إصْبَاحُ اللَّمْحَةِ الأَمِينَةِ بِقِرَى مَجَالِسِ المَدِينَةِ (1)
د. عبد الرزاق مرزوق | Abderrazak Merzoug
02/09/2023 القراءات: 1077
احتفاء بتلقي كتاب « المجالس المدنية في شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل»، للإمام الشهيد الشريف أبي علي محمد المنتصر بالله الكتاني الحسني (1416هج). الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد، فإن خير ما يغنم العبد من مغانم هداية الله تعالى له وتوفيقه: علم يدله على فضله عليه، وسر افتقاره الذاتي إليه؛ الحامل له على لزوم عتبات عبوديته ومرضاته، وخير هذا العلم كتاب يشتمل منه على ما يعظم كتاب الله تعالى وحديث النبي الأمي الصفي الذي نزل عليه صلى الله عليه وسلم. هذا بعض ما وجدت من آثار المسرة والرضا وأنا أتلقى الكتاب الذي عقدت ترجمة هذه التدوينة تنويها بمحله العلي، وإلماحا إلى سها شرفه الأجل السني، لا سيما وأن نسخته المطبوعة التي تلقيت كانت أول نسخه المطبوعة الداخلة إلى المغرب آنذاك، ولا أدري إن كان قد دخل بعدها سواها، لكني حريص على الإشادة بها إشادة الظافر الشاكر لله تعالى على ما أنعم به علي من فضله الجاري المتمادي، ولمن تولى إسعافي بإرسالها إلي وإسعادي، أسعفه الله بصنوف رحمته، وأسعده بمستمر عنايته ومرضاته. ولما كان عِظم المسرة بحسب محل المسرور به فإن كتاب "المجالس المدنية في شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل حافظ السنة النبوية" كتاب فريد النفاسة، لو وافق صدوره وظهوره للعلم وأهله اعتبارا لخص بحفل ذي بال؛ يخلد الناس أعياده المُشْهَرة وأعراسه، ثم يصلونه في ديوان فخارنا العلمي التليد، بمشهد دخول مسند الإمام أحمد رضي الله عنه إلى المغرب العامر المجيد، ولئن كان مدخله الأول ذاك مدخل رواية وإسناد، فإن مدخله اليوم مشروحا مدخل ولاية وإشهاد؛ أن العلماء المغاربة عامة وزمرة الكتانيين الشرفاء منهم خاصة قد رعوا أمانة حديث النبي صلى الله عليه وسلم - رواية ودراية - حق رعايتها، وزادوها عناية أبهرت المشارقة وردتهم إليهم متعلمين متطلعين إلى سني نوْرها البعيد وزهرتها، مع أن السيد الإمام أبا علي محمدا المنتصر بالله بنَ محمد الزمزمي الكتاني الحسني مؤلف هذا الكتاب الخلاب، قد جمع بين الحسنيين نظاما وختاما تم به عز التحصيل والطلاب، وأقام الشاهد المبين على أن محل حديث النبي صلى الله عليه وسلم من المغرب وعلمائه الكُمَّل؛ أشبه ما يكون بمحل البذرة من تربة تخصبها الكاثر الأمثل، فجاور رحمه الله تعالى الجوارين الأكرمين دهرا، وأئمة الحديث المشارقة من كل حدب وصوب حوله متزاحمون فجرا وعصرا. ولا يخفى على ذي بصيرة أن صدور هذا الكتاب بعد انصرام ثلاث وعشرين سنة على وفاة مؤلفه رحمه الله تعالى آية عظمى على أن النبوغ العلمي الكتاني أصيل مستمر ظاهر، وأن جنا غلته الطيبة لا يزال غضا زاهيا طري البشائر، يستحق - كما استحقت "المجالس المدنية" المزيد من عكوف الباحثين المغاربة على إخراجه للناس، إمعانا في مكاشفة مجدهم السائر، والاهتبال بتراثه الثائر الزاخر. لذا جعلت هذه التدوينة كالمدخل لما يستحق هذا الكتاب من مفصل المكاشفة والمفاتشة؛ تقليبا لوجوه الإبداع المميزة لتصنيفه، المباينة لسائر شروح مسند الإمام أحمد مباينة جعلته في بابته نسيج وحده وفريد بعثه.
الشهيد أبو علي محمد المنتصر بالله الكتاني - مسند الإمام أحمد - المجالس المدنية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع