العدد التاسع مقالات

مشاهدات من الحجر الصحي / مقالات

2/18/2021

عبدالرزاق سعود

في تقارير إعلامية نشرت قبل بضعة أشهر تبين أن هناك عشرات الدول لم تصب بفايروس كورونا، والسبب المباشر بعدم وصول كورونا لهذه الدول هو الحجر أو العزل الطبيعي الذي تتمتع به، من حيث وقوعها في منتصف البحار، على اعتبار أن جميع هذه الدول جزر تقع وسط البحار.

حاولت كثير من دول العالم تطبيق هذا العزل – وإن لم يكن طبيعيا- إلا أنه كان محاولة لعزل الفايروس عن المحيط العام والتجمعات السكانية، لحصره أو تحجيمه على أقل تقدير.

عشت أنا شخصيا تجربة العزل الصحي الاحترازي للذين يأتون من دول فيها نسب عالية للأصابات، أو كما تسمى بدول عالية الخطورة، والغاية الرئيسة منه التأكد من خلو القادمين من الفايروس القاتل.

تقارير إعلامية وإحصائية أخرى أشارت إلى أن نظم المحاكاة هذا، وخاصة سيناريوهات الحجر الصحي الإحترازي، كشفت عن أنه يؤدي دورا حيويا في التحكم في انتشار مرض كوفيد- 19، مقارنةً بأي تدابير وقائية أخرى تطبق من دونه، إذ أدى إلى انخفاض معدل العدوى بنسبة تتراوح بين 44% و81%، ومعدل الوفيات بنسبة تتراوح بين 31% و63%.

تجربة تكان تكون فريدة، تشعرك بمشاعر متناقضة، فلا تعرف إن كانت هذه الفترة هي فترة نقاهة تبعدك عن ضغوط الحياة، أم أنها سجن يقيد حريتك؛ إذ لا يسمح لك أن تخطو خطوة واحدة خارج غرفتك، فمشاعر الوحدة والملل يبددها تقرير حديث صادر عن اللجنة الأوروبية لمكافحة الأمراض والوقاية، أكد أهمية التدابير الوقائية للحد من انتشار الوباء، ولتخفيف العبء على أنظمة الرعاية الصحية تحديدًا، خاصة أن نسبة 9 إلى 26٪ من الإصابات في الاتحاد الأوروبي كانت بين العاملين في المجال الصحي، تجعلك تتعاطف مع هذه الفئة التي كانت في الخط الدفاعي الأول ضد هذا الوباء، كما أنها تجعلك تشعر بأهمية هذا الإجراء للحفاظ على صحتك وصحة الاخرين.

لكن التنقل بين أربعة جدران، والنظر الى الناس وهم يسعون في الأرض من دون أية قيود، تجعلك تشعر بنعمة الحياة بحرية ومن دون قيود، التي طالما كانت مشاغل الحياة تضطرك الى التذمر منها أو لا تشعر بها على اقل تقدير، فراغ لا يمكن ملؤه لا بهاتف نقال ولا بمشاهدة التلفاز ولا حتى بقراءة، الملل كان كليلٍ طويلٍ مظلم ليس له نهاية، الاسبوع بمثابة شهر او أكثر.

الحجر يمكن ان يجعلك تفكر بجدوى هذا الإجراء، خاصة أن هناك نوعاً آخر من الحجر الذي يكون في المنزل، يخضع فيه المحجور الى فحصين لفايروس كورونا أول وصوله البلد وبعد انقضاء اسبوع الحجر، مع متابعة من قبل الجهات المختصة لجميع تحركاتك عن طريق تطبيق هاتفي يرصد موقعك عبر الانتر نت، والمخالف يمكن ان يحاسب بغرامة مالية او سجن في حالة خروجه من المنزل او اختلاطه مع الناس، يجعلك تفكر ألف مرة قبل ان تسافر وتخضع الى هذه الاجراءات التي بنهايتها تكلل بفرحة لا تسعها فرحة بعد ظهور النتيجة السلبية التي تتيح لك الخروج متى تشاء، وتذيقك طعم الحرية التي فقدتها ولو مؤقتاً.

العدد التاسع كورونا ، الحجر الصحي ، وباء ، احصائيات

مواضيع ذات صلة