مدونة زينب صلاح إبراهيم علام


مصطلح القراءة السريعة إلى أين..؟

زينب صلاح إبراهيم علام | Zinab Salah Ebrahem Alam


1/1/2024 القراءات: 1199  


القراءة السريعة خير يراد به سوء :
ولنا مع ما تسمى بالقراءة السريعة وقفة،
إن بعض الدعوات الحديثة نسبيا و التي تشجع على ما اسموه بـ(طريقة القراءة السريعة) ، لا شك جانبها الصواب إذ أن حديثي العهد بالقراءة حال علمهم بأن هذا المبدأ مقبول وتلك الطريقة مستساغة في ظل عصر تسارع المعلومات و الرغبة في حشد أكبر كم من المعرفة في أقصر وقت ممكن سيؤدي بهم الأمر حتما إلى ما اسماه مالك بن نبي بـ إنسان النصف وللأسف تعج مجتمعاتنا بالكثيرين ممن ينطبق عليهم هذا الوصف ولاحاجة لمزيد منهم بل على العكس ربما نرغب إن لم يكن لدينا ما يمنع من حصرهم وإعادة تأهيلهم إن أمكن، ولكن وأحسبهم على خير إن كان المروجون لهذه الطريقة يرمون من وراء تلك النداءت إلى تدريب القراء الجدد على الأمثلية في القراءة العميقة وتدرجاتها فلابد من إيضاح هذا صراحة و لاتُترك تلك المسألة لأن تفهم ضمنا، وأن مرحلة القراءة السريعة تكون مجرد مرحلة أولى بغرض تحديد أبعاد النص بشكل تقريبي، ثم تليها مرحلة القراءة المتأنية لتحديد أهم النقاط، ثم يتبعهم مرحلة القراءة العميقة لاستخلاص المغزى وتوليد الأفكار، وهكذا تكتمل الصورة ويتم تحصيل المراد.
القراءة الواعية :
إلى جانب مانلحظه في الواقع الحواري الثقافي من ظهور الكثيرين من أنصار فكرة القراءة السريعة والمنادين بها والمثمنين لقيمتها... إلخ،ففي الواقع أنا لست ضد فكرة القراءة السريعة في حد ذاتها ولكن ضد ما ينطوي عليه مثل هذا الترويج وهذا التعميم لتلك الفكرة من غاية مؤداها التسطيح... نعم التسطيح ولكل شيئ!!
بداية من الأفكار وإنتهاءً بالعقول نفسها؛ وأقول أن تلك التقنية أو لنقل الممارسة ربما تصح لبعض نوعيات من الكتب مصنفة وفقاً للمتلقي من ناحية تخصصه، و اهتماماته وقراءاته، ومدى وعيه، وغرضه من تناول هذا الكتاب أو ذاك دون غيره.... إلخ.
أما أن يترك الأمر هكذا على عواهله، فهي دعوة صريحة للتجاوز، والحشد الفارغ، والتمظهر الكاذب بالثقافة وهي منهم براء.
فمثلاً إذا وقفنا على تصنيف الكتب وحسب... سنجد أن منها ماهو سهل التناول، سلس العبارة، واضح الأسلوب، المباشر في التعبير عن فكرته، وعلى الجانب الآخر هناك الكتاب العميق العويص الفهم غزير الأفكار متلاحم الإشارات والتوجيهات والرؤى، وبين هذا وذاك هناك الكتاب المتوسط بين المباشرة الحادة والعمق المُغرق.
وعليه فصفحة في الكتاب الأول لن تحتاج قراءتها لوقت مثل ماتحتاجه صفحة من النوعية الثانية أو الثالثة وهكذا.
وبالنظر للقارئ :
فهناك القارئ المتخصص وهناك غير المتخصص، هناك الواسع الاطلاع عظيم الخبرة وهناك المبتدئ بسيط الخلفية، أما عن وزن العقول فحدث ولاحرج.
وبناء على كل هذا فوقفات كل واحد منهم مع العبارات، وتحليله لها، واستنطاقه لما بين الكلمات، وقدرته على توليد المعرفة من المعارف غير واحدة.
إذن لن تكون السرعة واحدة في القراءة والفهم وانضاج الفكرة أو المعلومة.
وهذا كله يقودنا لما يجب أن نتمسك به بل ونناضل من أجله الا وهو أن فعل القراءة أيا كان القائم به وغرضه منه لابد على أي حال أن يكون عن وعى؛ فالعبرة في الأخير ليس بالكم و إنما بالكيف، وبما يترتب علىٰ هذا الكيف من عوائد تصب في خانة الوعي العام والإنتاج الحضاري.
للأسف هناك العديد من الخطط وعلى كافة الأصعدة وبكافة المقاسات تسعىٰ لتجنيبنا الوعي والفهم وإزاحتنا عن درب السعي وركب التطور والبناء، ولن يتم التغلب على تلك الخطط سوىٰ بمساهمة كلٍ منا في وئد هذه الأفكار وكشف تلك المخططات من ناحية، والسعي نحو إيقاظ الوعي سواء على المستوى الشخصي أو العام إن أمكن لذلك سبيلا، وأعتقد أنه من ضمن الخطوات الهامة على هذا الدرب هي بطرد الغث من المنتجات المطروحة والمحسوبة جزافاً وافتراءً على الساحة الثقافية، وعدم إعطاء وزن لما لاقيمة له، بحيث ننتقى معارفنا إنتقاء الجواهر الثمينة فليس أغلى على المرء من عقله وحق على صاحب كل عقل أن يهديه أفضل ماتطاله يده... والسلام.
زينب علام.


القراءة السريعة، إيقاظ الوعي، الساحة الثقافية.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع