مدونة خالد بن فتحي بن خالد الآغا


الرسالة الكبرى، علم وفن ومهارة

خالد فتحي خالد الآغا | Khaled Fathi khaled Alagha


27/06/2021 القراءات: 3204   الملف المرفق



لا شيء يجلب السعادة للإنسان كما يجلبها إدخال السعادة على الآخرين. وفي الحديث: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس. ولفظه عام في الناس وعام في النفع .
هذا المبدأ باختصار هو المسبارُ الذي تُختَبرَُ به الدعاوى التي لا نهاية لها في عالم الأفكار والمبادئ والقيم، دعاوى الأفراد والجماعات والدول والأمم، فكم منها الذي رفع هذا الشعار، ثم حاكمته الأيام إلى النتائج والآثار!
على أن هذا الهدف ظل دائما هو الوظيفةَ الأولى لشداة الإصلاح منذ نشأة الخلق، إلا أن الزيف لما كثر في دنيا الناس انضافت إلى وظائف المصلحين وظيفة أخرى هي المحافظة على سلامة الأصل، وكشف الزيف والبهرج.
ومع أن التفريق بين الأصيل والزائف عمل يسير في ذاته، إذ ليس من الصعب مثلا أن يعرف الإنسان الفارقَ بين الدر والصدف مع اجتماعهما في البياض، أو الفارقَ بين النحاس والذهب مع اتفاقهما في الصفرة، إلا أنّ ما يلابس ذلك من تزييفٍ للوعْيِ هو الذي يُصَعِّبُ على المصلح وظيفته، خاصة متى أصبح تزييف الوعي علما له أدواتُهُ وفنونه كما نراه اليوم.

الرسالة الكبرى:
إذا كان الناس يتساوون في الحقوق لتساويهم في الأصل والمشاعر والحاجات الإنسانية - كما يردد دعاة الحقوق الإنسانية – فإن مقتضى ذلك أن توضع خطة شاملة تتحقق بها كرامة الإنسان وسعادته، تراعي تكوينه الفطري، وتتحقق بها المقاصد من وجوده إنسانا، ويتمكن بها من القيام برسالته التي خلق لأجلها في أحسن تقويم، ولا يتأتى ذلك إلا بشروط:
- أن تراعى في الخطة الغايةَ من وجود الإنسان.
- أن تكون مصادرُها المعرفية بالإنسان يقينية الأصول، متينة الأسس.
- أن تكون في مأمن من التحيزات التي تؤدي إلى الخلل في التخطيط والنتائج.
- أن تكون خطة شاملة للإنسان في كل زمان ومكان.
- أن تراعي حاجاته الفطرية الأساسية، فتلبي مطالب الروح والعقل والجسد، فإن أغفلت شيئا من ذلك كانت قاصرة بالقدر الذي أغفلته.
- أن تجمع بين صلابة القواعد ومرونة الأداء والتشكيل.
- أن تستوعب انتقال الأطوار وتجدد الحاجات.
- أن يكون القائم عليها عُلويّ الغاية، مقدما للمصلحة العامة على مصالحه الخاصة

هذه الأسس لا تجدها في شيء من الفلسفات والمذاهب التي يدعو الناس إليها، وإن وُجِدَ شيءٌ منها فمختلٌّ الصورة ، اللهم إلا في منهج واحد، هو منهج الإسلام، فهو المنهج الذي يتوافر على هذه الشروط، ومن ثم يمكن القول بأنه المنهج الضامنُ سعادةَ البشرية والإنسان، وليست هذه دعوى كغيرها من الدعاوى، بل هي الحقيقة الدامغة الثابتة بالوحي الذي ريب فيه، فمن كان يؤمن بالكتاب الذي أنزله باري البريات عالم الخفيات فليس بينه وبين مطالعة هذه الحقيقة إلا أن يمسح عن عينيه الغشاوة بالجد في تحصيل علم الكتاب والسنة واستخراج كنوزهما، ومن كان من الذين لما يدخل الإيمان في قلوبهم بعدُ فإن الأدلة العقلية نورٌ هادٍ لمن شاء منهم أن يبصر الطريق.

مراعاة هذه الأسس في ظل ما يُمارَسُ من تزييف للوعي وتغييب للحقيقة عمل يحتاج إلى العلم والحنكة والخبرة، مصحوبا كل ذلك بالحكمة التي تضع القول والفعل في الموقع الملائم له، وبالقدرة على استثمار هذه الجهود لتحقيق الأهداف، وهذا هو الذي تقتضيه رسالة الدعوة إلى الإسلام بما تتصف به من عالمية وعمق وشمول، وهذا لا يتحقق بدعوة تتعلق بالظاهر وتغفل ما وراءه، أو تجتزئ بالبعض دون الكل ودون مراعاة موقعه من الكل، أو تتساهل في حساب العواقب دون دراسة متأنية للتصرفات وآثارها، أو تهمل استشراف المستقبل لغياب الحقائق الواقعية عن فهمها وحساباتها.

مراعاة هذه الأمور في رسالة الدعوة حتم لازم، وضرورة من الضرورات ، إذا أرادت الدعوة أن تقوم بمهمتها ورسالتها الحقة في وراثة النبوة، وفي الحديث: إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء، وفي الحديث الآخر: العلماء ورثة الأنبياء، فالعمل الأكبر لورثة الأنبياء إذن هو سياسة الناس بالدين، والسياسة كلمة تجمع العلم والحكمة والخبرة والدربة والمرونة والصبر والمثابرة، وغير ذلك من المعاني التي يحصل بها المقصود.
وقصارى القول: حمل الملف المرفق لقراءة بقية المقال


الدعوة، الدعوة إلى الله، منهج الدعوة، السعادة، الإنسانية، أفلاطون، أرسطو، تزييف الوعي، الوعي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع