مدونة عبدالحكيم الأنيس


سؤال وجواب في الوتس اب (84)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


09/05/2024 القراءات: 13  


السؤال (879):
رجل محتاج فأكرمه تاجرٌ في السوق في رمضان بمالٍ فأخذه وهو الآن يخشى أن لا يكون حلالًا؟
الجواب:
ما دام محتاجًا فليأخذ، والأصل حسنُ الظن بالمسلمين، ما لم يتيقن أنه من جهة حرام. وقد قال الإمام السيوطي في كتابه "قلائد الفوائد وشوارد الفرائد" -كما في "ترجمة العلامة السيوطي" للداودي (ص: 285):
عن المصطفى ‌سبع ‌يُسَنُّ ‌قبولها … إذا ما بها قد أتحفَ المرءَ خلانُ
فحلوٌ، وألبانٌ، ودهنٌ، وسادةٌ، … ورزقٌ لمحتاجٍ، وطيبٌ، وريحانُ
وانظر: "المَرَدُّ في كراهة السؤال والرد" للسيوطي، و"الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية" للسقاف. وهذا نص الأول:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
• الصوفيةُ في السُّؤال والردِّ على ثلاث طرق:
أحدها: مَن يَسأَلُ ويَقبل.
والثانية: مَن لا يَسألُ ولا يَقبلُ.
والثالثة: مَن لا يَسألُ، ويَقبلُ ما جاءه بغير سؤال، إذا لم يعلم أنه من جهة حرام.
• قال العلماءُ: وهذه الطريقة هي الراجحة؛ لأنَّ بها وردتْ السُّنة والأحاديثُ الصحيحةُ، وعليها كان جلُّ السلف من الصحابة والتابعين فمَنْ بعدَهم وهلم جرًّا، ومنهم الإمامان مالكٌ والشافعيُّ رضي الله عن الجميع، وإلى ذلك المردُّ.
• روى أحمد، والحُميدي، وابن أبي شيبة، والعدَني، والدارمي في "مسانيدهم"، وابن خزيمة، وابن حِبان في "صحيحهما"، والدارقطني في "الأفراد"، والبيهقي في "السُّنن" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقرَ مني، حتى أعطاني مرة مالًا، فقلتُ: أعطه أفقرَ إليه مني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خُذه فتَموَّله وتصدقْ به، فما جاءك مِنْ هذا المال وأنت غير مستشرفٍ ولا سائلٍ فخُذه، وما لا فلا تُتبعه نفسَك.
• وأخرج ابنُ أبي شيبة، وأبو يعلى في "مسنديهما"، والبيهقي في "شُعب الإيمان"، وابنُ عبدالبر في "التمهيد"، وصحَّحه الضياء المقدسي في "المختارة": عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أرسل إليَّ رسولُ الله بمالٍ فرددته، فلما جئتُه قال: ما حملك على أنْ تردَّ ما أرسلتُ به إليك؟ قلت: يا رسول الله، أليس قد قلتَ: إنَّ خيرًا لك أن لا تسأل أحدًا من الناس؟ قال: إنما ذاك أن تسأل الناس، وأمّا ما جاءك عن غير مسألة، فإنما هو رزق رزَقَكَه الله.
• وأخرج مالك في "الموطَّأ" عن عطاء بن يسار: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء فردَّه عمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذاك عن المسألة، فأما ما كان على غير مسألة فإنما هو رزق رزَقكَه الله، فقال عمر: أما والذي بعثك بالحق لا أسأل أحدًا شيئًا، ولا يأتيني من غير مسألة إلا أخذتُه.
• وأخرج ابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، والبيهقي في "سننه" عن أسلم: أَنَّ عمر بن الخطاب بعث إلى أبي عبيدة بن الجراح بألف دينار فردَّها، فقال عمر: قد أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهنا ذلك، فأبى علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاقبلها أيها الرجلُ واستعنْ بها على دينك ودنياك، فقبلها أبو عبيدة.
• وأخرج البيهقي في "سننه" عن أسلم قال: كان رجل في أهل الشام مرضيًّا فقال له عمر: علام يحبُّك أهل الشام؟ قال: أغازيهم وأواسيهم، فعرض عليه عمر عشرة آلاف، قال: خذْ واستعنْ بها في غزوك، قال: إني عنها غنيٌّ، فقال عمر: إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليَّ مالًا فقلتُ له مثل الذي قلتَ لي، فقال لي: إذا آتاك الله مالًا لم تسأله، ولم تشره إليه نفسُك فاقبله، فإنما هو رزقٌ ساقه الله إليك.
• وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وابنُ سعد في "طبقاته"، وأبو يعلى، وابنُ حِبّانَ في "صحيحه"، والبغوي، والباوَردي، وابنُ قانع، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في "شُعب الإيمان"، والضياء في "المختارة" عن خالد بن عدي الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن جاءه مِنْ أخيه معروف، مِنْ غير إشراف نفسٍ ولا مسألةٍ فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه.
• وأخرج أحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن آتاه الله مِنْ هذا المال شيئًا مِنْ غير أن يسأله فليقبله، فإنما هو رزق ساقه الله إليه.
• وأخرج ابن عساكر، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا آتاك الله مِنْ هذا المال مِنْ غير مسألةٍ ولا إشرافٍ فخذه، فكُلْه وتموَّلْه.
• وأخرج أحمد، والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة، مَنْ أعطاك عطاءً بغير مسألة فاقبليه، فإنما هو رزق عرضه الله إليك.
• وأخرج الطبراني في "الأوسط"، وأبـو نُـعـيـم فــي "الحـليـة" عــن أنـس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الذي يُعطي مِنْ سعة بأعظم أجرًا مِن الذي يقبل إذا كان محتاجًا.
• وأخرج الطبراني في "الكبير" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما المعطي مِنْ سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجًا.
• وأخرج الشاشي في "مسنده"، وابن عساكر في "تاريخه" عن عبدالله بن زياد: أنَّ عمر بن الخطاب أعطى سعيد بن عامر ألف دينار فقال: لا حاجة لي فيها، أعط مَنْ هو أحوجُ إليها منّي، فقال عمر: على رِسْلِك حتى أحدِّثك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن شئتَ فاقْبَل، وإن شئتَ فدع، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليَّ شيئًا فقلتُ مثل الذي قلتَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أعطي شيئًا مِنْ غير سؤالٍ ولا استشراف نفسٍ، فإنه رزق من الله فليقبله ولا يرده، فقال سعيد: أنت سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، فقبله.
يتبع


أسئلة وأجوبة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع