مدونة إبراهيم باري


هكذا الدنيا.. مقياس حياتك..

إبراهيم باري | Ibraima barry


06/04/2023 القراءات: 718  



طالما سمعت أن الدنيا فانية وكل ما عليها ناهية ولا أحد للمقاومة، لكنك لم تثق به واعتبرت هذا من أساطير الأولين وأنك قادر على تحمل الدنيا والتصرف في أحوالها بذكائك نعم قلت أنك قوي وتمسك بزمام الأمور كلها ولا شيء أو احد سيفلت بين يديك.
أما إنه قد آن لك الآن أن علمت أنك لست بشيء في هذه الدنيا بل لا تمثل شيئا في هذا الشيء العظيم لان الملك هو العالم بكل شيء.
تعال نستذكر ما قد مررت به أو سمعته أو أبصرته أو حتى يوما ما قد عشته.
أول كل شيء وآخره هو عبادتك إن تخليت عنها جلبت لنفسك نقمة وهموما لا تتصورها ولن تفارقك أبدا
قبل الشروع الى حلول هذه الأزمات تأكد أولا من حسابك الشرعي مع خالقك
مملوء وليس حسابك البنكي فقط
أعظم شيء في حياة الإنسان ويتمناه الجميع ثلاثا.. العلم، الحب ،المال
من رزق بهذه الثلاثة فقد أعطي فضلا عظيما وكانت حياته مليئة بالسعادة ودنياه موسع وميسر. ذاك الفضل من الله.
أما العلم فهذا نهج الأنبياء والصالحين وإنه الوحيد الموصل بصاحبه الى الجنة لأن ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل له به طريقا الى الجنة- صدق رسول الله  )
وجدير بالذكر أن العلم هنا ليس المعني به شرعا فقط ولو كان هذا أولى ولكن أيضا كل علم يخدم هذه العلوم ويقرب العبد الى ربه وعباده مع لطف وسكينة, ثابت في أصول الدين وفروعه وليس متعارض للدين ظاهرا أم باطنا أو معنويا ،فان ذلك العلم يدخل في هذه الطائفة.
العلم هو الشيء الوحيد الذي طلب رسولنا الكريم من ربه الزيادة (وقل رب زدني علما) ولا يخفى على أي احد أهمية العلم بل حتى ذلك الأمي الذي لم يحظ من العلم قدرا كافيا يتمنى أن لو وجد هذا العلم حتى يزين نفسه به .. فمكانة أهل العلم عظيمة فهم ورثة الأنبياء وهم أخشى العباد لله لذاك إنما يخشى الله من عباده العلماء

فالعلم من رزقه فقد أعطي خيرا كثيرا وصار من الذين يضع الملائكة أجنحتهم لهم شرفا وتقديرا لهم لكن بشرط أن تكون نية طلبك صافية ونقية وخالية من الطموحات الدنيوية من منصب وشهرة وكرسي أو ما تشابهه .

المال والناس في هذا متفاوتون أيضا كما في سابق كلامنا عن العلم ،أما المال فأمره أخطر بكثير لأنه به أولا تحصل الذرية والزواج وغيرها مما تهوى إليه النفس وهي زينة الحياة الدنيا ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا)
والمال يرزقه الله من يشاء من دون تدخل صاحبه ولا لأجل قوته بل ذلك قدر من الله ،ومن حظي ولو بقليل منه فقد امتُحن امتحانا صعبا وكان هذا العبد تحت مراقبة خالقه
فحري على من رزق أن ينفق ماله كما يأمره بذاك خالقه ( وانفقوا في مال الله الذي أتاكم) فالنفقة ركن أساسي وشرط على بقاء الأموال وتزايدها والبركة فيها ..( وان تصدقوا هو خير لكم ...)
وما أجمل صدقة صادقة على قرابة ثم صداقة
فيا عبد الله أنفق أموالك في سبيله واعلم أن بالشكر تدوم النعم و أفضل شيء تشكر به ربك هو أن تتصدق في سبيله وتنفق على عيالك وعباده هكذا تسعى الى مرضاته
ولا تحزن إن حرمت منه لعل ذلك خير لك .تدبر قوله سبحانه ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء ) إذا هناك من يحرمون من الرزق لأنهم لو أعطوه لبغو ولخالفوا شرع الله ولا ما انفقوه في مرضاة الله وبما أن الله هو علام الغيوب يعلم الكل ولا يخفى عليه ولو قليل من الكل ،فمنع لعبده هذا الرزق ورزق غيره الذي ينفق أمواله بطيب نفسه دون بغي ولا رياء ..إذا اطمئن فكل شيء عنده بمقدار ..ثم إنه لن يموت ابن آدم حتى يحصل كامل ما كتب له ومن ذاك الرزق ..فان تأخر فتللك حكمة من الله

الحب أولا هذا أمر فطري ليس للعبد عليه طاقة أعني لا نعرف لماذا نحب ومن نحب وكيف نحب وكذا الكره إن صح القول جاز لنا أن نقول هو أمر مقدور وتوقيفي. إن قال قائل ولكن من يملك العلم أو المال أو الجاه سيحصل الحب بلا شك ... نعم قول صحيح ولكن إذا كان الحب مبني على أسباب فاعلم أنه مهما طال يوم تفنى هذه الأسباب سيحل الخراب ويحين الانفصال لأنه لم يكن منذ البداية نية الاتصال ولا حرية الاختيار فعندما يذهب السبب ويضعف المسبب فليس لمواصلة من سبيل
ألا إن الحب الباقي والمثمر فيه بركة ما كان لله في الله مع الله ابتغاء مرضاة الله
والحب الأولى على العبد والذي بركته لا ينقطع أبدا بل إن هذا الحب في نفس الوقت عبادة وشكرا للخالق سبحانه
أولا حب الله وذلك يكون بإتيان أوامره واجتناب نواهيه وعدم الإشراك به، وكيف لا يكون حبه واجب وقد خلقك وسواك وأحسن صورتك ورزقك وعلمك وحصنك بدون مقابل أآله مع الله ...

حب الرسول الكريم وكيف لا وهو الذي لا يكمل إيمان العبد حتى يكون الرسول أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين وهذا يقتضي التأسي به ( قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ، والاجتناب عما نهى عنه وزجر ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه) ثم الإتيان الى ما أمر به قدر الاستطاعة . واعلم ان بين حب الله وحب رسوله صلة قوية لا يتحقق الآخر الا بقرينه ( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)

وأخيرا ،حب الآباء والطاعة لهم ما لم يتجاوز حدود الشرع الذي انزله الله .. وثمة أمر ينبغي التنبه اليه ان من أكثر ما يوجب للعبد الجنة ورضى الله هو بر الوالدين والقران والسنة نص على ذلك في غير واحد من موضع
بل ان بعد طاعة الله وطاعة رسوله المرتبة الثالثة يفوز بها هؤلاء الآباء أولياء الأمور ( يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) وان كان الأمراء والرؤساء والحكام يدخلون في نص (أولي الأمر منكم) الا ان الآباء أولى بهذه المكانة الشريفة الجليلة .
أما الحب بعد هذا ان بني على شرع الله فبها ونعمة وان خالف فعليها ونقمة.
وأنت يا شاب جيل مستقبل هذه الامة فابن نفسك وزودها بالإيجابيات حتى تقدر حمل مسؤولية هذا المجتمع.


الشباب المجتمع الحياة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع