مدونة أ.م.د. مهند موسى كريم


سحر الكيمياء..كيمياء الحب - المشاعر- العواطف - الجسد

أ.د. مهند موسى كريم | Prof.Dr. Mohanad Mousa Kareem


10/9/2020 القراءات: 5687  


سحر الكيمياء..كيمياء الحب - المشاعر- العواطف - الجسد

تمر الأيام والسنوات وتتغير الوجوه والصور وتبقى المشاعر الإنسانية جزء لا يتجزأ من وجود الإنسان ولا تتغير بجنس أو لون أو حضارة، فتحت الجلد يتشابه البشر كثيرا وتوشك الفروقات أن تنعدم، ولا تخلو حضارة أو حقبة تاريخية أو مجتمع من قصص العشق والعاشقين، فكيف يقع الإنسان أسيراً لهذه الحالة الشعورية وما الذي يتغير في كيمياء جسده؟
البداية تصنعها الفرمونات ( Pheromones ) وهي مركبات كيميائية تفرزها الكائنات الحية بحيث يكون هناك علاقة بين المفرز والمستقبل، وهي أحد سبل نقل المعلومات بين الكائنات الحية، ويوجد في الجسد خلايا خاصة تفرز هذه المركبات وتطلقها في الجو، فإذا حدث توافق بين المرسل والمستقبل حدث نوع من الإثارة والحث لتفاعلات كيميائية أكثر قوة. وقد أنتبهت الشركات التجارية لأهمية الفرمونات وأصبحت تضيفها على بعض المنتجات مثل العطور!!!!.
في المرحلة التالية:
يأتي دور الأمفيتامين amphetamine والأمفيتامينات مركبات يفرزها الجسم بشكل طبيعي بنسب قليلة وهي مركبات تعطي الشعور بالسعادة وقد تم قياس زيادة في أحد الأمفيتامينات والذي يعرف ب phenylethylamine عند المحبين والذي يتسبب لهم في الشعور بأنهم يحلقون من السعادة ويعطيهم القوة والحماسة على تحمل سهر الليالي في سبيل الحديث مع المحبوب.
يمكنك الحصول على نفس المركب ولكن بتركيز أقل من خلال قطعة شيكولاتة. يحفز الفينيل إيثيل أمين إنتاج ناقل عصبي هام يسمى الدوبامين dopamine وقد أثبتت التجارب أنه يساعد على حصر الخيارات في شريك واحد أو محبوب بعينه. وبدوره الدوبامين يحث الغدة النخامية على إفراز هرمون الأوكسيتوسين oxytocin والذي يطلقون عليه لقب هرمون الحب فهو يفرز في حالات الحب لتقوية أواصر العلاقة بين المحبين ويدعم الشعور بالثقة فيما بينهم وكذلك يفرز أثناء الرضاعة ويزيد الروابط بين الأم والرضيع.

مادة أخرى يفرزها الجسم لتزيد من حالة النشوى والسعادة وهي النورإبينيفرين norepinephrine والتي تحفز إنتاج الأدرينالين الذي يعطي الشعور ببرودة اليدين وتعرقهما وخفقان القلب المميز عند قرب المحبوب والذي جعل الناس ولسنوات طويلة تعتقد أن الحب صادر من القلب.
كيف تترجم العواطف إلى أعراض جسدية: يقوم العقل بإطلاق إشارات عصبية للجسم كله من خلال الأعصاب المنتشرة والمتصلة بالأعضاء الداخلية، فيجعل القلب ينبض أسرع ويعطى شعور غريب في المعدة كالخفقان أو الإضطراب. وبالرغم من أن العقل هو الذي يتحكم في المشاعر إلا أن الجزء المسؤول عن كيمياء المشاعر يعمل بعيدا عن الجزء المسؤول عن التفكير المنطقي والتحليلي، ولذلك لا يمكن قياس المشاعر بالمنطق ولا يخضع المحبين لحسابات المنطق. يقول العلماء أن هذه التأثيرات الكيميائية تنتهي في فترة تتراوح بين 18 شهر إلى أربعة سنوات، وأسموا هذه الفترة بشهر العسل. في حالات الإنفصال في أوج العلاقة يعاني المنفصلين حالات مشابهة تماما لأعراض إنسحاب المواد المخدرة، ويمرون بمرحلة من العذاب والألم والإكتئاب. وفي النهاية ومهما قالت الأبحاث لا يمكنك أن تمنع ملايين الحالات التي تسقط ضحية بصفة يومية لسحر الكيمياء.
في كتاب تشريح الحب «Anatomy of love» للمؤلفة «هيلين فيشر» عالمة السلالات البشرية جاءت هذه التحليلات الهامة لكيمياء العواطف ومتطابقة تماما"مع ماذكر في اعلاه.
حيث ترى هيلين ان هناك مواد كيميائية يفرزها الجسم كما تشير الى ذلك البحوث العلمية بالخصوص، فالتقاء النظرات او لمسة الأيدي او نفحة العطر تفجر سيلا ينبع من المخ مندفعاً من خلال الاعصاب ومجرى الدم. والنتائج معروفة جيدا: تورد البشرة فجأة وعرق الكفين وثقل التنفس واذا كان الحب يبدو شبيهاً بالاجهاد الى هذا الحد المريب، فسبب ذلك بسيط جداً وهو ان المواد الكيماوية تسلك نفس الممرات في كلتا الحالتين. وهذه الكيماويات التي تسبب شعوراً بالخفة والبهجة عند المتيم الجديد هي من قبيل المنبهات المعروفة طبياً ، وتشمل «الدوبامين» و« النوريبنفرين» وعلى الأخص «الفينيليثامين». على ان نشوة «الفينيليثامين» لاتدوم الى الابد، وهذا يعزز البرهان على ان الحب المشبوب العاطفة حالة قصيرة الأمد ، فمثلما يتعامل مع سائر المواد المشابهة يكتسب الجسم بالتدريج قدرة على المقاومة، وبالتالي يحتاج الى كميات اكبر فأكبر من هذه المادة لاحداث بهجة الحب المعتادة، وبعد سنتين او ثلاث يعجز الجسم تماماً عن انتاج الكمية اللازمة، وربما لا يعوض عن ذلك اكل الحلوى رغم الاعتقاد الشائع!
وتضيف ان مادة «الاندورفين» في الدماغ مسؤوله أحياناً عن الألفه والحنان واستمرارية الحب ومع هذا فمن الواضح ان الكثير من قصص الحب تبقى مفعمة بالدفء والود الى ما بعد السنوات الأولى. فما تفسير ذلك ياترى ؟ انها طاقة اخرى من الكيماويات طبعاً! فالحضور المستمر لشريك الحياة يحفز على زيادة افراز مواد «الاندورفين» في الدماغ، وهذه على خلاف المنبهات الجياشة تحدث مفعول العقاقير المهدئة، فهي مسكنات طبيعية تشعر المحبين بالأمان والهدوء، وهكذا تتحول العواطف المتقدة في بواكير الحب الى احساس هادئ بالألفة والحنان، وترى «هيلين فيشر» ان فقد مصدر هذا الشعور هو احد اسباب التعاسة البالغة التي تعتري المحب عند الهجر او موت الحبيب.
واضافت كذلك ان مادة «الأوكسيتوسين» في الدماغ تغري الأمهات بإحتضان أطفالهن وتقارب الزوجين
و«الأوكسيتوسين» مادة كيماوية اخرى اقحمت في قضية الحب مؤخراً ينتجها المخ وتثير حساسية الأعصاب وانقباض العضلات وهي عند النساء ، تساعد في انقباضات الرحم اثناء الوضع، وفي افراز اللبن من ثدي الأم، كما يبدو انها تغري الأمهات باحتضان اطفالهن، ويتكهن العلماء بأن« الاوكسيتوسين» ربما


كيمياء الحب - المشاعر- العواطف - الجسد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع