مدونة عبدالحكيم الأنيس


كلمتان حول كتاب "بسط اليدين لإكرام الأبوين" (2)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


24/02/2023 القراءات: 1474  


23 ـ الاستغفار قربة جليلة، ومن البرّ أن يقرن الابن استغفاره لنفسه استغفاره لوالديه، والاستغفار لهما كلام مجّانيّ بامتياز، والغريب أن يستثقله الأبناء، بل منهم من لم يزر والديه بتاتا في قبريهما، ولا كلّف نفسه أن يدعو لهما أو يستغفر، فهل بخل من ولد تجاه والديه أعظم من هذا؟!
24 ـ من البرّ بالوالدين نظرة العينين الشّفوقتين الحنوننتين، ومن العقوق نظرة العينين القاسيتين المعكوستين، ولا بأس أن ننشئ هذين المصطلحين: (العين البارّة)، و(العين العاقّة).
25 ـ ما رئي من العقوبات المعجّلة كعقوبة الأبناء العققة، كم من ولد عاقّ أخذ على غرّة، وهلك في حادث بشع، بعد حياة حافلة بالعقوق والجحود والأذى.
26 ـ عتق الوالدين المملوكين وإن ذهب زمانه فثمّة عتق آخر وهو تعليمهما وعتقهما من الجهل الذي قد يوقعهما في المحذور، تعليم الوالدين هو أعظم عتق لهما.
27 ـ قد يبتلى الولد بوالدين صعبي المزاج، وثقافتهما الشّرعيّة ضعيفة، وعليه أن يداريهما ما استطاع، فإذا أمراه بالمعصية لم يطعهما، ولا يعني ذلك عدم حسن برّهما، فلعلّ برّا من الولد يحوّل الوالدين 180 درجة من القسوة إلى الحنان، ومن المعصية إلى الطّاعة.
28 ـ دعاء الوالدين للأبناء كنز عظيم، واستثمار حقيقي بامتياز، وكم هو جميل أن يردّد الابن الصّالح: (يَمَّهْ ادْعِي لي، يابَا ادْعِي لي).
29 ـ شعيرة الجهاد وإن تعطّلتْ مؤقّتا في ساحات الوغى فثمّة ساحة الوالدين فمزاولة الجهاد فيها بابه مفتوح، ولا يسقط مطلقا.
30 ـ من رام نظرة رضا من الرّحمن فليطع والديه، ومن رام نظرة سخط وإعراض فليعصهما، كم هو رائع أن لا يحجبك الله عن نظره المقدّس.
31 ـ أعظم رائحة يشمّها أنف هي رائحة الجنّة، ويجدها الصّالحون من مسافات فلكيّة لا يعلم قدرها إلا الله، ويحرم منها مع الأسف عاقّ الوالدين.
32 ـ قرن عقوق الوالدين بالشّرك والخمر وغيرهما من الكبائر مؤشّر عظيم على خطورة الحال، والسّعيد من أقبل على الله موحّدا له، ملتزما بشرعه، بارّا بوالديه.
33 ـ في القبر عقوبات رهيبة على العاقّ أن يعمل لها مليون حساب وليس ألف حساب، وبرّهما قد يسهم في نجاة لم تكن في الحسبان.
34 ـ سوء الخاتمة قد تكون نتاج عقوق أرهق الوالدين، وحسنها نتاج برّ دائم صادق، وهو مبتغى الصّالحين البررة.
35 ـ الخدمة المادّيّة للوالدين قرينة الخدمة النّفسيّة.
36 ـ خفض الصّوت أمام الوالدين مظهر عظيم من مظاهر البرّ، وكثير من الأولاد أصواتهم كأصوات الحمير أمام الوالدين، يكون أحدهم وديعا صموتا أمام النّاس، فإذا رأى والديه أو أحدهما نهق كما ينهق الحمار تماما، وهو بهذا الصّنيع حمار حقيقي بامتياز.
37 ـ استئذان الوالدين قبل السّفر أو أيّ فعل يهمّ الابن بفعله مظهر دالّ على اللّباقة والشّياكة الحقيقيتين، ومن عوّد نفسه على هذا الخلق رآه في أولاده والعكس بالعكس.
38 ـ إدخال الفزع في قلب الوالدين مسلك فظيع، وكلّ خبر فيه فزع للقلوب فليكتمه الابن البارّ، ولا حاجة أن يخبر به والديه، دعهما في سلام وهدوء وسكينة.
39 ـ إيثار الوالدين خلق عظيم كاد أن يندثر وينسى، فكم آثراك صغيرا فآثرهما بكلّ شيء تستطيعه ولو كان زجاجة عطر، أو عود سواك.
40 ـ من مظاهر البرّ مناداة الوالدين بأرقّ عبارة: أبي العزيز، أمّي الغالية، بعضهم يأنف أن يقول: أبي أو أمّي، بل يقول: الشِّيخْ والشّايبْ، والعجوزة والشّايبهْ!
41 ـ موت الوالدين وهما راضيان عنك أعظم مكسب يناله الولد البارّ، وموتهما غضبانين مؤشّر على خطورة الوضع والحال.
42 ـ ورحم الله المدراسي الذي استقينا منه هذه الدلالات والعبر، وقد بسطها في رسالته: بسط اليدين لإكرام الأبوين، وجزى الله أخانا الأنيس بهذا المجلس المبارك خي.
***
وكتب الثاني د. مصعب سلمان أحمد:
🌴 خاطرة بين يدي كتاب (بسط اليدين)
عقد شيخنا وأستاذنا الدكتور عبدالحكيم محمّد الأنيس حفظه الله مجلسًا لقراءة كتاب (بسط اليدين لإكرام الأبوين) عصر يوم الجمعة 4/شعبان /1444
وقد خطر لي: أنّ الأبوين والوالدين مصطلحان واردان في مواضع كثيرة من القرآن منها قوله تعالى: {ورفع أبويه على العرش} وقوله تعالى: {ووصَّينا الْإِنسان بوالديه إِحسانا}
وهذان الاستعمالان من روائع البيان فإنّ ربّنا لم يستعمل البرّ والدعاء والإحسان والأولى بالصحبة في جميع القرآن إلا للوالدين وليس للأبوين.
والوالدان سببان عظيمان لوجود الانسان {يخرج من بين الصلب والترَائب}
الوالدة منبع الحنان، وبركة الزمان، وجمال المكان، ومجمع الإخوان، وحبيبة الخلان، ووصية الرحمن
قلبها مكمن الأسرار، لسانها يقطر الشهد وحكايات الأخيار، عيناها حركة الحياة، يداها دفء الكون وموضع السكينة والقرار، حضنها حديث السنوات وجميل الأخبار، دعواتها تراتيل الاسحار
وهي جليلة القدر، تسلية العمر، جميلة الذكر، مجبرة الكسر، من أطيب العطر، فائقة الدرّ
كما أنّها آية من آيات الله، ووصية عظيمة من وصايا رسول الله، ومقصد للقبول عند أهل الله، وباب كبير من أبواب جنان الله
وهي مِن أعظمِ الرَّوابطِ بينَ النَّاسِ الرابطة التي خصَّها الله بمزيدٍ من العناية والذِّكرِ، فحض عليها أكثر من غيرها في أعظم ذكر، وأمر بوصلِها والإحسانِ إليها في أحلك الظروف وأشد المواقف، وحذر من المساسِ بأصحابها، ولو بأدنى الألفاظِ وأقل الكلمات
مهما كبرنا ومهما تقدّم بنا العمر تبقى حاجتنا وحنينا إلى الوالدة فوق كل الاحتياجات، وتبقى روحنا تحيا بوجودها، وشوقنا إلى أحن صدر وأطيب قلب بازدياد لا ينقص مهما أخذتنا مشاغل الحياة، فمكانها بالقلب وصوتها منغرس بأحشائنا، وجودها يعني الحياة وفراقها يعني الموت.
وأمّا الوالد فهو الحصن الحصين، والملاذ الأمين، والساعد المتين، والسند الذي لا يلين
هو دليل للخير، وبرهان كالفجر، وحجة على الغير، ومانع من كل شرّ، وبه يستدفع الضر
وأنّه طريق العلم، وسبيل الفهم، ومدرسة الحِلم، ومنشأ جوامع الكلم، ومهد المعرفة والقيم، ومعسكر الشهامة والشجاعة والكرم
وهو نقطة البداية وعَلَم النهاية، وقدوة الرواية ومستند الدراية، وجمال الحكاية وسرّ الولاية.....


بر الوالدين


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


رب اغفر لي ولوالديَّ ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات.


آمين يا رب العالمين