مدونة :د,رتيبة محمدة بولوداني


البعد الدلالي للغة والخطاب

د.رتيبة محمدة بولوداني | D.ratiba mhamda bouloudani


11/03/2023 القراءات: 1418  


لقد كان الأدب ولا يزال فعالية لغوية انحرفت عن مواضعات العادة والتقليد، وتلبست بروح متمردة رفعتها عن سياقها الاصطلاحي إلى سياق جديد يخصها ويميزها، وهكذا باعتباره تجاوزا يحمل دفقا دلاليا، ينشده الشاعر ويهتم به القارئ، متسلحا بمنظومة من القيم والمفاهم، فيغدو الخطاب المشترك لوحة فنية، يرسم كل منها صوره الإبداعية، ويكون ذلك مصاحبا للتعدد الحاصل في الوحدات اللغوية المختلفة، تم أننا إذ ذلك لا نفكر إلا بواسطة الكلمات، ولا ثقة لنا في أفكارنا المجردة إلا حينما نضفي عليها طابع الموضوعية، ونميزها عن إسقاطاتها الذاتية، ونسجلها بعد ذلك في شكل خارجي يحتوي على خاصية الفعالية الداخلية الأكثر سموا، والتي تبدو جليا حينما تجد ألفاظا تعبر عنها، هكذا تتأسس العملية الكلامية، عن نحو يحدث فيه ذلك التفجر الذي يجتاح الطاقات التعبيرية الكامنة في صميم اللغة، فيحيلها شبكة تقاطع الدلالات مؤلفة بذلك نسيجا نوعيا للخطاب، فان كانت وحدوية البعد الدلالي هي مقود الكلام في مسيرته بين طرفي جهاز التحاور، بعد أن اتسم الحدث اللساني بطابع الاضطرار، فان ذلك يبقى المعطى الجوهري في أصولية الظاهرة من حيث هي موجود موضوعي قابل للتشريح والعقلنة، أما ما يعتري الظواهر من إنزياحات عارضة وتحولات طارئة، فإنه يستقرا بمنظور الحدث العرضي المتراكم من حين لأخر على الظاهرة الأساسية 
ولعل هذا ما يجعل اللغة في تطورها تخضع إلى نسق من الممارسات الأسلوبية في علاقتها الخلافية التي تحدد معانيها ودلالاتها، وهذا ما يفسر عملها ضمن علاقة مجاورة وتحتك بالميدان خارج اللساني، فجملة المفاهيم التي تحددها طبيعة اللغة في استعمالاتها الكلامية ، التعبيرية، أو ما أصطلح عليه بالأسلوب، تشكل انسجاما يفترض تعبيرا عن نسق جمالي ومنها، التقرير والإيحاء، و التشاكل والتباين والتي تحدد علاقة اللفظ بالمعنى،  وليت شعري هل كانت الألفاظ إلا من أجل المعاني، وهل هي ‘لا خدم لها، ومصرفة عن حكمها، أو ليست هي سمات لها وأوضاعها، وقد وضعت لتدل عليها، فكيف يتصور أن تسبق المعاني أو تتقدمها في تصور النفس، وإن جاز ذلك أن تكون أسامي الأشياء، وقد وضعت قبل أن عرفت الأشياء وقبل أن كانت، وما أدري ما أقول من شيء يجر الذاهبين إليه إلى أشباه هذا من فنون المحال ورديء الأحوال .

تم إن الوصول إلى  إكتناه دلالة الخطابات، يتطلب إنشاء علاقة جديدة بين مختلف المفاهيم الواصفة للغة التي تحددها الوظيفة المرجعية لها، وهذا ما يعبر عنه بالتقرير الذي يحمل وظيفة إبلاغية إخبارية، وكدا اللغة الثانية الناتجة عنها ، وهي اللغة الإيحائية التي تعبر عن دلالات إضافية تتراكب فوق بعضها البعض ضمن اللغة الواصفة، وتشحن الرسالة وتعطيها تلوينا خاصا أو تصبغها بصبغة مميزة  . وهذا ما يجعل اللغة تتحول من واقعها التقريري الذي يشير إلى مرجعيات خاصة باللغة إلى تدال لغوي ، يتضمن إيحاءات بمحولات دلالية.


الخطاب ، اللغة ، الدلالة ، الممارسة الأسلوبية،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع