مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد(5)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


18/01/2023 القراءات: 524  


أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما بلغ أبا ذر مبعث رسول الله  قال لأخيه : اركب على هذا الوادي فاعلم علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع قوله ثم ائتني ، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله ، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له : رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاما ما هو بالشعر . فقال : شفيتني مما أردت .
فتزود حمل شنة فيها ماء حتى قدم مكة فأتى المسجد فالتمس النبي  ولا يعرفه وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل اضطجع فرآه علي

رضي الله عنه فعرف أنه غريب فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح .
ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي  حتى أمسى ، فعاد إلى مضجعه ، فمر به علي فقال : أما آن للرجل أن يعلم منزله ، فأقامه ، فذهب به معه ، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء ، حتى إذا كان اليوم الثالث ، فعاد علي ذلك فأقام معه .
ثم قال : ألا تحدثني ما الذي أقدمك ؟ قال : إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت . ففعل ، فأخبره قال : فإنه حق وهو رسول الله  فإذا أصبحت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل ، فانطلق يقفوه ، حتى دخل على النبي  ودخل معه فسمع من قوله وأسلم مكانه فقال له النبي  : « إرجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري .
قال : والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم ، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه ، وأتى العباس فأكب عليه فقال : ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأن طريق تجارتكم إلى الشام فأنقذه منهم .
ثم عاد من الغد بمثلها فضربوه وثاروا فأكب العباس عليه . وعند البخاري أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال : يا معشر قريش إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فقالوا : قوموا إلى هذا الصابئ فقاموا فضربت لأموت . فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم فقال : ويلكم تقتلون رجلا من غفار ومتجركم وممركم على غفار فأقلعوا عني .

فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت : مثل ما قلت بالأمس ، فقالوا : قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي مثل ما صنع بالأمس فأدركني العباس فأكب علي وقال مثل مقالته بالأمس .
شعرا : طالع تواريخ من في الدهر قد وجدوا
( تجد خطوبا تسلي عنك ما تجد
(
تجد أكابرهم قد جرعوا غصصا
( من الرزايا بها قد فتنت كبد
(
عزل ونهب وضرب بالسياط يلي
( حبس وقتل وتشريد لمن زهدوا
(
وإن وقيت بحمد الله شرتهم
( فلتحمد الله في العقبى كمن حمدوا
(

آخر : ولا يلبث الجهال أن يتهظموا
( أخا الدين ما لم يستعن بسفيه
(

آخر : ومن يحلم وليس له سفيه
( يلاقي المعضلات من النذول
(

آخر : ما إن نفى عنك قوما قربهم ضرر
( كمثل قمعك جهالا بجهال
(

آخر : تعد الذئاب على من لا كلاب له
( وتتقي مربض المستأسد الحامي
(

وفي الحديث الذي أخرجه مسلم يقول أبو ذر : فرماني الناس حتى كأني نصب أحمر فاختبأت بين الكعبة وأستارها ولبثت فيها خمس عشرة من يوم وليلة ما لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم .
قال : ولقينا رسول الله  ، وأبو بكر رضي الله عنه ، وقد دخلا المسجد فوالله أني لأول الناس حياه بتحية الإسلام . فقلت : السلام عليك يا رسول الله ! فقال : « وعليك السلام ورحمة الله ، من أنت » . فقلت : رجل من بني غفار . فقال صاحبه : ائذن لي يا رسول الله في ضيافة الليلة ، فانطلق بي إلى دار في أسفل مكة فقبض لي قبضات من زبيب . قال : فقدمت على أخي فأخبرته أني أسلمت . قال : فإني على دينك ، فانطلقنا إلى أمنا فقالت : إني على دينكما . قال : وأتيت قومي فدعوتهم فتبعني بعضهم .
وأخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية من طريق ابن عباس رضي الله عنهما عن أبي ذر رضي الله عنه قال : أقمت مع رسول الله  بمكة فعلمني

الإسلام وقرأت من القرآن شيئا ، فقلت : يا رسول الله إني أريد أن أظهر ديني . فقال رسول الله  : « إني أخاف عليك أن تقتل » . قلت : لا بد منه وإن قتلت . قال : فسكت عني فجئت وقريش حلقا يتحدثون في المسجد فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
فانتفضت الحلق فقاموا فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر ، وكانوا يرون أنهم قد قتلوني ، فأفقت فجئت رسول الله  فرأى ما بي من الحال . فقال : « ألم أنهك » ؟ فقلت : يا رسول الله كانت حاجة في نفسي فقضيتها . فأقمت مع رسول الله  ، فقال : « الحق بقومك فإذا بلغك ظهوري فأتني » .
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : أتيت مكة فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم ، فخررت مغشيا علي ، فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر .


نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد(5)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع