مدونة سيد محمد أحمد عيسى مصطفى أحمذي
الفتوى في النوازل الشروط والضوابط2
سيد محمد أحمد عيسى مصطفى أحمذي | Sidi Mohamed Ahmed Issa Moustapha Ahhmedheye
10/9/2020 القراءات: 4030
المحور الثاني: النوازل:
النوازل جمع نازلة، وهي اسم فاعل من النزل وهو الحلول والوقوع، وأصل النزول الانتقال من أعلى إلى أسفل، وتطلق النوازل في الاصطلاح على إطلاقين: إطلاق عام، والمراد به كل حكم شرعي لم يعرف حكمه صراحة من كتابة أو سنة، واحتيج في حكمه إلى استنباط ومزيد علم، سواء كان ذلك الحكم نازلة في الحال، أو قد نزل في الماضي، وكتب النوازل، والفتاوى مليئة بهذا الجنس، وتسمى بهذا الاسم. وعلاقة المفتي بهذا النوع من النوازل في الغالب نقل الحكم الذي أفتى به السابقون فيها، ما دام لم يتغير تغير في سياق تكرر النازلة.
وأما الاطلاق الثاني، فيراد به النازلة التي حلت بالناس في زمن معين، وليس لها حكم صريح من كتاب وسنة، ولا من كلام المتقدمين من العلماء.
وهي المقصودة غالبا في الحديث المعاصر عن النوازل، وهي التي يتوجه الحديث إليها.
وهذه النوازل تحتاج نوع اجتهاد، والاجتهاد قد خيض في المطلق منه أموجود أم مفقود؛ ورغم ذلك فقد ظل العلم يتجدد، وظل العلماء (حتى القائلون منهم بغلق باب الاجتهاد) ينظرون في النوازل، ويفتون فيها، حسب سياقهم الزماني والمكاني. والدارس لكلام علماء بلادنا (شنقيط – موريتانيا) الأقدمين، يدرك أنهم مارسوا مستويات كثيرة من الاجتهاد في نوازلهم التي نزلت بهم، وقد نبه لذلك الشيخ محمد المامي في كتابه: "البادية" خير تنبيه، وناقشه أفضل نقاش، فليرجع إليه من شاء ذلك.
لذلك نحتاج في هذا السياق إلى التأكيد على بعض المقدمات، ومنها:
1. أن النازلة لله فيها حكم، مهما كانت، علمه من علمه وجهله من جهله.
2. أن هذا الحكم يجب على العلماء الراسخين في العلم استنباطه واستخراجه.
3. أن غير العلماء لا حق لهم في الإفتاء مهما كان، سواء قلنا بفتح باب الاجتهاد أو بغلقه.
4. أنه على افتراض غلق باب الاجتهاد، فإن المعتمد من كلام أهل العلم أن الاجتهاد يتجزأ فيمكن لأهل العلم ممن لم يصل لمنتهى درجة الاجتهاد، أن يأخذ منه بحسب حاجته وطاقته بعض العناصر المعينة على التصور والتصديق، فيأخذ بتحقيق المناط، وتنقيح المناط، فيصل بذلك إلى الحكم.
5. وأيضا فإن الاجتهاد المعاصر في زمننا مال إلى الأخذ بالاجتهاد الجماعي، وهو على كل حال أفضل من الاجتهاد الفردي، ومن طعنوا فيه من الأقدمين محجوجون فيه بممارسة علماء السلف له من زمن الصحابة، فقد كان عمر يجمع أهل الشورى ويستشيرهم في الأحكام، وقد كان اجتماع سقيفة بني ساعدة اجتماعا من أجل اجتهاد جماعي، وكذلك اجتماع عمر بالصحابة في شأن سواد العراق، وكذلك اجتماعهم مع أبي بكر في شأن أهل الردة، وقد روي عن عثمان أنه لم يكن يبت في حكم حتى يسأل أربعة من الصحابة يستحضرهم لذلك.
فلذلك يمكن أن نعوض نقص العلم والفهم في الأفراد المعاصرين باجتماعهم اجتهاديا في النازلة، على أن غلق باب الاجتهاد عن المؤهلين له اجتهاد في حد ذاته، ولا يرفع النص بالاجتهاد.
الفتوى، النوازل، الفقه، الشروط، الضوابط
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة