرفق


تقدّم المدعي بطلب تطليق زوجته عليه؛ بسبب الضرر الذي يدّعيه منها، المتمثّل في أمرين؛ الأوّل: إقامتها علاقة عاطفية مع شخص آخر، وتصويرها مع بعض المسؤولين وفق الصورة التي قدّمها، فباشرت المحكمة نظر الدعوى، ثم حكمت في الدعوى، وكانّ مما وردَ في أسباب الحكم على سبيل الاختصار، وليُرجَع إليها كاملةً في نسخة الحكم المرفقة: "من المعلوم فقهاً أنّ أهل العلم اختلفوا في مشروعية تطليق الحاكم للإساءة، والمحكمة ترتضي القول بجواز ذلك؛ لقوله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة: من الآية 229، وقوله: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا)، أما إذا تعسّف كلٌّ منهما في استعمال حقه، وَرَفَع المتضرر الأمر إلى القضاء نظر القاضي في أمرهما سعياً في رفع الظلم عن المظلوم، بحكم ولايته العامّة في رفع الضرر عن الناس للقواعد الشرعية: "لا ضرر ولا ضرار" و"الضرر مرفوع"، فإن أدى الأمر إلى التفريق بين الزوجين فذلك جائز له شرعاً، وقانوناً على ما جرى قانون الأحوال الشخصية حيث نصت المادة (أ/101) أحوال شخصية على أنه "لكلٍّ من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بينهما ...، إذا عجز القاضي عن الإصلاح وثبت الضرر حكم بالتطليق مع مراعاة المادة (107) من هذا القانون"، وقد نصّت المادة (107) على أنّه: "إذا حكم القاضي بتطليق المدخول بها للضرر أو الشقاق، فإن كانت الإساءة كلها أو أكثرها من الزوجة سقط صداقها المؤجل وحدّد القاضي ما يجب أن تعيده إلى الزوج من الصداق المقبوض، وإن كانت الإساءة كلها أو أكثرها من الزوج بقي الصداق من حق الزوجة"، كما أنه من المعلوم فقهاً أنّ الضرر هو ما لا يجوز شرعاً(ينظر الشرح الكبير للدردير 2/345)، ويلاحظ أنّ قانون الأحوال الشخصية قد اشترط كون هذا الضرر ممايتعذر معه استمرار العشرة بين الزوجين، وهذا الاشتراط وإن لم ينصّ عليه العلماء الذي أجازوا التطليق للحاكم إلا أنّ السياسة الشرعية والمقاصد الشرعية تقتضيه حفاظاً على كيان الأسرة من التفكّك لأدنى سبب مع تفشي ظاهرتي الطلاق والعنوسة في المجتمع واجتياح الفساد للقيم والأخلاق اجتياح الإعصار لمظاهر الحياة، كما أنّ المتأمل في الأحكام الشرعية يرى الحرص على بقاء العلاقة الزوجية أكثر من الحكم بفصمها، لا سيما في هذا العصر الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واشتدت فيه أعاصير الفساد، ومن المعلوم أنّ الضرر يشمل الضرر المادي والمعنوي؛ فالضرر المادي هو كل ما يلحق الأذى ببدن الشخص كالضرب، والضرر المعنوي هو كل ما يلحق الألم بنفس الشخص كالسب وترك الكلام معه وعدم الإصغاء لحديثه وترك المبيت بالفراش وترك الوطء.
لما كان ذلك، وكان المدعي يستند في طلبه التطليق إلى إضرار المدعى عليها به بسبب إقامتها علاقة عاطفية مع شخص آخر، وبسبب تصويرها مع بعض المسؤولين وفق الصورة التي قدّمها.
أما السبب الأول، فإنّه قد قدّم في ذلك الشكوى لدى الادعاء العام بـ...، وقيّدت برقم ...، وصدر قرار حفظها، ثم طعن في القرار وصدر القرار المشار إليه من محكمة الاستئناف بـ... بتأييد قرار الحفظ المتظلم منه، وعليه لم يثبت ما يدّعيه عليها من ذلك، على أنّ تأريخ الشكوى كان في ...، وصدر القرار من محكمة الاستئناف بـ... بتأريخ ...، فلو كان ذلك ثابتاً لديه، وكان يتعذّر استمرار العلاقة الزوجية بسبب ذلك، لكان طلّقها في حينه أو أنّه رفع الدعوى لتطليقها مباشرة، أما وأنّه قد أبقى على العلاقة الزوجية سنة وتسعة أشهر، ثم رفع الدعوى بعد ذلك، فهو دليل قاطع على أنّ الضرر الذي أصابه من ذلك لم يكن بذلك القدر الذي يتعذّر معه استمرار العلاقة الزوجية، فلا يكون سبباً موجباً للتطليق.
أما السبب الثاني، فقد أفاد بأنّ تلك الصورة كانت في عام ...، فلو كان ذلك التصوير مما أحدث لديه ضرراً تعذّر معه استمرار العلاقة الزوجية لما أبقى على العلاقة الزوجية، طوال سبعة أشهر على أقلّ تقدير، وعليه لا يكون سبباً موجباً للتطليق.
فلكل هذا تقضي المحكمة برفض طلب المدعي بالتطليق وإسقاط حقوق المدعى عليها؛ إذ إسقاط الحقوق أثر مترتب على ثبوت الأسباب الموجبة للتطليق على ما تقتضيه المادة (107) السالف ذكرها".

يؤخذ من ذلك:
- أنّ الزوج يصحّ له رفع الدعوى بطلب تطليق زوجته، وقد يكون من أثر تطليقها عليه للضرر الواقع منها أن يسقط صداقها المؤخّر وقد يحكم القاضي بأن تردّ شيئاً من مهرها الذي قبضتْه.
- أنّ الضرر الذي يكون سبباً للتطليق هو الذي يتعذّر معه استمرار العلاقة الزوجية.


وللاطلاع على نسخة الحكم فيمكنك - أخي الكريم - الضغط على الملف المرفق أعلاه.


حكم قضائي، تطليق للضرر، خلع، محكمة،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع