مدونة الكاتب محمد آيت علو


أزمة استهلاك كتب العلوم الإنسانية الضخمة رغم تحديات حضارة عصرنا.

الكاتب محمد آيت علو | AIT ALLOU MOHAMED


11/3/2020 القراءات: 3477  


لم يفرض على عصرنا تغيير الشكل والمضمون فحسب بل أيضا الحجم. إن بعض الكتاب الجيدين قد حُكِم عليهم ببعض الإهمال بسبب حجم أعمالهم الفكرية والأدبية. حتى كتب العلوم الإنسانية الضخمة تشملها أزمة عدم الاستهلاك، على الرغم من حاجتنا الملحة التي تفرضها علينا حضارة عصرنا. لقد صار اليوم كتابة أو قراءة رواية في حجم "دون كيخوطي"، الحرب والسلم، البؤساء، الدكتور زيفاغو، والمثقفون ل"سيمون دو بوفوار" واسم الوردة "لأمبر طو إيكو" فهي مغامرة مجنونة، إذا وجد من يقرأها اليوم. ثم ليس دائما صعوبة الفهم وحدها، إذ من طبيعة الناس أنهم " لايقدرون إلا ما يذهلهم وما لا يفهمونه بوضوح" كما يقول "ديكارت" في خطاب لصديقه "شانو" ، هذه الظاهرة حدثت في معظم الأشياء التي أوجدتها حضارتنا، في الموجودات كلها، الأشياء الضخمة قد نعجب بها، لكننا لا نتعامل معها بحب كما نتعامل مع الأشياء الصغيرة لأن الطفولة البشرية ما زالت تحبو في أذهان الناس العاديين، مطلوب منا أن نعود أنفسنا على الإيجاز أكثر من الإسهاب والإطناب " أن نختصر عشر سنوات من العاطفة في كلمة" كما قال كاتب أمريكي في القرن التاسع عشر، العمل الضخم مادي أو معنوي، يُهْول فينا الإحساس بالفناء السريع، يلتهم حياتنا. حياتنا نحسها أحيانا، كقطعة من الثلج تطفو على الماء، تحت شمس محرقة أو فوق نار، نسبية الزمن تستهلك حياتنا في وحدة ضخمة تتضاءل معها اهتماماتنا للأشياء الأخرى التي نحرص على ألا تفوتنا تجربتنا معها. لكن هناك ذوي الاهتمام الواحد. إن هؤلاء غالبا ما ينتهي بهم نزوعهم "الوحدوي" إلى نوع من جنون الأنانية الفكرية.
إننا نحيا لتمديد تجاربنا ما أمكن، والإسهاب والتضخيم، مهما تبلغ قيمتهما الفكرية والمادية يقصران حياتنا المعنوية والمادية، إن طبيعة التطور تجرفنا إلى التضاؤل والتلاشي في كل شيء، طبيعتنا البشرية، لغتنا، مصيرنا، وربما يتحقق تلاشينا في قوة سالبة لنعيش حياة الأرواح المتماوجة في الكون.
لا ننكر حبنا لازدواجية الأحجام الضخمة والضئيلة المتأصلة فينا، لكن ميلنا لشكل الشيء هو الغلاب أكثر مما هو مضمونه، لابد أن لهذا الازدواج علاقة أيضا بنسبية زمنيتنا الفردية والجماعية، الشخصية والحضارية.
من البديهي أن علاقتنا بالأشياء أبدية إلى أن يتم تلاشينا في الكون كما يتنبأ المستقبليون...هناك موجودات تظهر وأخرى تختفي لتأخذ مكانها في مقبرة تاريخ الأشياء.
إننا لا نستطيع أن نقبض على كل شيء في الوجود، نستطيع القبض على بعض أفكارنا، لكن تظل هناك حركات وأوضاع وأفعال ربما أهم، هناك أفكار تفلت من الكلمات وكلمات تتهاوى قبل أن تتلقى صدمة الأفكار لتتم عملية الاحتواء.
حركات وأوضاع وأفعال تختفي قبل أن نتمكن من القبض عليها وحبسها في قمقم الكلمات. وحين نجد أنفسنا في دوامة السلب نصرخ محتجين: - غرابة، غريب هذا الشيء...
لسنا ملزمين فقط بكشف الأشياء وتسميتها، إنما أيضا بالحكم عليها، ولن يتم لنا هذا الحكم إلا بتحليلها وفهمها، لكن كيف؟ "إنك تستطيع أن تفهم الأشياء عن طريق التفكير فيها"، لكن توجد أشياء نفكر فيها ولا نفهمها، إنها تصيبنا بالدوخة الفكرية كلما فكرنا فيها ...
التساؤل لايكفي، نحن مطالبون بأن نتجاوز عجزنا أمام كل ما يصيبنا بالدهشة والدوخة...إن العرض الظاهري للأشياء يتطلب تحليلا يعطي نتائج، لكن هل كل النتائج مقنعة؟
أهي مطلقة أم نسبية ؟بالتجربة ندرك أننا مطالبون في حالة تجاوز دائم بالتصحيح والمواكبة والإضافة والتعديل...يعني تجميعنا ذهنيا لفهم الشيء الذي لم يستو بعد، إننا حين لا نوفق إلى إيجاد الكلمات القوية والمعبرة التي تسوي لنا بنية الفكرة فذلك يعني أن فكرتنا عن الشيء مهددة بالانهيار.
بالتجربة نعرف أن جوهر الفكرة أبقى من بنية شكلها، إنها الروح في الجسد، العالم يفلت منا باستمرار، والابداع والفن يحاول القبض على هذا الإفلات، نحن حين نستعيد هذا العالم الهارب منا لانضعه في صورة مؤطرة ونحتفظ به كذكرى، إن مادته تتحول كأي معدن ينصهر وتعاد صياغته في شكل يلائم عصرنا وما سيأتي بعدنا.
إننا نجعل من الوسائل أشياء ومن الغايات قيم هذه الأشياء: نستمد وجودنا من هذه الأشياء. لكننا نسند وجودها بقدر علاقة وجودنا معها. لكن ماهيتها لا تتحقق إلا بقدر اصطدامنا بها ...


الأعمال الضخمة مادية أو معنوية، تورث فينا ا الإحساس بالفناء السريع.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


ياسمين عبد الحميد حجازي ما بين الواقع والأحلام تخلق الآلام صباح الخير


Zeinab Elkhyat مبدع · رد · 5 ي Ahmed Nira حياك الله اخي الكريم. · رد · 5 ي Khã Ďija · رد · 5 ي Sabah Saidia دمت متألقا ربما تحتوي الصورة على: ‏نص مفاده '‏صباح الورد‏'‏ · رد · 5 ي حبيبة أمي · رد · 5 ي Ghizlane Sadik اجمل تحليق......حر بين الكلمات · رد · 5 ي سيمو عامر (سي محمد ) لا أجد الكلمات التي تليق بمقامك وشخصيتك الراقية ،،،، سوى المنشور روعة والناشر أروع 👍👍👍 أتمنى لك دوام التوفيق والنجاح في حياتك العملية والعائلية إن شاء الله · رد · 4 ي Yasmin Nouinou استاذي رائع جدا اتنمنى لك مسيرة موافق · رد · 4 ي Nadia Darhour كلمات رائعة،مزيدا من التألق في سماء الشعر الراقي · رد · 4 ي Noudi Mahfoud الله الله ...لقد كتبتِ وابدعتِ كلماتكِ رائعه في معانيها دائمآ في صعود للقمه استاذنا الفاضل


آه ايها المبدع من الآه. إغراء الحرف يتبعه نسج قصيدة مغامرة .. كما تقول تتصاعد فيها الانفاس نزولا وهبوطا مع القلم .. في محراب تامل الكلمة .. والسير عمقا نحو الاعماق لتولد بالنسج حرة تجاري أخواتها .. لتصل بك نحو الغبطة المنشودة .. ها أنت ثثيرها في نفسي من جديد لتحلق في عالمي الخفي الغربب .. غريب ربما حتى عني .. للابداع مكان وزمان لا يحدده إغراء ولا تلوين انما شئ خفي اعظم وأعظم من إحساس بشئ ما قد يدكيه فرح وقد يسلبه حزن لا منتهي.. حقيقة . اسعدتني بهده الاطلالة وجدبتني اللحظة لهده العبارة . أحييك 👍🌷المبدعة: الكاتبة لمياء بدر.