كانت أيام!! خواطر من تأليف زينب عبد اتواب رياض
د/ زينب عبد التواب رياض | Dr/ Zainab Abd El-twab Riyad
27/05/2021 القراءات: 2439
كانت أيام!!
لم أكن أعلم بأنها أيام جميلة الا بعد أن رحلت وغابت معالمها، لم يتبقى منها الا قليل من ذكريات تأتى أشباحها لتراوض خيالي، وتجعلني أقول " كانت أيام".
ربما لو عادت لوجدتها صعبه وتخلو من جمال، لكنها كانت آنذاك هي الجمال ذاته، أيام الطفولة وان كنت لم أحيا طفولتي مثل أقراني، فكانت طفولتي تغلفها المسؤولية وإحساس بأني لا بد وأن أكون على قدر تلك الجملة التي كانت تحتضن خطواتي ولا تفارق مسامعي: "الكبير لا بد أن يتحمل"
تذكرت تلك الأيام، تذكرت جدتي والبيت الكبير، تذكرت لمبة الجاز وصوت الوبور واستشعرت دفئه وقت الشتاء، وسمعت صوت والدتي وغلقها للباب بعد خروج والدي للعمل، وانشغالها بنا ليل نهار دون ملل أو كلل بابتسامة لا تفارق محياها.
تذكرت لعب أبناء الجيران أمام البيت، وشتاء الأمس القريب، وبائع العرقسوس وآذان المغرب والمدفع في شهر رمضان، والغريب أنني وجدت اشتياقاً لتلك الأيام رغم صعوبتها، فلم يكن هناك كماليات ولا حتى أساسيات ما هي إلا مقومات للحياة كي يمر النهار ويأتي مساء ينتظر نهار جديد ندعو أن يمر في سلام، تذكرت ألواح الثلج وقت بيعها لتبريد المياه، ووجدت عبق الماضي بكل تفاصيله يسكن كياني، وفي الطريق كنت لا أرى إلا أشباح الماضي، وفجأة سمعت صوت يناديني "ما هذه الغيبة يا حاج؟" جاءني الصوت ضبابي النسج وكأنه قد جاء من غيابات الجب، استوقفتني كلمة "حاج" لا سيما وأنني كنت أسير مع ذكريات الماضي وأنا فيه طفل كبير، والآن أجدني "الحاج الكبير!!" ما أبعد اليوم من الأمس، وما أسرع الأيام في جريانها .
ذكريات- الماضي - البعيد
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة