أهمية تدريس علم الكلام في الجامعات الإسلامية
رعد حميد توفيق البياتي | raad hameed tawfeeq
12/16/2019 القراءات: 4821
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين . وبعد:
فمن المعروف أن علم الكلام يبحث عن العقائد الإسلامية من ناحيتين إحداهما: التعريف بالعقائد. والأخرى: إقامة الأدلة على حقيقتها ووجوب التدين بها. ولكل من التعريف بالعقائد أو إثباتها أهمية كبيرة تعتبر أصلاً في هذا الدين، فالمراد بالعقيدة كل ما يتدين به الإنسان ويعتقده حقاً من قول أو عمل، ومهمة المتكلم هي الدفاع عن الدين بحماية أصوله وأحكامه وما يمتاز به من قيم ومشخصات. ولا شك أن هذه المهمة هي أشرف الغايات وأهمها، وأن هذه الأهمية ترجع إلى الشخص في نفسه وفي نفع غيره وفي حماية أصول الدين وفروعه ويمكن إرجاع أهمية تدريس علم الكلام إلى المحاور التالية:
المحور الاول: علم الكلام كان محاولة للتصدي للتحديات التي فرضتها التقاء الديانات القديمة التي كانت موجودة في بلاد الرافدين أساسا (مثل المانوية والزرادشتية والحركات الشعوبية). حيث ظهرت فرق عديدة بعد وفاة نبي الإسلام محمد، مثل: المعتزلة والجهمية والخوارج والزنادقة والمجسمة. فكانت نشأة علم الكلام في التاريخ الإسلامي نتيجة ما اعتبره المسلمون ضرورة للرد على ما اعتبروه بدعة من قبل هذه الطوائف وكان الهدف الرئيسي هو إقامة الأدلة وإزالة الشبه.
المحور الثاني: أهميته بالنظر إلى الشخص في قوته النظرية، وهي الترقي من حضيض التقليد إلى ذروة الإيقان. يقول الله تعالى : "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات "أما في قوته العقائدية فغايته تحلية الإيمان بالإيقان بأن يصير الإيمان والتصديق بالأحكام الشرعية متيقناً محكماً لا تزلزله شبه المبطلين، ولعل تحصين عقائد المسلم بهذا العلم في غاية من الأهمية خاصة في هذا الزمان الصعب الذي تكثر فيه الانحرافات والدعوات الباطلة وذلك أن للقوة العلمية للعقيدة الإسلامية وبقية العلوم الشرعية أثرها الكبير في تمسك الناس بدينهم وثباتهم عليه.
المحور الثالث: أهميته بالنسبة إلى أصول الإسلام، وهي حفظ قواعد الدين عن أن تزلزلها شبه المبطلين. والأصل في ذلك أنه لا يخلو زمان عن وجود مبتدع أو معاند يتصدى لإغواء أهل الحق بإفاضة الشبه فيهم، فلا بد ممن يقاوم شبهه بالكشف وإغواءه بالتقبيح ولا يمكن ذلك إلا بهذا العلم، خاصة في زماننا الذي تكثر فيه هذه الشبه المغرضة والدعاوى المنحرفة التي تقصد صد المؤمنين عن دينهم والتي يتصدى لنشرها التيار اللاديني أو العلماني وبأساليب مخادعة تحتاج في الكشف عنها وإبطالها إلى متكلم حقيقي متقن لهذا العلم بالمفهوم الذي ذكرناه سابقاً.
المحور الرابع: أهميته بالنسبة إلى الشخص في قوته العملية. وهو صحة النية في الأعمال وصحة الاعتقاد بقوته في الأحكام المتعلقة بالأفعال إذ بها، أي بهذه الصحة في النية والاعتقاد يرجى قبول العمل، ولا يمكن ذلك إلا باعتقاد العقيدة الحقة التي تثبت بهذا العلم خالية عن شوائب الفرق المبتدعة ومقولاتها الفاسدة، وفي هذا المقام يقال: "المسلم له قوتان: قوة في دينه وقوة في عقله. وبعد اقتناع المسلمين المتعلمين بعقيدة الإسلام اقتناعاً يتفق مع العقل والعلم الصحيحين يكونون مسلمين حقيقيين ويسهل لهم الحصول على ما يحتاجون إليه أيضاً من العمل بأحكام الشريعة الإسلامية. إذ العمل مبني على العقيدة التي لا يتعب بها الإنسان أصلاً بعد استيقانها لعقله وفهمه، بل يكون له منها قوة ينشرح بها صدره ويستعين بها على القيام بالناحية العملية التي ليست بسهلة، وبانضمام العمل إلى العقيدة يحصل الكمال في الإسلام وينتفع المسلم العامل بدينه في الدنيا قبل أن ينتفع به في الآخرة، والمسلمون في زماننا يتلاومون فيما بينهم بالتقصير في العمل عازين إليه تأخرهم المشهود مع أن تقصيرهم في العقيدة التي لا تقبل التقصير أصلاً أشد من تقصيرهم في العمل. وهو داؤهم الذي أصيب به الكثرة الساحقة من مثقفيهم، فعاقهم عن الصلاة والصيام وعاق حكومتهم عن العمل بقانون الإسلام… فهم خارجون على الإسلام نفسه من ناحية العقيدة أي ناحية الإيمان به الذي هو أساس العمل بأحكامه، ولهذا سهل عليهم التغيير في أحكامه العملية.
المحور الخامس: أقوال العلماء في مشروعية علم الكلام، اذ عرفت مما سبق أن غاية علم الكلام هي التوصل إلى إثبات العقائد الدينية بالأدلة القطعية؛ بمعنى أن الغاية من هذا العلم في أصلها ترجع إلى وجود الحاجة التي تقتضي الاشتغال بالعقائد الإيمانية من هذه الناحية. ولا شك أن هذه الحاجة لا تنفك عن كونها إما حاجة إيمانية أو حاجة دعوية أو حاجة علمية. والإسلام في حقيقته وما يتفرع عنه يقوم على هذه الأركان الثلاثة، فالعلم هو الأصل والإيمان لازم عنه مترتب عليه والدعوة وما يلزم عنها متفرعة عنهما.
اهمية دراسة علم الكلام
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع