الكشكول الثالث للشيخ عبدالعزيز بن سالم السامرائي (1)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
24/11/2024 القراءات: 162
الشيخ عبدالعزيز بن سالم النيساني السامرائي مِنْ علماء العراق في القرن الرابع عشر ، ولد في سامراء، وطلب العلم في مدرستها الدينية، وأخذ عن الشيخ عبدالوهاب البدري، والشيخ أحمد الراوي الرفاعي، والشيخ عبدالكريم الدَّبان التكريتي، وعمل في التعليم، ثم صار مدرسًا في المدرسة الدينية في مدينة هيت، ثم في مدينة الفلوجة، ومرض وعاد إلى مدينته، وتوفي ودفن فيها. وقد درَّس كثيرين، وترك مؤلفات في العلوم الشرعية والعربية، تنحو كلها منحى التيسير والتقريب.
ومِنْ آثاره ثلاثة كشاكيل، دوَّنَ الأول في سامراء، (وقد فُقد في أحداث المدينة الأخيرة)، ودوَّن الثاني في هيت، والثالث في الفلوجة.
وقد وقفتُ على الثاني في مكتبة جامع الرمادي الكبير ونقلتُه بتمامه، ثم فُقد الأصل في الأحداث التي وقعتْ في مدينة الرمادي، وفُقدتْ نسختي أيضًا بسبب السفر ونقل المكتبة من مكان إلى أخر.
ووقفتُ على الكشكول الثالث عند تلميذ المؤلِّف: الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الجنابي -حفظه الله-، ثم فُقد من مكتبته في الأحداث التي وقعتْ في مدينة الفلوجة.
وكنتُ استعرتُه منه وكتبتُ هذا الوصف له، ونقلتُ هذه الأشياء منه، يوم الجمعة (21) من ربيع الآخر سنة (1403) = (4/ 2/ 1983م).
***
بدأ الشيخُ عبدالعزيز بجمع هذا الكشكول الثالث في (18) من ذي الحجة سنة (1378) = (24) من حزيران سنة (1959)، وكان آنذاك -كما قلتُ- مدرسًا في المدرسة الدينية في الفلوجة، وإمامًا وخطيبًا في جامعها الكبير.
وجمعَ فيه فوائد صوفية، ونحوية، ولغوية -حين يشرح بعض النصوص-، واجتماعية، ونقل كثيرًا من القصائد.
وفيه بعضُ الأخبار كخبر مجيء الشيخ محمد النبهان من حلب إلى العراق، وذهابه هو إلى حلب ونزوله عنده.
وذكرَ شيئًا عن الهنود الدعاة إلى الله، وطرفًا مِن أخبارهم وقواعدهم.
والملاحظُ سيطرة النقول والرقائق والفوائد الزهدية والصوفية عليه، فالقصائد في المناجاة وتزكية النفس، وكذلك النصوص النثرية.
قال (ص: 1): "جمعه الفقيرُ إلى الله تعالى عبدالعزيز سالم السامرائي المدرسُ والإمامُ والخطيبُ في الفلوجة، جمعَه من الموائد الطيبة المخزونة عند عباد الله الصالحين".
وقال (ص: 2-3):
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي مِنْ فضلهِ وإحسانهِ جميعُ العطايا والنعم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صدر مائدة الكرم، وعلى ساداتنا وموالينا إخوانه أنبياء الله والمرسلين هداة الأمم، وعلى آلهم وأصحابهم وأتباعهم في بيان الحق وإظهار الحكم.
وبعد: فهذا الكشكولُ الثالثُ جمعه الفقير إلى الله تعالى عبدالعزيز بن سالم السامرائي المدرسُ والإمامُ والخطيبُ في جامع الفلوجة الكبير، أسأل الله تعالى أن يملأه مِن موائد عطاياه لأحبابه العلماء والأولياء والصالحين، وأسأله تعالى أن ينفعني به وأن ينفع به مَنْ ينظر فيه. آمين.
مقدمة
عطايا الله تعالى ونعمه لا تُحد ولا تُحصى قال الله تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) والنعم متنوعة، وأعلى أنواعها هي العلوم والمعارف، وأعلى العلوم والمعارف ما يتعلق بالله وبأحبابه، وما يشوق لذلك، فإن الإنسان خُلق ليعبد الله تعالى قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)، والعبادة إيمان وعمل، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا لهما، وأن يقبلنا مع عباده المخلصين. آمين".
ثم أتى بنبذةٍ عن العلم، ثم دخل في صُلب الموضوع.
وهذا طرفٌ مما فيه:
قال (ص: 4): قصيدة قالها نافخ كير الحداد وكان أستاذه متهمًا مِن قِبل السلطان، وهي على نحو وهيئة نافخ الكير، في (57) بيتًا.
***
اللهم صلِّ على المصطفى ... شفيعِ الخلائقِ في المُزدَحمْ
رفعتُ أموري لباري النسمْ ... ومُوجدِنا بعد سبقِ العدَمْ
مميتِ الخلائق بعد الحياة ... ومنشي العظامِ ومحيي الرمَمْ" ا.هـ
وهي في الدعاء والتوسُّل.
***
وقال (ص: 8): "من الحث والمواعظ للغافلين":
إذا المرءُ لم يلبسْ ثيابًا من التقى … تجرَّدَ عُريانًا ولو كان كاسيا
فخيرُ لباس المرء طاعةُ ربه … ولا خير فيمَنْ كان لله عاصيا
فلو كانت الدنيا تدومُ لأهلها … لكان رسولُ الله حيًّا وباقيا
ولكنها تفنى ويفنى نعيمُها ... وتبقى المعاصي والذنوبُ كما هيا
***
ونقل في (ص: 9) تخميس الشاعر حسن الموصلي البزّاز لقصيدة الإمام السهيلي:
ملكَ الملوكِ إلى جنابك أفزعُ ... إذ ليس لي إلا بجودك مطمعُ
يا حيُّ ما في الحي غيرك مرجعُ ... يا مَنْ يرى ما في الضمير ويسمعُ
أنت المُعَدُّ لكل ما يُتوقعُ
جارتْ علي مطالبي في عدلها ... عني مجانِبةً مواقع عدلها
وإليك أفزعُ في الكروب كلها ... يا مَن يُرجَّى للشدائد كلها
يا مَن إليه المشتكى والمفزعُ
جد يا غنيُّ على الفقير فمَنْ يكنْ ... في باب عزّك لم يذل ولم يهنْ
يا مَنْ على الراجي بلا وعدٍ يمنْ ... يا مَنْ خزائن رزقه في قول كنْ
امنن فإنَّ الخير عندك أجمعُ
كلٌّ له في الصالحات فضيلةٌ ... وفواضلٌ فكثيرةٌ وقليلةٌ
وأنا الذي -وغناك- ما لي حيلةٌ ... ما لي سوى فقري إليك وسيلةٌ
وبالافتقار إليكَ فقري أدفعُ
يا واسعًا جهْلَ المسيئ بعلمهِ ... سعهُ بفضلك واعفونْ عنْ جرمهِ
فمَن الذي أرجو لطائفَ حلمهِ ... ومَن الذي أدعو وأهتفُ باسمهِ
إنْ كان فضلك عن فقيرك يمنعُ
إني وإنْ كنت المسيئ الجانيا ... لا زلتُ في نيل المواهب راجيا
فنداك يطمعُ دانيًا أو قاصيا ... حاشا لمجدك أنْ تقنط عاصيا
الفضلُ أجزلُ والمواهبُ أوسعُ
***
وقفتُ إذ وقف الأحبابُ منكسرًا ... له ليشملني إياهم الكرمُ
يبكون شوقًا، وأبكي خشيةً، ولهم ... شؤونُ وجدٍ وشأني الذلُّ والندمُ
هذا لأعماله يأوي، وذاك إلى ... أحواله، وأنا بالعفو معتصمُ
إنْ لم يكن عملٌ عندي فلي أملٌ ... وهل يَخصُّ مطيعًا جودُه العممُ؟
وأفقرُ الناس أولاهم برحمته ... وأكثرُ الغيث في الأوهاد ينسجمُ
لا تنسني يا إلهي حين تذكرُهُم ... والطفْ بحاليَ وارحمني إذا رُحموا
حسن البزّاز
***
يا مَن علا فرأى ما في الغيوب وما ... تحت الثرى وظلامُ الليل منسدلُ
***
يتبع
تراث العراق. المكتبة الإسلامية. سامراء. الفلوجة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة