مقدمة عن التجارة في الخدمات
احمد عمران كرواط | Ahmed Omran Karwat
12/09/2020 القراءات: 7721
لقد أصبحت الخدمات في التجارة عنصراً رئيسياً في اتاحة الفرص التجارية، وتتزايد أَهميتها بتوسع الدور الذي تؤديه في (أتمته) العملية الإِنتاجية، فلم يعد بالإمكان أَن نتكلم عن تجارة السلع دون أَن ننظر إِلى تجارة الخدمات، من هنا، بات تجاهل موضوع الخدمات أمرا مستحيلاً في الوقت الراهن، لاسيما عند النظر إِلى إِفرازات الثورة العلمية والتكنولوجية خلال تسعينيات القرن الماضي. بهدف توضيح هذه الأفكار، واجب الوقوف على طبيعة تجارة الخدمات. ماهي تجارة الخدمات؟ خضعت تجارة الخدمات لتنظيم واسع النطاق، هناك من يرى بأَن كل ما يتاجر به ليس بسلعة، يعتبر تجارة خدمات، وهناك من يرى بانها تنحصر فقط في المعاملات التي تتطلب انتقال مورد الخدمة عبر حدود الدولة، وانتقال المستهلكين، وعناصر الإِنتاج لتقديم الخدمة. لذلك جرت الحاجة الى استعراض أرى بعض الاقتصاديين كما يلي: فمن وجهة نظر بعض فقهاء الاقتصاد الكلاسيك مثل: (آدم سميت) (Adam Smith) فقد فرق بين العمل المنتج والعمل غير المنتج، حيث رأى بأَن العمل المنتج هو الذي يظهر في صورة مادية ملموسة أَو سلعة يمكن بيعها، واستبعد الخدمات من دائرة الأعمال المنتجة التي لا تمثل فائضاً، فهي تستهلك فور أدائها. ثم جاء (ريكاردو) (Ricardo) ربط بين المنفعة والقيمة، واعتبر أَن السلعة عديمة المنفعة هي سلعة عديمة القيمة، وأنكر دور الأنشطة الخدمية في زيادة الدخل القومي. بعد ذلك اتى الاقتصادي (ساى) (Say) فربط أيضا بين المنفعة والقيمة، واعتبر الأنشطة النافعة هي التي تحقق إِشباعا للمستهلك، واعترف بالخدمات وأدخلت لأول مرة في دائرة المنفعة، واعتبرها إِنتاجا بالرغم من أَنها أعمال غير ملموسة. وأَخيراً، نظر الاقتصادي (فريد مارشال) (Alfred Marshal) إِلى تجارة الخدمات على أَنها عمل مفيد تلبي الاحتياجات الضرورية، واستدل بعمل خدم المنازل، والأعمال الإدارية، وأَدخلها ضمن حساب الدخل القومي. ومن وجهة نظر فقهاء الاقتصاد المعاصر يكاد يجتمعون على اعتبار تجارة الخدمات نوع من (الثروات) التي تنتج الأَجر النقدي للدولة مثلها مثل تجارة السلع هذا من ناحية، اما من ناحية اخر بقي التباين بينهم في تمييز بين السلعة، والخدمة، فقد ميزوا بينهما على أساس أَن الأولى تمثل شكلاً مادياً ملموساً، والثانية تقدم في صورة غير ملموسة، فأصبحت السلعة شيئا، والخدمة مجرد حالة أَو فعل، بهذا اثبت المعاصرون بأَن السلع والخدمات، يمثلان الإِنتاج، ويصعب في بعض الحالات عزلهما عن بعض، وقد يكون كلاهما ضرورياً للآخر، فالسلعة بحاجة إِلى دعاية، ونقل، وتوزيع عند بيعها، وكل هذه الأمور تدخل في نطاق الأنشطة الخدمية. كما يعترف بعض فقهاء الاقتصاد والآخرون بأَهمية الخدمات، ودورها في الدخل القومي، ويصنفها بالقطاع الثالث للأنشطة الاقتصادية بعد الزراعة، والصناعة، ومن ذلك على سبيل المثال، يرى الاقتصادي (فيشر) (Fisher) "أَن الأنشطة الاقتصادية، تتكون من ثلاثة قطاعات، يشكل القطاع الأول الزراعة واستخراج المعادن، والقطاع الثاني يشمل الصناعة وتحويل المواد الخام، أَما القطاع الثالث يضم مجالاً واسعاً من الأنشطة التي تمدنا بالخدمات مثل (الاعمال التجارية - الاتصالات – التعليم – الصحة – السياحة - النقل...وغيرها) وهي مجالات تؤدي إِلى جذب رأس المال إِليها، ولا تقل أَهمية عن القطاع الأول والثاني". وبناءً على ما سبق يمكن القول بان لا يوجد موقف موحد من قبل الاقتصاديين الذين جعلوا من تجارة السلع أَكثر أَهمية من تجارة الخدمات، واعتقدوا أنها عبارة عن تجارة مكملة لتجارة السلع بدلاً من كونها تجارة قائمة بذاتها، لم يضعوا في اعتبارهم التطورات العلمية والتكنولوجية، الامر الذي أدى الاهتمام بها من قبل منظمات معنية بالتجارة الدولية مثل: منظمة التجارة العالمية (WTO) - الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، اللذان يشجعان دول العالم على تناول قضايا التجارة في الخدمات، ومعالجة اشكالياتها مع مراعاة التغيرات التكنولوجية في هذا الميدان. ومن هنا أخلص تعريفاً لتجارة الخدمات بأنها تعنى أي حركة أَو تنفيذ أَو ميزة، يمنحها طرف ما لطرف آخر تكون غير ملموسة، ولا ينتج عنها أَي ملكية، وأَن حصيلته أَو تزويده، قد يكون مرتبطا بعنصر مادي ملموس أَو لا يكون كذلك.
اقتصاد الخدمات - تجارة الخدمات - الانشطة الخدمية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة