د. آدم أحمد آدم


من أنت؟ صحافي .. أم ناشط سياسي:

د. آدم أحمد آدم | Dr. Adam Ahmed Adam


11/02/2022 القراءات: 2644  


من المعروف أن هناك عدة عوامل تؤثر في القائمين على صياغة الرسالة الإعلامية وهي عوامل كثيرة ومتداخلة منها ما يتعلق بالمؤسسة الصحفية ومنها ما يتعلق بالحريات الصحفية وأيضاً هناك عوامل شخصية تتعلق بالصحفي نفسه، فمعظم وسائل الإعلام لديها سياسات تحريرية واضحة مكتوبة بدقة يلتزم بها الصحفيين والمتعاملون معها. لكن مع تطور وسائل الإعلام تكنولوجياً أصبح هناك واقعاً جديداً أدى إلى إلغاء الحدود أو تجاوزها في كثير من الأحيان، حيث فقدت الصحف ووسائل الإعلام الأخرى وكذلك الصحفيين ميزة احتكار المعلومات ونقلها وتغير مفهوم الإعلام من حيث الشكل والمضمون وفي كثير من أبعاده وقضاياه بعد ظهور وإنتشار ثورة الاتصال والمعلومات، وأصبح هناك خلط كبير بين الكثير من المصطلحات مثل: الصحفى، والناشط الإعلامي، والمدون، والكاتب، وظهر ما يسمى بالمواطن الصحفي الذي صار في بعض الأحيان من أهم مصادر المعلومات للمؤسسات الإعلامية خاصة أثناء الأزمات المفاجئة مثل الكوارث الطبيعية أو الإضطرابات السياسية وكذلك الحروب وغيرها من الأماكن التي يصعب على الصحفيين الوصول إليها بالسرعة المطلوبة. إن مفهوم الناشط السياسي اختلط كثيراً بمفهوم الصحفى وذلك من خلال الهدف العام لكليهما وهو إيصال رسالة أو فكرة معينة لقطاع واسع من الجمهور، لكن الناشط السياسي لا يتقيد بمهنية وموضوعية العمل الصحفي كونه يسعى إلى هدفه من خلال تبني موقف سياسي معين، كما أنه لا يجيد سوى كتابة ما يقتنع به من وجة نظر سياسية ويكون بعيداً عن التدرج الذي يكسبه خبرة العمل الصحفي. ويرى كثير من الخبراء إضافة للتطور التكنولوجي أن هذا الخلط أتى نتاج للتغيرات السياسية والاجتماعية التي صاحبت ما يسمى بثورات الربيع العربي حيث اختلط على الصحفيين التفرقة بين إنتماءهم السياسي والمهني فتجد البعض مشاركاً في المظاهرة السياسية وفي نفس الوقت يقوم بتغطيتها باعتبار أن الكتابة جزء من نشاطه العادي حتى وإن كانت لصالح محطة إعلامية معينة. ومما لا شك فيه أن الفكر الأيدولوجي للصحفي يؤثر بشكل أو بآخر على عملية إنتقاء المعلومات ونقل الخبر، فعندما يضع الصحفي عاطفته وموقفه السياسي في مضمون رسالته الإعلامية التي يسعى إلى توصيلها للمتلقي يصبح لا فرق بينه وبين الناشط السياسي لأنه فقد أهم صفات العمل الصحفي وهي المصداقية والحيادية في نقل المعلومة، تقمص الأدوار هذا يؤدى إلى الخلط والالتباس بين المهنة والانتماء، فالصحفي الحقيقي يجب أن يفصل بين مهنته الصحفية وإنتماءه السياسي، والجدير بالذكر هنا أن الصحفيين الأكبر سناً يميلون دائماً إلى التفريق بين الأخبار والآراء، في حين أن الصحفيين الأصغر سناً يميلون إلى الخلط بين آرائهم الخاصة والعامة. ونختم هذا المقال بجزء من مقال كتبه مراسل موقع Marketplace لويس والاس على مدونته الشخصية بعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية بعنوان: "ماتت الموضوعية، ولا مشكلة لديّ في ذلك" قال فيه: "تناولت وسائل الإعلام أخيراً قصص المتحولين جنسياً، لكن النقاش يدور حول السماح لهم بالعيش والمشاركة في المجتمع واستخدام المنشآت العامة وعدم التعرض للتحرش والطرد وحتى القتل من عدمه، من الواضح أنني لا أستطيع أن أكون محايداً أو وسطياً في نقاش حول إنسانيتي نفسها". د. آدم أحمد آدم أستاذ الإعلام والاتصال المساعد - جامعة أم درمان الأهلية


صحافي، ناشط سياسي، رسالة إعلامية، ربيع عربي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع