مدونة مصطفى العادل


أساسيات في فهم بيت المقدس

مصطفى العادل | Mustapha El adel


14/06/2020 القراءات: 1809  



كثيرة هي الأقلام التي تناولت قضية فلسطين، وكثيرة تلك التي خصصت مجالا واسعا للحديث على بيت المقدس، سواء من حيث التأريخ لأهم أحداثه والأمم التي شاء الله لها أن تترك بصمتها على هذه الأرض الشريفة، وسواء من حيث معالجة القضية باعتبارها قضية أمة، تحتاج للكثير من العمل من أجل تحرير القول والكتابة فيها عن الأقل، خاصة بعد الاحتلال الصهيوني الغاشم، وتجبره على أهلها، وتدنيسه لمقدساتها. فالقضية –إذا صح التعبير-قلنا: إنها قضية عالمية، ودراستها والإحاطة بها منكل الجوانب، تكاد تكون من المستحيلات، ما دامت أنها قضية مادة من الوحي خالدة وعالمية بخلوده وعالميته.
ومما لا ريب فيه أن هذه الدراسات وهذه الأقلام التي تجعل حظا للقدس فيما تخطه، نابعة من حبها لهذه الأرض الشريفة، وتشوقها إلى هذا البيت العظيم، فهي من جهة، نالت شرف التأليف فيها، وأجر التهمم بحالها من جهة أخرى، فعلينا احترام أهلها وتقدير ما توصلوا إليه، والتماس الأعذار على مستوى فهمهم للقضية، إلا أن ذلك لا يمنع أن نطرح ما نراه صالح لدعم القضية من حيث دراستها دون عزلها عن سياق الوحي وتاريخ الأمة.
ولعمري إن قضية فلسطين وبيت المقدس في القرآن الكريم، كافية لتأسيس نظرية شاملة قائمة بذاتها، والإجابة على كل الأسئلة التي تطرح بهذا الصدد تاريخيا، فالقضية جزء من هذا الوحي العالمي الخالد، وهو ما يعطي لها القيمة التاريخية والعالمية الخالدتين، ولعل هذا هو ما تحتاج إليه الدراسات والكتابات التي اهتمت بالقضية. بل الأكثر من ذلك أن هذه النظرة الشاملة غائبة حتى في تصور الانسان المسلم الذي يطرح قضية فلسطين والأقصى كجزء من اهتماماته ومشروعه.
ولعل المتأمل في واقع الانسان المسلم اليوم، يدرك دور وتأثير هذا التصور القاصر لقضية فلسطين في طريقة التعامل معها، وهذا التصور نفسه هو الذي نراه في مختلف المجالات، فكرية وعلمية وثقافية ولغوية، إذ العربي في قطيعة مهولة مع تراثه العظيم، مما يجعله منبهرا أمام كل ما يصل إليه الآخر من تقدم اعلامي وتكنولوجي.
إن الواجب على الدارس الغيور على وضع الأمة، إعادة ربط الصلة بين حاضر الأمة بماضيها، ومحاولة فتح اشكالات اليوم المستغلقة بالنظر فيما مرت منه الأمة من انهزامات وانكسارات، أسهمت بشكل أو بآخر في بناء تصور الإنسان الإسلامي لمجموعة من القضايا المصيرية، ولعل هذا التخلف، وهذه القطيعة هي التي جعلت كثير من الدارسين اليوم يتعاملون مع بيت المقدس وينظرون إليه من وجهة الآخر الغربي.
وغير خاف أن عددا كبيرا من أبناء الأمة لا يعرفون شيئا عن قضية الأقصى، ولا يهمهم بما تعيشه غزة، وكأن الأمر لا يهمهم، وجزء آخر ممن يكتبون ويدافعون عن الأرض المباركة، تراهم يطالبون باستقلال فلسطين وتخليصها من الطغيان الصهيوني وتمتيع الفلسطينيين بالصلاة في الأقصى، ويرون أن ذلك لا يحتاج إلا لقوة عسكرية، وكأن فلسطين شأنه شأن باقي البلدان التي تعرضت للجبر والظلم والطغيان.
إن قضية فلسطين بمقدساتها وأرضها وأهلها، ينبغي أن تطرح في الساحة الفكرية والثقافية للأمة، فهي الأمة إما أن تكون أو لا تكون، ثم ينظر إليها بمنظار شامل، ودون فصلها عن سياقها الديني والتاريخي للأمة، فالمتأمل في كنه هذه الحقائق يدرك الشرخ الواضح بين فلسطين الحقة -في كتابات أبناء الأمة-، وبين ما ينبغي أن يكون.
وجدير بالذكر أن فهم هذا التصور بهذا الشكل، سبيل لفهم شامل وواسع لقضية فلسطين وبيت المقدس، ومن ثمة سبيل لإعادة النظر في طريقة التعامل معها سواء في التعليم والتعريف بها، أو في الكتابة عليها والدفاع عنها، وإن هذه المسؤولية العظيمة والأمانة ملقاة على أعناق الأقلام والوسائل الحرة الصادقة، التي دافعت وما تزال تدافع على القضية بشكل من الأشكال، وعلى الأمة أفرادا وجماعات تنشئة جيل قادر على استيعاب القضية في شموليتها وعالميتها.










بيت المقدس، التاريخ، المعرفة، فلسطين،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


والله لن أنسى مسجدنا الأقصى والله لن أنسى قبة الصخرة ، والله لن الأرض التي باركها الله من فوق سبع سماوات ، وأتمنى من المنصة مستقبلا أن تخصص الكتابة عن المسجد الأقصى


بارك الله فيكم دكتورنا العزيز