البيانات الكبرى ثورة وثروة (الجزءالأول)
11/16/2021 القراءات: 2793
المقال مقتبس من كتاب البيانات الكبرى _ فيكتور ماير وآخرين - ترجمة مكتبة جرير. مع تصرف وإضافات للتوضيح
...................................................................................................................................................................
اعتدنا أن نطلق على التحولات الكبرى في تاريخ الإبداع والإنتاج البشري تسمية الثورات مثل الثورة الصناعية عند اختراع الآلة وثورة الكهرباء، وثورة الاتصالات وثورة الانترنت وغيرها. أما ما نعيشه الآن فهو بحق ثورة البيانات وأقصد البيانات الكبرى Big Data. وإذا كان المقصود بالبيانات المعلومات التي تعبر عن قيم أو أوصاف أو دلالات عند تحليلها فإن وصف البيانات كان في السابق يكاد ينحصر في الأرقام والكلمات لأن أدوات ووسائل التخزين بمساحاتها الضيقة وقدراتها المحدودة كانت تفرض على الباحث أو المحلل انتقاء البيانات التي يعتقد أنها مهمة ويحذف الباقي، أو اللجوء إلى أخذ العينات العشوائية الصغيرة لأن برامج الحاسوب مثل إكسل وغيرها قادرة على التعامل مع ذلك الحجم والنوع المحدود البيانات.
أماعندما تحول الرقم والكلمة والصوت والصورة والرأي والمشاعر والاختيارات والتفضيلات إلى بيانات قابلة للاستخدام والتحليل ليس لمرة واحدة بل لآلاف وملايين المرات. وعندما تضاعفت مساحات التخزين من ميجابايت إلى يوتابايت مروراً بأحجام جيجابايت وتيرابايت وبيتابايت و إكسابايت وزيتابايت
ميجابايت = 1000,000 بايت (ستة أصفار)
جيجابايت = 1000,000,000 (تسعة أصفار).
تيرابايت = 1000000000000 (اثنا عشر صفراً).
وصولاً إلى يوتابايت=1000000000000000000000000بايت (24 صفراً)
وعندما توفرت الوسائل القادرة على تخزين هذه الأحجام والبرامج القادرة على تحليلها.
وأصبح من الخطأ الضغط على زر الحذف وإنما على زر الحفظ في جميع الحالات عندها نكون قد غادرنا حيز البيانات الصغيرة إلى فضاء المعرفة الكبيرة وانتقلنا من دراسة وفهم ما سبق بهدف الاستفادة و الاستدلال، إلى تحليل العلاقات وحساب الاحتمالات وتوقع ما سيأتي من أحداثٍ و مؤشراتٍ ومتغيرات توضع لها الخطط ويصنع على أساسها القرار.
تلك هي البيانات الكبرى Big Dataوهذا أوانها ولك أن تتخيل القيمة الكبرى لها. ولا أقصد بالقيمة هنا أهميتها فقط، بل قيمتها الاقتصادية والمادية العالية التي جعلتها من أغلى الأصول وأعظم الثروات. وأصبحت قيمة الشركات التي تعمل على البيانات مثل جوجل ومايكروسوفت وأمازون وفيس بوك وأمثالها ذات قيمة سوقية عالية جداً بل واعلى بكثير من الشركات الكبرى التي تصنع الطائرات مثل بوينج وإيرباص لأن قيمة البيانات أكبر من قيمة الأصول المادية.
البيانات الكبرى جعلت «غوغل» تعرف عنك ربما أكثر مما تعرف أنت عن نفسك، لذلك ترتب لك نتائج البحث بما يتناسب مع الغرض من بحثك وترتب لغيرك نتائج نفس البحث بالطريقة التي تناسبه مع أنه يبحث عن نفس الذي تبحث عنه أنت. البيانات الكبرى أتاحت لموقع أمازون أن يقترح عليك الكتاب المناسب لتختاره، وعندما تشتري كتاباً يعرض لك كتاباً آخر فتجد نفسك راغباً في شرائه مع أنه لا علاقة له بموضوع الكتاب الذي طلبته. لأنهم يعلمون من تحليل البيانات الكبرى أن 80 % من الذين طلبوا الكتاب الأول اختاروا كذلك الكتاب الثاني ولا يهمهم أن يعرفوا السبب. وبتحليل البيانات الكبرى يتكهن موقع لينكد إن بمن نعرفهم. ويستطيع موقع Decide.comأن يتوقع ارتفاع أو انخفاض أسعار الأجهزة الإلكترونية ويعطي توصية بالانتظار أو الشراء. ومن شدة ثقة الشركة بتوقعاتها فإنها مستعدة لدفع فارق السعر للمستخدمين إذا خابت توقعاتها. والأمر لا يقف عند حدود شركات و مواقع الإنترنت بل إن تطبيقات البيانات الكبرى دخلت مجال الطب وتشخيص الأمراض وتحديد الأدوية المناسبة. وتستخدم في مجال الأمن والعدالة حيث يمكنها توقع حدوث الجرائم وربما تحديد المجرمين قبل وقوع الجريمة. وتوقع أعداد وأماكن وأوقات وقوع حوادث السيارات وما قد ينتج عنها من وفياتٍ وإصابات ما يسهل وضع الخطط واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد منها. ومن البديهي بعد ذلك إذا استخدمنا البيانات الكبرى أن نتوقع بدقة سعر برميل النفط لفترة قادمة وأحجام الإيرادات والنفقات المتوقعة ونسب التضخم ونسب واتجاهات النمو في قطاع العقارات والصناعة والتجارة واتجاه مؤشرات الأسواق المالية وكافة المؤشرات الاقتصادية وانعكاسات كل ذلك على الحسابات القومية مثل الناتج الإجمالي المحلي والميزان التجاري وميزان المدفوعات... وغيرها.>>>>>>> يتبع الجزء الثاني
البيانات الكبرى/ التوقع/ القرار/ تيرابايت/ إكسابايت/ زيتابايت / يوتابايت.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
فأين منه من هذه البيانات؟
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة