مدونة د سامح شفيق عبد المعطي أبو طالب


مجالات وضوابط تجديد المقاصد الشرعية

د سامح شفيق عبد المعطي أبو طالب | D Sameh Shafek AbdelmoutyAbu Abu taleb


26/12/2020 القراءات: 4189  


مجالات وضوابط تجديد المقاصد الشرعية
فكرة التجديد المقاصدي انطلقت من حيثيات تصل في بعضها إلى حد الضرورة لحفظ الدين وحماية الشريعة من التهميش ، وهناك محددات عامة لتفعيل المقاصد في التجديد لابد من الوقوف عليها وخاصة بعد الجهود الإصلاحية التجديدية المعاصرة ، والتي تقوم على المصلحة ، وأن هذه الشريعة إنما شيدت على تحصيل مصالح العباد في الدارين .
أولا : ربط الفقه بالواقع
ويقصد به ربط الفقه بالحياة ووقائعها اليومية ، حتى يمكن أن يمتزج الواقع بالدين امتزاجا حيا ، ويمكن من بعده أن نقبل على الاجتهاد بروح واقعية كما يقتضيها الدين .والواقع هو " الفهم العميق لما تدور عليه حياة الناس " ( )
وحيثيات اعتبار الواقع في التجديد كثيرة ، فمن خصائص الشريعة الإسلامية الواقعية ، إذ لم تغفل عن الواقع في ما أحلت وحرمت ، وكذلك فيما وضعت من القوانين والأنظمة مما يخص الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والإنسانية ( ) ، وكذلك من الدلاءل الواقعية في التشريع نزول القرآن منجما مقترنا بالواقع والأحداث ، ومراعيا الطبائع البشرية وأحوالها ، وكذلك التمييز بين الخطابين المكي والمدني ، وغيرها كثير ....
ففهم الواقع ومراعاته ضرورة في التجديد ، وخاصة في العصر الحالي حيث التطور والمستجدات والنوازل في شتى مجالات الحياة .
ومن مستلزمات رعاية الواقع أمور كثيرة منها :
1- فهم الوضع الاجتماعي ( )
أي معرفة الظروف الاجتماعية والطبيعية والنفسية السائدة وقت صدور الخطاب ، والتي يتوقع أن يكون لها تأثيرا في صيغة الخطاب وتوجيهه وفهمه .( )
2- تغير الأحكام بتغير الزمان والمكان
فإجراء الأحكام التي مداركها العوائد مع تغير تلك العوائد خلاف الإجماع وجهالة في الدين ؛ بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد ويتغير الحكم فيه عند تغير العادة على ما تقتضيه العادة المستجدة .
وقد جاء في إعلام الموقعين : فصل في تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد ، وذكر أن الشريعة قائمة على مصالح العباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلها ، ورحمة كلها ، ومصالح كلها ، وحكمة كلها ، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل .( )
3- اعتبار المآل
والمراد به النظر فيما تؤول إليه الأفعال في الواقع من مصالح ومفاسد .( ) فقد يكون العمل في الأصل مشروعا ، لكن ينهى عنه لما يؤول إليه من المفسدة ، أو يكون في الأصل ممنوعا ، لكن يترك النهي عنه لما في ذلك من المصلحة .
واعتبار المآلات يدخل فيه سد الذرائع ، وإبطال الحيل ، ورفع الحرج ، ودفع الضرورة والحاجة ، وإنكار البدع ، والاستحسان ، والاحتياط ، وغيرها من الأصول الشرعية لأجل المحافظة عل مقصود الشارع ، من الأحكام الشرعية المتعلقة بها . ( )
ثانيا : التأطير العقدي والأخلاقي للفكر والعمل
ويقصد بها إعادة تصنيف المادة الفقهية تصنيفا جديدا يراعى فيه ربط الفقه بالعقيدة والأخلاق ، من خلال بث روح العقيدة والأخلاق في الفكر الفقهي ، وتوجيه كل قضاياه وأحكامه بمغازيه العقدية الكلية العامة وأبعادها الروحية والتربوية .( )
وبعد هذ العرض السريع للمحددات العامة للتجديد ، وغيرها كثير يضيق المقام لذكرها كالوسطية والاعتدال مثلا ، ومقاصد الشريعة تضبط مجالات التجديد حسب ما تسمح فيه بتغير أحكامها وقضاياها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والظروف من خلال القواعد والضوابط الأتية :
1-إن الأحكام القطعية في الثبوت والدلالة متحققة في الأحكام الثابتة بالقرآن والسنة المتواترة والمتعلقة بالعقيدة أو الإيمان وأصول العبادات والمقدرات من الكفارات والزكوات والحدود وفرائض الإرث ، وبالمحرمات اليقينية كقتل النفس والربا ونحوهما .( )
2-إن الأحكام الشرعية الثابتة بدليل قطعي لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال ، ولكن أحيانا يدخل التغيير عليها ، ولكنه لا يمس الحكم من حيث هو وإنما بسبب ما التبس بها مما يتعلق بالمكلف أو بالشروط الخارجية أو بعلته أو بسببه .( )
3-إن الأحكام المتغيرة هي الأحكام الظنية الثابتة بالاجتهاد ، كالقياس والمصالح المرسلة والعرف وغيرها من أدلة الاستدلال . ( )
4-إن الأحكام لا تتغير بحسب الهوى والتشهي ، واستحسان العباد واستقباحهم ؛ بل لوجود سبب وحاجة تدعو لإعادة النظر في علل الأحكام .( )
5- إن تغير الأحكام مقصور على أهل الاجتهاد ، وممن توفرت فيهم شروطه .
فلا يجوز الاجتهاد إلا لمن علم ما انزل الله عز وجل في كتابه من الاحكام ، وعلم السنن وما أجمع عليه المسلمون ، وحتى يعرف الأشباه والنظائر ، ويرد الفروع إلى الاصول .( )


مجالات التجديد - ضوابط التجديد - الواقع - اعتبار المآل - قطعية الثبوت


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع