مدونة ا.د سلوان كمال جميل العاني


كلمة بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيس منصة أريد ويوم الباحث العربي 25 ابريل / نيسان 2023م

ا.د سلوان كمال جميل العاني | Prof.Salwan K.J.Al-Ani (Ph.D) FInstP


30/04/2023 القراءات: 400   الملف المرفق


اتقدم بالتهنئة الى كافة العلماء والخبراء والباحثين الناطقين بالعربية في بالذكرى السابعة لتأسيس منصة أريد راجيا لكم النجاح والتقدم العلمي وان تكون هذه المناسبة يوما مميزا لاستذكار ما حققه الباحثين العرب في العصر الحديث من انتاج علمي ومساهمة بالمعرفة الانسانية، والذين لم يتركوا اوطانهم رغم الصعوبات التي واجهتهم، ونسبوا ابحاثهم وانجازاتهم العلمية والتكنولوجية لجامعاتهم ليذكرّوا العالم بالدور الحضاري الهام للعرب والمسلمين .
ولعلنا نتوقف امام دروس وعبر من التاريخ حين طالب هارون الرشيد بعد فتحه لعمورية بتسليم المخطوطات الإغريقية القديمة، وكذلك المأمون بعد انتصاره على قيصر بيزنطة بتسليم أعمال الفلاسفة القدماء التي لم تتم ترجمتها بعد إلى العربية، والذي اعتبر ذلك بديلاً عن تعويضات الحرب، وليس كما يستولي المحتلون اليوم على المناجم والصناعات الحربية الهامة والأسلحة الحديثة مع مخترعيها، ويسرقوا خيرات وكنوز حضارات الدول الاخرى.
لقد طور العرب بتجاربهم وأبحاثهم العلمية ما أخذوه من الحضارات القديمة وشكلوها تشكيلا جديدا، فالعرب في الواقع هم الذين ابتدعوا طريقة البحث العلمي القائم على التجربة، وإنّ جامعات الغرب لم تعرف مدة خمسة قرون موردا علميا سوى مؤلفاتهم .
وما كان للعالم اليوم أن يرى الإنترنت أو الحاسوب لولا ما قدمه العالم المسلم أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي من نظريات ومفاهيم والذي يعتبر مؤسس علمي الجبر واللوغاريتمات وواضع القواعد الأساسية لعلم الحساب الحديث، وان رواد علوم الرياضيات الألمانية الحديثة وغيرهم بنوا نتائج أبحاثهم الباهرة على ما أخذوه من نتائج توصل إليها الخوارزمي، الذي ينسب إليه مفهوم الخوارزمية في الرياضيات، ويُعد عند بعض كبار علماء الرياضيات الأب الروحي لعلم الحاسوب.

ويعتبر البحث العلمي احد وسائل تقدم وتطور الانسان، وهو الطريق لاكتشاف الجديد والابتكار والابتعاد عن أسلوب الحياة النمطي، وبالعلم والمعرفة انتقل الإنسان من المرحلة البدائية إلى مرحلة التحضر والتمدن، ولولا نتائج الأبحاث العلمية لما حقق الانسان التقدم في الحضارة الانسانية، والتي كان لها الاثر الكبير في تغيير نمط وأساليب الحياة.
ولاهمية البحث العلمي اصبحت الجامعات تتسابق في رفع تصنيفها ضمن المعايير المعتمدة عالميا من خلال التوجه إلى النشر في المجلات التي ترفع التصنيف، حيث ان تميز باحثي الجامعة في النشر الدولي يسهم في تحقيق مراتب متقدمة للجامعات في التصنيفات العالمية، والتي تأخذ بعين الاعتبار عدد وجودة المنشورات العلمية، وهو ميدان التنافس بين جامعات العالم.
وغالبا ما يفهم ان صناعة العقول هي مسؤولية المؤسسات التعليمية ومنها الجامعات لبناء العقل البشري بالعلم والمعرفة وطرق التفكير والمهارات، وجودة التعليم والبحث العلمي التي هي دعامة لتقدم المجتمع والركيزة الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
واما مخرجات تلك المصانع على المستوى الجامعي فهي تهيئة طلبتها الخريجين على التكيف مع متطلبات الحياة من خلال أطلاعهم من بداية التحاقهم بالجامعات وحتى تخرجهم على برامج أو مبادرات أو أنشطة تسلط الضوء على بناء العقول و قصص النجاح والتجارب المحلية والعالمية لتوسيع معارفهم الذهنية والفكرية ولتحفيزهم نحو بناء شخصيتهم المستقلة ليكون لهم الدور الريادي في المستقبل في البناء والتطور.
وهنا يبرز دور عضو هيئة التدريس والباحث المتميز في المؤسسات التعليمية والجامعات كشريك ومحرك اساسي في صقل شخصية الطلبة ورسم مستقبلها من خلال تنمية المهارات العلمية والبحثية وخلق بيئة تساهم في صناعة اجيال تتمتع بعقول ذات مستوى فكري قادر على التعامل مع التطور التكنولوجي وتمكنهم من لعب دور حقيقي في السباق الحضاري .
ان نهضة المجتمعات ليس بكثرة الشهادات ولكن بصناعة العقول وإستثمار القدرات الابداعية وتوظيفها في مشاريع إبتكارية والتي أصبحت المفتاح الاساسي لبناء مستقبلٍ الامم .
ان رسالة العالم والباحث الجيد يستمر تأثيرها للأجيال اللاحقة، وعندما نتأمل الحضارة الانسانية نجد نماذج لعلماء ومفكرين أفنوا سنوات من العمل الاكاديمي والبحثي في تسخير علمهم وانتاجهم وعطائهم ومعارفهم للارتقاء بمجتمعاتهم لمستويات متقدمة، وان الأمة التي تحافظ على امن علمائها، وتؤمن لهم الحياة التي تليق بهم، والتي تكرّم صُنّاع حضارتها، هي أمّة عريقة وواعية وأصيلة ووفية لابنائها . ويتجلى ذلك من خلال تكريم رموزها والاحتفاء برواد الفكر والإبداع ورجالات العلم والثقافة الذين قدّموا إسهامات كبيرة في خدمة العلم وطلبة المعرفة.
وإيمانًا من منصة أريد بجهود الباحث العربي ودوره في بناء القاعدة العلمية والتكنولوجية القوية الكفيلة بالتطور والرقي والسيادة، وفي صناعة المستقبل العلميّ المجيد فقد خصصت منذ العام 2017م يوم الخامس والعشرين من شهر نيسان/ إبريل من كلِّ عام احتفال بيوم الباحث العربي، وذلك من أجل الاحتفاء به ودعمه، والإشادةِ بجهوده في تطوير المجتمع .
مرفق نص الكلمة








الخوارزميات، الانترنت، التحضر، تصنيف الجامعات، صناعة العقول، الباحث العربي، الابتكار


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع