حقوق الإنسان في زمن كورونا
6/19/2020 القراءات: 3351
في 11 مارس أعلنت "منظمة الصحة العالمية" أن تفشي مرض "كوفيد-19" الناتج عن فيروس "كورونا" المستجد الذي ظهر للمرة الأولى في دجنبر 2019 في مدينة "ووهان" الصينية قد بلغ مستوى الجائحة، أو الوباء العالمي، دعت المنظمة الحكومات إلى اتخاذ خطوات عاجلة وأكثر صرامة لوقف انتشار الفيروس، معللة ذلك بمخاوف بشأن"المستويات المقلقة للانتشار وشدته"، ويكفل القانون الدولي لحقوق الإنسان لكل شخص الحق أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، ويلزم الدول باتخاذ تدابير لمنع تهديد الصحة العامة وتقديم الرعاية الطبية لمن يحتاجها، يقر قانون حقوق الإنسان أيضا بأن القيود التي تفرض على بعض الحقوق في سياق التهديدات الخطيرة للصحة العامة وحالات الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة، ويمكن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية، بناء على أدلة علمية ولا يكون تطبيقها تعسفيا ولا تمييزيا، ولفترة زمنية محددة، وتحترم كرامة الإنسان وتكون قابلة للمراجعة ومتناسبة من أجل تحقيق الهدف المنشود. تباشر الدولة جميع مظاهر سيادتها على إقليمها، سواء كانت داخلية أم خارجية، وتظهر مظاهر السيادة الداخلية في حرية الدولة بالتصرف في شؤونها الداخلية ، وفي تنظيم حكوماتها ومرافقها العامة وبسط وفرض سلطانها على جميع ما يوجد في إقليمها من أشخاص وأشياء، وتعد الحرية الهدف الأسمى للفرد والمجتمع على حد سواء، ومما لا شك فيه أن الحقوق والحريات التي نتمتع بها اليوم ثمار ونتاج كفاح البشرية على مختلف العصور.
ومن الواضح أن وباء كوفيد-19، بمدى اتساعه وخطورته، يرقى إلى مستوى تهديد للصحة العامة ويمكن أن يبرر فرض قيود على بعض الحقوق، مثل تلك التي تنجم عن فرض الحجر الصحي أو العزل الذي يحد من حرية التنقل، في الوقت نفسه، من شأن الاهتمام الدقيق بحقوق الإنسان (مثل عدم التمييز) ومبادئ حقوق الإنسان (مثل الشفافية واحترام الكرامة الإنسانية) أن تعزز الاستجابة الفعالة في خضم الاضطراب الحتمي الذي يحصل في أوقات الأزمات، والحد من الأضرار التي قد تنجر عن فرض التدابير الفضفاضة التي لا تراعي المعايير الدولية المطبقة بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، الذي صادقت عيه أغلب الدول، يحق لكل إنسان"التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية"، والحكومات ملزمة باتخاذ التدابير الفعالة "للوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها".
المعايير الدولية المنطبقة
بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، الذي صادقت عليه أغلب الدول، يحق لكل إنسان "التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية يمكن بلوغه"، والحكومات ملزمة باتخاذ التدابير الفعالة "للوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها". ومن أول واجبات الدولة في المجتمعات الحديثة، كفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات والمحافظة على الصحة العامة، وعلى هذا الأساس تقوم الدولة باتخاذ كافة التدابير والاحتياطات التي تراها مناسبة، وتطبقها على المخاطبين بها من المقيمين، سواء من الوطنيين أو الأجانب وتعريفا على ذلك إذا كان الأجنبي مصابا بمرض من الأمراض الفتاكة، فللدولة أن تصدر قرارا بإبعاده عن البلاد ويؤخذ المرض هنا بالمعنى الواسع، بحيث يشمل الأمراض الوبائية أو المعدية.
قالت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي ترصد التزام الدول بالعهد:"يرتبط الحق في الصحة ارتباطا وثيقا بإعمال حقوق الإنسان الأخرى ويعتمد على ذلك، مثلما يرد في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في المأكل، والمسكن، والعمل، والتعليم، والكرامة الإنسانية، والحياة، وعدم التمييز، والمساواة وحظر التعذيب، والخصوصية، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعيات، والتجمع، والتنقل. فهذه الحقوق والحريات وغيرها تتصدى لمكونات لا تتجزأ من الحق في الصحة، والحق في الصحة يقتضي أن تكون المرافق والسلع والخدمات الصحية:
متوفرة بالكميات الكافية؛
متاحة للجميع دون تمييز وبأسعار معقولة للجميع، حتى الفئات المهمشة؛
مقبولة، أي أنها تحترم أخلاقيات مهنة الطب ومتناسبة ثقافيا؛
مناسبة علميا وطبيا، وعالية الجودة؛
تقدم كل من"مبادئ سيراكوزا"، التي اعتمدها"المجلس الاقتصادي والاجتماعي" التابع للأمم المتحدة عام 1984، والتعليقات العامة ل"لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة" بشأن حالة الطوارئ وحرية التنقل، توجيها ملزما حول ردود الحكومة التي تقيد حقوق الإنسان لأسباب تتعلق بالصحة العامة أو الطوارئ الوطنية، كل التدابير التي تتخذ لحماية الناس، والتي تقيد حقوقهم وحرياتهم يجب أن تكون قانونية، وضرورية، ومتناسبة. يجب أن تكون حالة الطوارئ أيضا محددة زمنيا، وكل تقييد للحقوق يجب أن يراعي الأثر غير المتناسب على مجموعات سكانية أو فئات مهمشة بعينها.
في 16 مارس 2020 قال مجموعة من خبراء حقوق الإنسان الأمميين إن :"إعلان حالات الطوارئ القائمة على تفشي فيروس كورونا ينبغي ألا تستخدم كأساس لاستهداف مجموعات أو أقليات أو أفراد معينين، لا ينبغي أن تكون بمثابة غطاء قمعي تحت ستار حماية الصحة.
حقوق، الانسان،زمن ،كورونا،المواثيق الدولية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع