مدونة دكتور قيس فتحي احمد


مكاتب تعليم الصبيان ودورها التعليمي في الحضارة الإسلامية

دكتور قيس فتحي احمد | D.qays Fathi Ahmed


28/11/2022 القراءات: 1783  


مكاتب تعليم الصبيان:
من المثل الأخلاقية في التربية والتعليم عند المسلمين, الاهتمام بالصبيان منذ الصغر وتعليمهم القراءة والكتابة لينشئوا جيلا مسلحاً بالعلم والمعرفة صحيح العقل والتفكير لذلك نشأت الكتاتيب فعرف المكان الذي يتعلم فيه الأولاد باسم (الكتاب) جمعها (كتاتيب) وهو مشتق من التكتيب( )
حيث يتعلم فيه الصبيان مبادئ القراءة والكتابة( ).وتشير النصوص التاريخية إلى أن الكتاتيب كانت معروفة ولو على نطاق ضيق منذ الفترة الإسلامية الأولى ثم توسعت بعد ذلك وتعددت في كافة المدن والعواصم والقرى ويسرت للصغار جميعا قسطا من التعليم بحيث أصبح الكتاب من مقومات الحياة الإسلامية الضرورية( ). وكان الخليفة عمر بن الخطاب أول من جمع الصبيان في مكان خاص هو (المكتب) وأقام عليهم من يعلمهم وفرض رزقاً من بيت المال ( ).
وتتكون الكتاتيب من بناية بسيطة غالبا ما تكون إلى جانب المساجد، إلا أنها مستقلة عنها ويعود ذلك لعدم تحرز الأطفال من الوساخة ولا ينضبط حالهم في الغالب مما يشوش على من في المسجد , كما أنهم لا يحترمون ما تقتضيه شعائر المساجد من هيبة ووقار وسكينة،ولضيق المساجد في بعض الأحيان, كذلك نزهت المساجد من الصبيان والمجانين لأنهم يسودون حيطانها ويُنَجّسون أرضها( ). مما يعني أن تعليم الصبيان كانت بدايته في المساجد ثم أخرجوا منها للأسباب أنفة الذكر
وكان يتخذ لهم حوانيت في الدروب وأطراف الأسواق بل قسم من المعلمين كانوا يتخذون من منازلهم مكانا للتعليم حيث يفرد للتدريس غرفة من غرف المنزل( ).
وتذكر المصادر وجود نوعين من المكاتب التي يتعلم بها الأطفال, النوع الأول مكاتب ينشئها المعلمون أنفسهم ويرسل الآباء إليها أولادهم ليتعلموا فيها نظير أجرة تدفع إلى صاحب المكتب مثال ذلك المكتب الذي أنشأه المبارك بن سعيد الحمامي المؤدب (ت588ﻫ/1192م), حيث فتحه في بغداد وتخرج به خلق كثير( ) والنوع الثاني مكاتب أنشأها الحكام والأمراء والموسرون لتعليم الأيتام من فقراء الأطفال وكانوا يوقفون على هذه المكاتب الأوقاف للإنفاق عليها، وسميت هذه المكاتب بمكاتب السبيل أو مكاتب تعليم الأيتام وهم الفئة الأساسية التي أنشئت من أجلهم هذه المكاتب( ). وممن أنشأ مثل تلك المكاتب في المدة موضوعة البحث نور الدين محمود زنكي (ت569ﻫ/1173م) الذي بنى في كثير من بلاده مكاتب الأيتام وأجرى عليهم وعلى معلميهم الأرزاق ( ).
وتشير المصادر أيضا إلى نوعين من المكاتب المتخصصة في مناهجها منفصل أحدهما عن الآخر, الأول لتعليم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم وعلوم أخرى والثاني لتعليم الخط, حيث يتعلم الصبي القرآن الكريم أولا ثم ينتقل إلى المكتب الآخر المستقل عن الأول لتعلم الخط, حيث يتخصص المعلم فيه بتعليم الخط ولا يعمل بغير ذلك, إن كان والي الصبي راغبا بزيادة التعليم وبذل المال على ولده وبهذا يتقن الصبيان الخط غاية الإتقان إلى جانب تعلمهم القراءة والكتابة( )
كانت لهذه المكاتب الفضل في قيام ركائز حقيقية لبناء مجتمع متعلم وبروز مقدرات علمية فذة في مختلف مجالات المعرفة. وبالنسبة للمؤدبين الذين يؤدبون أولاد الخلفاء والأمراء ورجالات الدولة فدورهم كبير في زرع المثل الأخلاقية في تربيتهم وتعليمهم لكي يصبحوا قادة للأمة الإسلامية في المستقبل


مكاتب تعليم الصبيان


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع