مدونة د سامح شفيق عبد المعطي أبو طالب
مدى الحاجة لتجديد مقاصد الشريعة
د سامح شفيق عبد المعطي أبو طالب | D Sameh Shafek AbdelmoutyAbu Abu taleb
19/12/2020 القراءات: 3304
مدى الحاجة لتجديد مقاصد الشريعة
كلمة التجديد في اللغة : إعاده الشيء إلى سيرته الأولى ، فجدد الثوب تجديدا ، أي صيره جديدا وتجدد الشيء تجددا ، صار جديدا ، تقول : جدده فتجدد ، والجديد نقيض البلى والخلق .( )
وفي الشرع : التجديد إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما .( ) ومن التعريفات الحديثة لكلمة التجديد : أنها ما دل على الشيء الجديد المحدث ، سواء على مثال سابق أو من غير مثال .( )
وأما الفقه في اللغة : فهو العلم بالشيء والفهمُ له ، وغلبَ على عِلْم الدين لسِيادَتِه وشرفه وفَضْلِه على سائر أَنواع العلم ، كما غلب النجمُ على الثُّرَيَّا والعُودُ على المَنْدَل ، قال ابن الأَثير :
وقد جَعَله العُرْفُ خاصّاً بعلم الشريعة شَرَّفَها الله تعالى وتَخْصِيصاً بعلم الفروع منها . قال غيره : و الفِقْهُ في الأَصل الفهَم ( ) وأكتفي بالمعني اللغوي فهو ما يتطلبه البحث .
ومصطلح التجديد الفقهي عرف بتعريفات كثيرة تحمل دلالات توسع وتضيق مجاله وعمله ،منها:
أنه حركة شاملة مستوعبة ، خاصة أمام تحديات الانحطاط والتخلف المعاصرين .( )
ولا يكفي لتجديد الدين في زمن من الأزمان إحياء العلوم الدينية فقط ؛ بل يلزم لذلك إنشاء حركة شاملة من جميع العلوم والفنون والأفكار والصناعات ونواحي الحياة الإنسانية جمعاء .( )
ولا يفهم من التجديد أنه تغيير طبيعة القديم والاستعاضة عنه بشيء آخر حديث مبتكر ، فهذا ليس من التجديد في شيء .( ) فالتجديد يكون باستصحاب الثوابت والبناء على الأسس القديمة ، فهو يتعلق بإحياء الأسلوب وبلورة الأحكام العملية في قوالب تتمسك بالأصالة والعمق الإسلاميين ، وتكون في الوقت نفسه منسجمة مع النظرة المتطورة للإنسان ومتطلبات الحياة .( )
فهو عملية حيوية داخلية لإعادة اكتشاف مقاصد النصوص وفقا للفهم الزمني الذي يفي بحاجات العصر ، كما أنه ليس عملية نظرية مجردة منفصلة عن الواقع .
والتجديد بهذا المعنى أمر حتمي ، بل مطلب شرعي ، حتى تواكب الشريعة الغراء هذه التحولات والمستجدات التي تعيشها الأمة والعالم من حولها ، فالتطور الشامل الذي تعيشه الإنسانية في هذا العصر ، يولد قضايا ومشاكل تطرح أمام المسلم أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات ، فيتطلب على من يفتيه ويجيبه أن يبدد الغيوم التي تحجب الرؤية عنه من منظور إسلامي تطمئن له النفوس ، وليحقق المراد من قوله تعالى " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " ( النحل : 89 )
كما أن التجديد في مقاصد الشريعة واجب شرعي لعمارة الأرض وحفظ نظام التعايش فيها واستمرار صلاحها وصلاح المستخلفين فيها ، وقيامهم بما كلفو به من عدل واستقامة وصلاح ، وتدبير لمنافع الجميع .( )
وعليه : فإن مقاصد الشريعة هي الكلمة الجامعة لمعنى البصيرة في وضع الشريعة ، واكتساب المصالح وأسبابها ، والزجرعن اكتساب المفاسد وأسبابها ، فيها تتحقق مصالح العباد في المعاش والمعاد .( ) وبناء على ذلك فهي أمر حتمي ، ومطلب شرعي .
وإذا قلنا بأهمية التجديد إلا أن هناك إشكالية خطيرة في قضية التجديد تتمثل في :
1-خطورة التجديد الأصولي عامة والمقاصد خاصة من حيث ملامسته لأصول الخطاب الشرعي ، وموضوع التجديد يقوم على مركزية العقل البشري.
2- عدم وضوح الرؤية وبيان التصور في عملية التجديد .
3- القيمة العلمية لأصول الفقه ، وأن أي تغيير في بنيته الأصولية ستنعكس ضرورة على الإنتاج المعرفي الفقهي .( )
وفي الأخير : فالتجديد أصل من أصول الإسلام وضرورة من ضروريات حفظ الدين الإسلامي يشهد لها مراحل تطور الفقه الإسلامي إلى عصرنا الحاضر ، وصلاحية مقاصد الإسلام لكل زمان ومكان ، ويستحيل أن يتوقف التجديد مادامت عجلة الحياة تدور ، فاستعادة الأمة لعافيتها الحضارية وريادتها المعرفية يتوقف على تجديد مناهج تفكيرها وآليات تفاعلها مع العالم الذي حولها .
تجديد - مقاصد - التجديد الفقهي - مقاصد الشريعة - إحياء العلوم الدينية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع