مدونة احمد عمران كرواط


اضطرابات التعافي وارتفاع معدلات التضخم

احمد عمران كرواط | Ahmed Omran Karwat


01/09/2022 القراءات: 1449  


نتناول اهم العوامل الاقتصادية التي تشكل أفاق المستقبل الواردة في تقرير مستجدات أفاق الاقتصاد العالمي المنشورة في يناير (2022) لصندوق النقد الدولي، فقد أشار التقرير بدخول الاقتصاد العالمي عام (2022) في حالة أضعف مما كان متوقعا في السابق، بعد انخفاض النمو العالمي من (5.9%) في عام (2021) إلى (4.4%) في عام (2022) بنسبة تراجع قدرها (0.5%)، ويرجع ذلك إلى خفض التنبؤات لأكبر اقتصادات العالم، بسبب استمرت انقطاعات الإمداد التي تشكل عبئا على النشاط، وارتفعت معدلات التضخم واتسع نطاقه، ومن المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي إلى (3.8%) في عام (2023). ولكن يرتهن تحقق هذا التنبؤ بضعف أداء عوامل اقتصادية لمعظم البلدان بنهاية عام (2022)، مع افتراض تحسن معدلات الصحية على مستوى العالم وزيادة فعالية العلاج. وعليه نعرض لكم أهم ما ذكر في التقرير الذي يمكن أن نستفيد منها في ظل الظروف الراهنة.
1. النمو العالمي
تستند التوقعات إلى المعلومات المتاحة اعتبارًا من (18 يناير 2022)، حيث تم إجراء تعديلات في توقعات عام (2022) للاقتصادات المتقدمة، بافتراض استبعاد حزمة السياسة المالية من السيناريو الأساسي، مما أدت إلى تقليل التوقعات بمقدار (1.2 نقطة مئوية) للولايات المتحدة، وفي كندا بمقدار (0.8 نقطة مئوية) بسبب البيانات التي تشير إلى نتائج أضعف في نهاية عام (2021) وتوقعات ضعف الطلب الأجنبي في عام (2022). ومن المتوقع أن تكون قيود الحركة التي تم فرضها في نهاية عام (2021) عبئًا على نمو منطقة اليورو في أوائل عام (2022). يعكس الانخفاض في توقعات عام (2022) أيضًا لتعديلات التي تم إجراؤها على الأسواق الناشئة، إلى جانب ذلك انخفاض الاستثمار العقاري، فهذا يعني انخفاضًا بنسبة (0.8 نقطة مئوية) في توقعات النمو لعام (2022)، مما له آثار سلبية على الشركاء التجاريين، بالإضافة إلى ذلك، خفض التوقعات بالنسبة للولايات المتحدة يجلب معه تراجع للطلب الخارجي من المكسيك، ومع ذلك، فحتى إذ حقق معدل النمو العالمي انتعاشاً في عام (2023) لا يكفي تعويض مكاسب عام (2022).يتوقع أن يكون النمو العالمي التراكمي في عامي (2022 و2023) أقل بمقدار (0.3 نقطة مئوية) عن التوقعات السابقة (4%)، ومعدل التضخم في منطقة اليورو (3.0%) في عام (2022) و(1.7%) في عام (2023)، وفي اليابان (0.7%) لنفس الفترة، وفي الولايات المتحدة (5.9 %) في (2022) و(2.7%) في (2023).
2. التضخم
من المتوقع أن يظل التضخم مرتفعاً في الأمد القصير، حيث يبلغ متوسطة (3.9%) في الاقتصادات المتقدمة و(5.9%) في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية في عام (2022)، قبل أن ينخفض في عام (2023). وبافتراض توقعات معدلات التضخم لا تزال مستقرة على المدى المتوسط ، وتراجع شدة الوباء، من المتوقع أن يتراجع التضخم المرتفع مع انخفاض اضطرابات سلاسل التوريد، وتشديد السياسة النقدية، وعودة الطلب المتوازن بعيدًا عن الاستهلاك المفرط للسلع والخدمات. ومن المتوقع أيضا أن تعتدل الزيادة في أسعار الوقود أثناء الفترة (2022-2023)، مما سيساعد على احتواء التضخم الكلي، وتشير أسواق العقود الآجلة إلى أن أسعار النفط سترتفع بحوالي (12%) وأسعار الغاز الطبيعي بحوالي (58%) في عام (2022) قبل أن تتراجع في عام (2023) مع زيادة تقليص اختلال العرض والطلب، ومن المتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية بنسبة (4.5%) في عام (2022)، وتنخفض في عام (2023). وفي العديد من البلدان لا يزال النمو للأجور مقيد على الرغم من عودة العمالة والمشاركة في سوق العمل، لكن في الولايات المتحدة الأمر مختلف، فالانخفاض الحاد في معدل البطالة مصحوب بنمو قوي للأجور، إذا ظلت مشاركة القوى العاملة دون مستويات ما قبل الجائحة ادت إلى ارتفاع تكلفتها.
3. السياسة النقدية
اتسع نطاق الضغوط التضخمية في العديد من الاقتصادات، حتى قبل(Omicron) ، قامت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية وبعض الاقتصادات المتقدمة برفع أسعار الفائدة، يعكس قرار تشديد السياسة النقدية خيارًا صعبًا بالنسبة لبعضهم، فتختلف ردود أفعال السياسة وفقًا لخصائص الدولة في التضخم، والتطورات الوظيفية، وقوة سياسة البنك المركزي، على العكس هناك فرص كبيرة لسحب هذا الدعم في الولايات المتحدة في عام (2022) حيث أن الانتعاش في مرحلة أكثر احتمال عودة أسعار الفائدة إلى مستويات أعلى لاحقًا، فيحيط الغموض ردود الفعل في الأسواق الناشئة، وسيصبح الأمر أكثر تعقيدًا في ضوء التطورات الوبائية المستمرة، سواء على المستوى المحلي أو من خلال التضخم المستورد الناجم عن الانقطاعات في سلاسل التوريد الدولية.
4. السياسة المالية العامة
ستتعرض المالية العامة لضغوط في الأشهر والسنوات المقبلة، حيث وصل الدين العام العالمي إلى مستويات قياسية لتغطية الإنفاق المرتبط بالوباء في وقت تتراجع فيه الإيرادات الضريبية، سيودي إلى ارتفاع أسعار الفائدة كذلك زيادة تكاليف الاقتراض، خاصتا في البلدان المقترضة بعملات أجنبية ذات استحقاق قصيرة، ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يتقلص العجز المالي في معظم البلدان في السنوات القادمة، على الرغم من أن مدى الضبط المالي يجب أن يعتمد على وتيرة الانتعاش، إذا تفاقم الوباء، يمكن إبطاء وتيرة الضغط إذا سمح الحيز المالي بذلك، وإذا تم فرض قيود على الحركة مرة أخرى، يجب على الحكومات إعادة تقديم برامج مثل توفير الإمدادات الحيوية للأسر والشركات الأكثر تضرراً وزيادة الدعم للفئات الأكثر ضعفاً.
خلاصة القول تشير مؤشرات السوق إلى الضغوط التضخمية المتوقعة، وإن كان ذلك مع تباين كبير بين المناطق، في مواجهة ضغوط الأسعار المتزايدة، واصل العديد من البنوك المركزية في الأسواق رفع أسعار الفائدة، حتى فوق مستويات ما قبل الأزمة، يتوقع المشاركون في السوق استمرار دورة التضييق في الأسواق الناشئة خلال السنوات المقبلة، من الممكن أن تشهد الأسواق ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الفائدة، متأثرة بتداعيات العودة إلى تطبيق السياسة النقدية العادية في الاقتصادات المتقدمة.


النمو العالمي – التضخم- السياسة النقدية – السياسات المالية العامة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع