العلم والعلماء في العالم الإسلامي
بنطالب مولود | BENTALEB MOULOUD
10/12/2023 القراءات: 1242
تعتبر المعرفة مظهرا من مظاهر كل أمة الحضارية بل لعلها أهم تلك المظاهر وأبعدها أثرا، لأنها الوعاء الذي يضم ثمرات عقول أبنائها وإبداعاتهم في مختلف مناحي الحياة، وقد كان العلم صورة مشرقة في قلب الأمة الإسلامية التي كان أول ما تنزل من وحي السماء على نبيها عليه السلام"اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم"، فبدأت هذه الآيات بالقراءة وانتهت بالكتابة، وهي نعمة من أجل النعم على خلق الله. وكانت نهاية القرن 1ه وبداية القرن 2ه مسرحا خصبا للفكر الحضاري الصادر عن منطق إسلامي، وسنوضح ذلك بأسماء لمعة من صفوة العقول الإسلامية المفكرة، ونقتصر هنا على ذكر حياتهم العلمية ومؤلفاتهم:
* الكندي: أول عالم العرب برع في الطب والهندسة والحساب والفلسفة، وقد أورد ابن النديم تأليف الكندي التي بلغت أكثر من 20 رسالة كلها في الطب منها رسالته في الطب البقراطي ورسالته في تدبير الأصحاء، ورسالته في كيفية الدماغ، وقد زادت مؤلفات الكندي على 300 كتاب، الشيء الذي يدل على ثقافته المتعددة الأصول المتنوعة الروافد، ومن كتبه المطبوعة: "رسالة في التنجيم"، السيوف وأجناسها"، "القول في النفس"، رسائل الكندي في جزأين"، "رسالة الأدوية المركبة"، "رسالة في الموسيقى"، و"الشعاعات".
* الطبري: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الشهير بالإمام الطبري، مؤرخ ومفسر وفقيه مسلم صاحب أكبر كتابين في التفسير والتاريخ. بدأ الطبري طلب العلم بعد سنة 240ه وأكثر الترحال ولقي نبلاء الرجال، قرأ القرآن ببيروت على العباس بن الوليد ثم ارتحل منها إلى دمشق والمدينة المنورة ثم الري وخراسان، واستقر في أواخر أمره ببغداد. تعرض الطبري لمحنة شديدة في أواخر حياته بسبب التعصب المذهبي. وكان الطبري من أكثر علماء عصره نشاطا في التأليف، أشهر مؤلفاته تفسيره المعروف بتفسير الطبري وكتاب تاريخ الأمم والملوك ويسمى تاريخ الطبري، و" كتاب آداب النفس الجيدة والأخلاق النفيسة"، "اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام"، "آداب القضاة، "آداب النفوس"، "آداب المناسك"، "جامع البيان عن تأويل أي القرآن"، "صريح السنة"، "فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما"، "ذيل المذيل".
* عز الدين أبي الحسن علي الشيباني البكري الوائلي (555-630ه) المعروف بابن الأثير الجزري: مؤرخ عربي إسلامي كبير، عاصر دولة صلاح الدين الأيوبي، ورصد أحداثها ويعد كتابه الكامل في التاريخ مرجعا لتلك الفترة من التاريخ الإسلامي. ولد علي بن أبي الكرم محمد بن محمد الشيباني البكري الوائلي في 4 من جمادى الثانية سنة 555ه بالجزيرة المسماة في المصادر العربية بجزيرة ابن عمر، وتسمى أيضا جزيرة الأكراد أو جزيرة بوطان وهي داخلة ضمن حدود الدولة التركية حاليا في أعالي الجزيرة السورية. ومن مؤلفاته نجد: "الكامل في التاريخ"، "التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية"، "أسد الغابة في معرفة الصحابة"، "اللباب في تهذيب الأنساب".
* الفارابي: يمثل قمة الفكر الإسلامي في القرن 4ه، وقد أحصى القفطي كتب الفارابي ب 69 كتابا في الفلسفة والمنطق وعلم النفس والرد على بعض المذاهب وكتابا في الرؤيا، لكن المعروفة منها هي: "آراء أهل المدينة الفاضلة"، "إحصاء العلوم"، "أفلاطون وأرسطو"، "تحصيل السعادة"، "التعليقات"، "الجمع بين رأيي أفلاطون وأرسطو"، "رسالة في العقل"، "رسالة في فضيلة العلوم والصناعات"، "مبادئ الفلسفة القديمة"، "الموسيقى".
* أحمد بن محمد بن يعقوب مسكويه: برع في ميادين المعرفة مثل الأخلاق وعلم النفس والأدب والتاريخ والكيمياء والفيزياء والرياضيات، وكان مسكويه خازنا لمكتبة ابن العميد فأفاد منها كثيرا وهي تحتوي على كل نفيس من الكتب والمعرفة، وله العديد من الكتب التي لاقت شهرة كبيرة لدى الخاصة والعامة وحرص على اقتنائها وجمعها لنفاسة موضوعاتها، ومن أهم كتبه المطبوعة: "كتاب السعادة"، "كتاب تجارب الأمم"، " وصية مسكويه"، ولمسكويه عديد من المؤلفات المخطوطة تقدر ب 15 مخطوطة.
* الغزالي: له كتاب "إحياء علوم الدين" الذي أذاعه في الناس في القرن 5ه (1106م)، وهناك روايات تشير إلى المتعصبين من أهل السنة في الأندلس أحرقوا كتبه.
* ابن سينا: وضع رسالة رمزية صوفية بعنوان: "حي يقظان"، وله كتاب" رسالة في أقسام العلوم العقلية"، رغم أنه لم يدخل التاريخ في بحثه الشامل للعلوم، كما أن التاريخ لم يحظ بالالتفات للمصنفات المتأخرة التي وجدت بتأثر ابن سينا كالتي وجدت في جامع مع بيان العلم "لابن عبد البر، و" الكمامة" لابن بدرون وهو كتاب تاريخي، وابن الذهبي الذي اشتهر بسبب إنتاجه التاريخي.
* ابن رشد: أحد المفكرين المسلمين، عمل على شرح كتب أرسطو التي فتحت للغرب مغالق الفلسفة الهيلينية، ونقلها ميخائيل الاسكتلندي إلى اللاتينية سنة 1230م، وسعى في مصنفاته إلى التوفيق بين العقيدة الإسلامية ونتائج الدراسات الفلسفية.
* ابن خلدون: أحد المؤرخين المسلمين ومفكريهم، شرع في سنة 1378م في تأليف تاريخه العام في قلعة ابن سلامة طيلة 4 أعوام، استهوته خزائن الكتب بتونس فسار إليها، فتفرغ لكتابة تاريخ البربر، وألف ابن الأحمر كتابه تاريخ غرناطة.
* ابن بطوطة: المولود في طنجة، خرج سنة 1325م إلى مكة حاجا، واستغرقت أسفاره 25 سنة فجاب فارس وآسيا وشبه جزيرة القمر والهند وبلاد الزنوج، وعاد إلى مراكش حيث أملى وقائع أسفاره على أحد الكتاب تاركا له صياغتها اللغوية والبيانية.
* ابن حزم: ولد سنة 994م، له مؤلف كبير "الفصل في الملل والأهواء والنحل" وهو كتاب فريد في الإنتاج الديني التاريخي والأدب العالمي عرض فيه لمختلف الفرق الإسلامية وللديانتين اليهودية والنصرانية بأقصى النقد منددا بأصحابها، كما وضع عددا من المؤلفات الفقهية.
نستخلص أن تاريخ العلم والعلماء في العالم الإسلامي لازال يحتاج إلى مزيد من جرد للأعلام وتأليفاتهم التي أعطت الكثير من المعرفة للساحة الثقافية والفكرية العربية، وأتت بالنفع على الشعوب الإسلامية.
العلماء، المؤلفات، العالم الإسلامي.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع