مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (118)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


04/01/2024 القراءات: 305  


تواضع العلماء:
قال الشيخ خليل الجندي (ت: 776) في آخر مقدمة مختصره المشهور (ص: 41): «والله أسأل أن ينفع به مَنْ كتبه، أو قرأه، أو حصّله، أو سعى في شيءٍ منه.
والله يعصمنا من الزلل، ويوفقنا في القول والعمل.
ثم ‌أعتذر لذوي الألباب من التقصير الواقع في هذا الكتاب، وأسأل بلسان التضرع والخشوع، وخطاب التذلل والخضوع، أن ينظر بعين الرضا والصواب، فما كان مِن نقصٍ كمّلوه، ومِن خطأ أصلحوه، فقلما يخلص مصنِّفٌ من الهفوات، أو ينجو مؤلَّفٌ من العثرات».
***
إبداع البخاري:
قال العلامة محمد أنور شاه الكشميري في كتابه "فيض الباري على صحيح البخاري" (1/ 161): "وأبدعَ المصنِّفُ -رحمه الله- في الترتيب حيثُ وضعَ الوحي أولًا، ثم الإيمان، ثم العلم".
***
أمن يجيب المضطر:
وتشتكي الرُّوحُ مِنْ حُزنٍ يُؤَرِّقُها ... مَنْ كانَ أسمعَ مِن رَبِّي لِشكواها؟
أنتَ الودُودُ الرَّحيمُ البَرُّ خالقُنا ... أنَّىٰ تَخيبُ قُلُوبٌ أنتَ مولاها؟
نشرهما د. رعد الكيلاني.
***
التائب والمنيب والأواب:
"التائب إلى الله تعالى هو الراجع من شيء إلى شيء.
راجع من الأوصاف المذمومة إلى الأوصاف المحمودة.
راجع عما نهى الله عنه إلى أمره، وعن معصيته إلى طاعته، وعما يكرهه إلى ما يرضاه.
رجوع من الأضداد إلى أسباب الوداد.
ورجوع إليه تعالى بعد المفارقة، وإلى طاعته بعد المخالفة.
فمن رجع عن المخالفات خوفًا من عذاب الله ‌فهو ‌تائب.
ومن رجع حياء فهو منيب.
ومن رجع تعظيمًا لجلال الله سبحانه فهو أوّاب.
والتوبة أحسن ما قيل في معناها شرعًا: هو الرجوع من البُعد عن الله إلى القرب إليه سبحانه وتعالى اهـ. ذكره الإيجي".
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين لابن علان (1/ 90).
***
قيمة الفهرس:
قال الأستاذ محمود شاكر: مفتاح كل كتاب فهرس جامع، فأقرأ الفهرس قبل كل شيء.
المتنبي.
***
أذكار الصباح والمساء:
لو علم الناس ما في أذكار الصباح والمساء من فضل وخير، وما يترتب عليها من حفظ الله للعبد في سائر شؤونه، وما يصحبها من هداية قائلها لفضائل الأعمال؛ ما تركوها أبدًا أبدًا. ولكنها الدنيا تفتن وتُنسي!
فليستحضر المؤمن قول الله عزوجل: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.
وما جُعلت الأذكار أذكارًا إلا لأنها تذكر الناسي بالله عزوجل، فتذكر واطرد الشيطان!
محمود عنداني.
***
كتب في ليلة:
ذكر عن الشافعي في حديثه عن لقائه بهارون الرشيد -ويُدرس السند-:
"فقال [الرشيد]: والله لقد ادعيتَ علمًا فهل من موعظة تعظ بها؟ قال: فذكرتُ موعظة لطاوس اليماني فوعظتُه بها، فبكى، ثم أمرَ لي بخمسين ألفًا، وحُملتُ على فرس، وركبت بين يديه وخرجتُ، فما وصلتُ الباب حتى فرقتُ الخمسين ألفًا على حجبة أمير المؤمنين وبوابيه.
قال: فلحقني هرثمة -وكان صاحب هارون- بعشرين ألفًا فقال: خذ هذه واقبلها مني. فقلت له: إني لا آخذ العطية ممن هو دوني، وإنما آخذها ممن هو فوقي. قال: فوجد في نفسه.
وخرجتُ كما أنا حتى جئتُ إلى منزلي ووجهتُ إلى كاتب محمد بن الحسن بمئة دينار وقلتُ له: اجمع لي الوراقين الليلة على كتب محمد بن الحسن، وانسخها لي ووجه بها إليَّ، فكُتبتْ لي في ليلة ووَجَّه بها إليَّ".
تاريخ دمشق لابن عساكر (51/ 287)، ومختصر تاريخ دمشق (21/ 364).
***
نتـائـج الدُّعـاء:
ذكر جمالُ الدين يوسف بن حسن بن عبدالهادي الحنبلي المشهور بابن المبرد عشرة أدوية شرعية للوباء والطاعون، فذكر التاسع منها:
الدُّعاء منه، ومن غيره.
ثم ذكر حادثةً عجيبةً وقعتْ له، فقال: "وقد شاهدتُ منه في طاعون سنة أربع وستين أمرًا عجيبًا، وذلك أني كنتُ قد أصبتُ فيه في خسفة الترقوة اليسرى في الموضع الذي تقول له العامة: المعلف، وكبرتْ ونضحتْ حتى أجمع أكثر الأطباء على بطّها، وقال بعضهم: هذا المكان ليس بموضع بط، لأنه قريب المنفذ إلى الجوف، وفتحها فيه خطر.
فبتُّ تلك الليلة أسأل الله -عز وجل- أن يفعل بي الأصلح لأمري والأنسب لحالي، وهم على البط في الغد، فلما أصبحنا جاء الجرائحي ليبطها، فكشف عنها وإذا قد ذهب أكثر من نصفها، وهي قد تحجّرتْ، وذهب ذلك اللين والرخاوة منها، فانثنوا عن ذلك، ثم لم تزل تتناقص إلى أن ذهبتْ من غير بط ولا فتح، فرأيتُ ذلك من حلم الله -عز وجل- ولطفه ونتيجة دعائه، وعجبتُ من ذلك أنا وأكثر الناس، وكان شيخنا الشيخ عمر اللولوي يعجبُ من ذلك غاية العجب ويذكره ويبكي، ويقول: هذه نتائج الدعاء".
فنون المنون في الوباء والطاعون، ط دار نهج السلف ص ٢٧١ - ٢٧٢.
نقله الشيخ عبدالقادر محمود الأرناؤوط.
***
ضرر الصغائر:
قال شيخ الإسلام أبو يحيى زين الدين بن علي بن أحمد المخدوم المعبري الفناني رحمه الله:
واعلمْ أنَّ لِلْمُداومةِ على الصَّغِيرةِ تأْثِيرًا عظيمًا في تَسْوِيدِ القلبِ؛ لأَنَّ الإِصرارَ على الصَّغيرةِ كبِيرةٌ.
ومَن تَنوّرَ بِنُورِ الإِيمانِ يَعلمُ أنَّ كُلَّ ذنبٍ مِن فِعلٍ أو قولٍ أو نَظَرٍ أو سَمْعٍ أو فِكْرٍ يَصْدُرُ منهُ يُنقِصُ مَرْتَبَتهُ، ويُقَرِّبُهُ إلى إِبليسَ عَدُوِّ اللهِ وإلى شَرِّ المواضعِ النّار، ويُبْعِدُهُ عَنْ خيرِ المواضعِ الجنَّة.
أحمد صالح المليباري.
***
أنا من أنا:
(هذه أبيات كتبتُها قديمًا، ناسب ذكرها عند فقرة: "فمن أنا" المنشورة في رؤوس أقلام (107):
أنا من أنا أو ما أنا ... عبدٌ ذنوبًا قد جنى
لو فاح منها ريحُها ... لشممت ريحًا أنتنا
وغدا أخي ليَ كارهًا ... ولفرّ مني مَن دنا
والذنب قيدٌ موثقٌ ... يردي الشقيّ بما عنا (عنا: صار أسيرًا)
والعبد يزرع مغفِلًا ... وغدًا يراه وما اجتنى
فالويل لي إن لم أتب ... بالنار أصلى ألسنا
إن لم يداركني الإلـ ... ـه بعفوه أشقى أنا
أمين بن عبدالله السعدي الجزائري عفا الله عنه.
وهل تجيزون - لو تكرمتم- وأنتم للكرم أهلٌ ومحلٌّ قولي:
فمن أنا وما أنا... عبد ذنوبًا قد جنى
عبدالحكيم الأنيس:
لكنَّ قلبي سيدي ... قد ظنَّ ظنًّا حسنا
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


بارك الله في جهودكم الشَّيخ خَلِيل الجندي (ت 767 هـ / 1374 م)