مدونة د.ابوبكر احمد عبدالعال بغدادى
منهج الدكتور فوزى عيسى فى تحقيق كتاب رسائل اندلسية
د.ابوبكر احمد عبدالعال بغدادى | Aboubkr Ahmad Abdel all Boghdady
14/06/2021 القراءات: 1685
إن أول مايلفت نظرنا فى هذا العمل هو وصف المخطوطة ، ومنهج التحقيق فى المقدمة ، فيقول أستاذنا : " اعتمدت فى تحقيق هذه الرسائل على النسخة الوحيدة المحفوظة فى مكتبة الإسكوربال ، ورقمها ( 538 ) ومنها نسخة مصورة بمعهد المخطوطات العربية برقم 400 أدب ( 107 توحيد ) صورت فى عام 1949 " ( ).
وفيما يتصل بالمخطوطة فيقول أستاذنا : " أنها بدأت برسالة لأبى حيان التوحيدى " ( ) ، ولكن أستاذنا أسقطها من الكتاب لأنها تبدو بعيدة عن هذا القسم من الرسائل ، وليحافظ على طابعها الأندلسى ووحدتها الموضوعية .
وقد اعتمد على مخطوطتين آخرتين فى توثيق الرسائل المشتركة ، وهما ترسل ابن أبى الخصال نسخة مصورة بمعهد المخطوطات العربية عن نسخة الأسكوربال ، وتحمل رقم ( 519 أدب ) ، والمخطوطة الثانية ، فهى مجموعة رسائل آخرى محفوظة فى دار الكتب المصرية برقم ( 4650 أدب طلعت ).
وقد أضاف أستاذنا فى الحواشى شروحاً لغوية لما استغلق من ألفاظ معتمداً فى ذلك على لسان العرب ، والصحاح ، وقد قام أستاذنا بتخريج كثير من الشواهد الشعرية التى تمثل الكُتَاب بها ، وهناك شواهد لم يتمكن من تخريجها ، وذلك لأنه من نظم كُتَاب الرسائل أنفسهم ، أو لعدم ورودها فى المصادر الأدبية ، والدواوين المعروفة .
أهمية هذا الكتاب:
وعن اهمية هذا الكتاب يحدثنا كاتبنا قائلاً : " إنه يضم خمساً وأربعين رسالة ، ومقامتين ، وهذه الرسائل تصور مرحلة من مراحل تطور النثر الفنى فى الأندلس ، وهى تشير إلى اقتفاء كُتَاب الاندلس لمدرسة النثر المشرقى " ( ) .
تصنيف الرسائل وتحليلها:
وهذا أول ملمح من ملامح النقد فى هذا العمل فقد أقبل المحقق على تحقيق الرسائل ن وفى ذهنه هدف محدد ، وتمثل هذا الهدف فى أن يقدم هذه الرسائل فى شكل صالح للقراءة ، وأن أعين القارئ على استيضاح طريقة غمارها .
وكانت اولى ملاحظات أستاذنا العزيز تاكيده على الهدف الذى ينشده من نشر هذه الرسائل وإذ به يتفرع إلى فرعين هما :
1. تقريب الرسائل إلى القراءة
2. وضع النص فى صورة معتمدة
من هذا الهدف نرى أستاذنا الناقد لا يتوقف أمام النص جامداً ولا يعنيه إلاَّ إخراجه بصورة قريبة مما أراده مؤلفه ، وهو مادرج عليه المحققون ، ولم يطالبهم أحد بسواه .
الرسائل السياسية:
وفى مجال الرسائل السياسية قام كاتبنا بتوثيق هذه الرسائل قائلاً : "إن أغلب الرسائل السياسية الواردة بهذا المجموع تنتمى إلى عصر المرابطين" ( )، ومن الرسائل السياسية الهامة الرسالة ( 2 ) فى هذا الكتاب ، " وقد لاحظ أستاذنا أن صاحب المجموع قد وهم فذكر فى نهاية الرسالة أن كاتبها هو أبو عبدالله ابن أبى الخصال ، والصحيح الذى أثبته أستاذنا أنها لأخيه أبى مروان ابن أبى الخصال" ( ) .
رسائل الجدل والمناظرة:
ويرى أستاذنا أن صاحب المجموع احتفى بهذا اللون من الرسائل ، ومن أمثلته رسالة ابن غرسية ، وبعض ردود الكتاب عليها ، وكذلك رسالتان متبادلتان بين راهب فرنسا والمقتدر بالله صاحب سرقسطه .
ويشير أستاذنا إلى أن رسالة ابن غرسيه ماهى إلاَّ صدى للنزعة الشعوبية التى ظهرت فى الأندلس كما ظهرت فى المشرق من قبل ، ولكن شعوبية ابن غرسيةه مرتبطة بالعقيدة الإسلامية على العكس من شعوبية المشرق التى كانت ممتلئة بالملاحدة ، والذنادقة .
ويستشهد أستاذنا العزيز برأى " جولد تسيهر " فى إتجاه ابن غرسيه إلى الإشادة بالإسلام ، وبالنبى- صلى الله عليه وسلم – إختلافاً بين شعوبية أهل الأندلس ، وشعوبية المشارقة فيقول : " ويمتاز هذا الميل الشعوبى فى أسبانيا بحرصه على ان ينسجم مع العقيدة الإسلامية على حين نجد شعوبية المشرق على النقيض من ذلك ، إذ نرى ممثلى الشعوبية من الملاحدة ، والزنادقه فى أكثر الأمر " ( ).
ويرى أستاذنا أن ابن غرسيه لم يأتى بجديد فى رسالته من حيث المعانى أو الأفكار ، فقد سبق وترددت هذه المعانى على ألسنة الشعوبيين فى المشرق ، ويستشهد أيضاً على ذلك بما لاحظه جولد تسيهر من أن إبن غرسيه لم يأتى بجديد .
ويؤكد أستاذنا أنه لم يجد فى النثر الأندلسى قبل رسالة إبن غرسيه مثل هذا التفنن فى استعمال السجع ، أو التلوين فى الفواصل مستشهداً بقول الدكتور إحسان عباس : " بأن السياق العام فى هذه الرسالة يجعلها غربية الواقع والموسيقى بالنسبة للنثر الأندلسى فى ذلك العصر " ( ).
ويلاحظ أستاذنا أن رسالة ابن غرسيه قد أثارت حمية كُتاب الأندلس للرد عليها ليس فى العصر الذى كتبت فيه فحسب ، ولكن فيما تلاه من عصور ، ويرى أن صاحب المجموع " قد احتفظ بأربعة ردود عليها دون الإلتزام بترتيبها الزمنى فأورد أولاً رد الأديب ابن يحى بن مسعدة وهو موحدى " ( )، وهنا يلاحظ أستاذنا أنه كان من حقه أن يقدم عليه رد أبى الطيب بن من الله القروى والى جعفر احمد بن الدودين البلنسى ، ويعتقد أستاذنا أن الذى دفع صاحب المجموع إلى تقديم رد ابن مسعدة عليها كونه معاصراً له ، أو لأن رد ابن مسعدة أطول هذه الردود أتمها فأعجب به واستحسنه .
ويشير أستاذنا إلى أن صاحب هذا المجموع نقل رسالتى ابن من الله القروى ، وابن الدودين عن الذخيرة دون أن يشير إلى ذلك ، ويشير أستاذنا إلى أن الأستاذ عبدالسلام هارون قد سبقه إلى هذه الملاحظه فى كتابه ( نوادر المخطوطات صــــــ 1: 23 ) .
ويلحظ أستاذنا أن صاحب المجموع قد أردف رسالة آخرى لكاتب مجهول عنوانها " رسالة ثاية فى الرد على ابن غرسيه " ، ويرجح الأستاذ عبدالسلام هارون أن تكون هذه الرسالة من إنشاء ابن يحى بنمسعدة أيضاً ، ويبنى ترجيحه على مسألتين : ( )
إحداهما : التشابه الشديد بين أسلوب الرسالتين .
والآخرى : التقارب الشديد بين بعض العبارات مما ينطق بأن صاحبهما واحد .
ولكن أستاذنا العزيز يشك فى أن تكون هذه الرسالة لإبن مسعدة ، وذلك لعدة أسباب يوردها ، ومنها:
أن صاحب المجموع لم يشر إلى ذلك ، وكان بإمكانه أن ينص على ذلك لاسيما وأنه معاصر لإبن مسعده .
منهج الدكتور فوزى عيسى فى تحقيق كتاب رسائل اندلسية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع