مدونة أ.د/ خالد عبد اللطيف محمد عمران
ثورة المناهج التعليمية لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة رؤى مستقبلية
أ.د/ خالد عبد اللطيف محمد عمران | Prof. Dr. Khaled Ab El-Latif Mohmmed Omran
23/06/2021 القراءات: 4105
نعيش اليوم بدايات ثورة صناعية رابعة انطلقت مع بداية هذا القرن وعمادها الثورة الرقمية، وما يميزها هو انتشار شبكة الإنترنت في كل مكان، وظهور انترنت الأشياء، وظهور أجهزة الاستشعار المتقدمة والدقيقة والرخيصة، كما يميزها الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. تلك الثورة الصناعية الرابعة ليست معنية بالآلات والأنظمة الذكية فحسب، وإنما يتسع نطاقها لأكثر من ذلك بكثير، فثمة موجات من الإنجازات الهائلة التي تحدث في عدة مجالات بدءً من التسلسل الجيني وصولا إلى تقنية النانو والموارد المتجددة والحوسبة الكمية. هذا المزيج الذي يجمع بين تلك التقنيات وتفاعلاتها عبر النطاقات المادية والرقمية والبيولوجية هو ما يجعل الثورة الصناعية الرابعة مختلفة تمامًا عن سابقاتها.
فالثورة الصناعية الثالثة تمثل الرقمنة البسيطة من شبكة الإنترنت وطاقة المعالجة والقدرة علي تخزين المعلومات والإمكانيات الهائلة في الوصول إلي المعرفة، أما الثورة الصناعية الرابعة فتمثل الرقمنة الإبداعية القائمة علي مزيج من الاختراعات التقنية المتفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي من الروبوتات، والمركبات ذاتية القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا الفضاء الخارجي، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وتقنيات التعديل الجيني وغيرها، وبذلك فعلي الرغم من اعتماد هذه الثورة علي البنية التحتية وتقنيات الثورة الصناعية الثالثة إلا إنها تقدم طرقا جديدة تماما بحيث تصبح التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من المجتمع، وحتى جسم الإنسان.
وتمثل المناهج الدراسية في عصر الثورة الصناعية الرابعة أحد أهم الموضوعات المطروحة للنقاش منذ سنوات، فالرهان التعليمي هو أحد أهم الاستثمارات في المستقبل، لأن للمدرسة دورا هائلا في مجال "الثورة الرقمية الحديثة"، وبالتالي على المنظومة التربوية أن تواكب هذه الثورة على مختلف المستويات.
وقد تأثرت المناهج التعليمية بهذه الثورة الرقمية، فتخطت في بعض الأحيان أسلوب وطبيعة التعليم التقليدي الذي يقضي بذهاب الطالب والمعلم إلى الدراسة في مواعيد محددة، بحيث يمكن للطالب أن يحصل على البرامج التعليمية والمحاضرات واجتياز الامتحانات من أي مكان، فيما يعرف بالتعلم عن بعد، وهو ما يتوقع له أن يؤدي إلى تغيير النظرة الحالية عن أماكن التعلم ومكوناتها وطبيعة الموقف التعليمي. كما أن الاتصال والتفاعل سيتحول من التزامن عن قرب إلى التزامن عن بعد أو اللاتزامن، وهذا الأمر قد حدث بالفعل في بعض الدول فيما يسمى بالمدارس الافتراضية والجامعات الافتراضية، وهي مدارس وجامعات بدون مبان ولكنها تقدم خدماتها التعليمية من خلال الاعتماد على خدمات الانترنت في التعليم.
كما أن ما أفرزته الثورة الصناعية الرابعة من توجهات جديدة في التعلم تتطلب إتقان المتعلمين لمجموعة من المهارات تمكنهم من التعامل معها ومواجهتها، والتي تسمي بمهارات القرن الحادي والعشرين. ولقد حددها مشروع الشراكة لتنمية مهارات القرن الحادي والعشرين بإنها تتضمن مهارات التفكير الناقد وحل المشكلات والابتكار والابداع ومهارات الاتصال والتعاون ومهارات استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والثقافة المعلوماتية والاعلامية والمهارات الحياتية مثل القيادة والانتاجية والتكيف والمسئولية الشخصية والاجتماعية والتوجه الذاتي والقدرة علي التعامل مع الآخرين.
وفي النهاية فإن:
الثورة في التعليم، وليس مجرد التطوير أو التغيير، هو سبيلنا لدخول الثورة الصناعية الرابعة، ونحن قادرون على إحداث تلك الثورة في تعليمنا إذا تخلينا عن نمطيتنا في التفكير للتخطيط التعليمي، والنظر لاحتياجاتنا من التعليم في المستقبل بحيادية بعيدًا عن العاطفة والثوابت غير الحقيقية التي أعاقت تقدمنا لسنوات طويلة. وبالتالي يجب أن يشمل التغيير: المناهج، رفع كفاءة المعلم، تغيير طرق التدريس التقليدية جذريا، تحسين بيئة التعليم وتطوير أنظمته، وزيادة الاستثمار في المختبرات البحثية.
الثورة الصناعية الرابعة - حروب الجيل القادم - ثورة المناهج
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
موضوع متميز يا بروف خالد. فعلا نحن نحتاج ان نجدد مناهجنا بعد كل فترة ، وما كتبته هو المطلوب عمله الآن، ولاسيما أننا نعيش في عصر تسارع التقنية، فما يصلح الآن قد يترك غدا في مجال الطرائق والاستراتيجيات. فلا ثبات الا في مقتضيات العقيدة.