مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد(2)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


17/01/2023 القراءات: 533  


أخرج ابن إسحاق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما أسلم عمر رضي الله عنه ، قال : أي قريش أنقل للحديث ؟ فقيل له : جميل بن معمر فغدا عليه . قال عبد الله : وغدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل وأنا غلام اعقل كلما رأيت حتى جاءه فقال : أعلمت يا جميل أني أسلمت ودخلت في دين محمد  قال : فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه ، واتبعه عمر واتبعته أنا حتى قام على باب المسجد وصرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش وهم أنديتهم حول الكعبة ألا إن ابن الخطاب قد صبأ .
قال : يقول عمر من خلفه : كذب ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وثاروا إليه ، فما برح يقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم . قال : وطلح : - أي أعيا - فقعد وقاموا على رأسه ، وهو

يقول : افعلوا ما بدا لكم فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا .
قال : فبينما على ذلك إذا أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبرة وقميص موشى حتى وقف عليهم ، فقال : ما شأنكم ؟ فقالوا : صبأ عمر . قال : فمه ، رجل اختار لنفسه أمرا ، فماذا تريدون ؟ أترون بني عدي يسلمون لكم صاحبهم هكذا ، خلوا عن الرجل .
قال : فوالله لكأنما كانوا ثوبا كشط - أي كشف عنه ، قال : فقلت لأبي بعد أن هاجروا إلى المدينة : يا أبت من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك ؟ قال : وذاك أي بني العاص بن وائل السهمي . وهذا إسناده جيد قوي . أخرج ابن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي ، قال : لما أسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطا ، قال : أترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث ، والله لا أحلك أبدا ولا أفارقه ، فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه .
وأخرج البخاري في التاريخ عن مسعود بن خراش رضي الله عنه قال : بينما نحن بين الصفا والمروة إذا أناس كثير يتبعون شابا موثقا بيده في عنقه ، قلت : ما شأنه ؟ قالوا : هذا طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - صبأ وامرأة وراءه تدمدم وتسبه . قلت : من هذه ؟ قالوا : الصمة بنت الحضرمي أمه .
وأخرج الحاكم في المستدرك عن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال : قال لي طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه : : حضرت سوق بصرى فإذا راهب في صومعته يقول : سلوا أهل هذا الموسم أفيهم واحد من أهل الحرم .
قال طلحة رضي الله عنه : نعم أنا . فقال : هل ظهر أحمد بعد ؟ قال : قلت : ومن

أحمد ؟ قال : ابن عبد الله بن عبد المطلب هذا شهره الذي يخرج فيه وهو آخر الأنبياء مخرجه من الحرم ، ومهاجره إلى نخل وحرة وسباخ ، فإياك أن تسبق إليه .
قال طلحة : فوقع في قلبي ما قال ، فخرجت سريعا حتى قدمت مكة فقلت : هل كان من حدث ؟ قالوا : نعم ، محمد بن عبد الله  الأمين تنبأ ، وقد تبعه ابن أبي قحافة . قال : فخرجت حتى دخلت على أبي بكر رضي الله عنه فقلت : اتبعت هذا الرجل ؟ قال : نعم فانطلق فادخل عليه فاتبعه فإنه يدعو إلى الحق فأخبره طلحة بما قال الراهب . فخرج أبو بكر بطلحة فدخل به على رسول الله  فأسلم طلحة وأخبر رسول الله  بما قال الراهب فسر رسول الله  ، فلما أسلم أبو بكر وطلحة أخذهما نوفل بن خويلد بن العدوية فشدهما في حبل واحد ولم يمنعهما بنو تميم . وكان نوفل بن خويلد يدعى (( أسد قريش )) فلذلك سمى أبو بكر وطلحة القرينين ... . فذكر الحديث . وأخرجه البيهقي وفي حديثه ، وقال النبي  : اللهم اكفنا شر ابن العدوية .
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي الأسود قال : أسلم الزبير بن العوام رضي الله عنه وهو ابن ثمان سنين ، وهاجر وهو ابن ثمان عشرة سنة وكان عم الزبير يعلق الزبير في حصير ويدخن عليه بالنار وهو يقول : ارجع إلى الكفر . فيقول الزبير : لا أكفر أبدا .
وأخرج أبو نعيم أيضا عن حفص بن خالد قال حدثني شيخ قدم علينا من الموصل قال : صحبت الزبير بن العوام رضي الله عنه في بعض أسفاره فأصابته جنابة بأرض قفر فقال: استرني . فسترته فحانت مني التفاتة فرأيته مجدعا بالسيوف . قلت : والله لقد رأيت بك آثارا ما رأيتها بأحد قط ؟ قال : وقد رأيت ذلك ؟ قلت : نعم . قال : أما والله ما منها جراحة إلا مع

رسول الله  وفي سبيل الله .
وعند أبي نعيم عن علي بن زيد قال : أخبرني من رأى الزبير وإن في صدره لأمثال العيون من الطعن والرمي .
أخرج الإمام أحمد وابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أول من أظهر الإسلام سبعة رسول الله  وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد رضي الله عنهم .
فأما رسول الله  فمنعه الله بعمه ، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه ، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وصهروهم في الشمس فما منهم أحد إلا وقد أتاهم على ما أرادوا إلا بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله ، وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد .


نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد(2)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع