مدونة د سالم أحمد باوادي الحسني


المهارات القيادية و المهارات الفينة

د سالم أحمد باوادي الحسني | salem ahmed bawadi


18/06/2020 القراءات: 2908  




الكثير من الحوادث والكوارث التي تحصل , وخاصة في الطيران والملاحة البحرية والحروب , يُسجل السبب فيها أنه خلل في المهارات القيادية لذا الكابتن أو القائد, وليس السبب المهارات والقدرات الفنية, لأنه في الغالب يكون سجله حافل بالإنجازات.
يدل هذا على أننا في الكثير من الأحيان نُسند القيادة إلى مَن لا يملكون مهاراتها, وربما نكتفي بسجل العلمي والفني والأكاديمي , لهذا نقع في مأسي وخيمة, لأن الكثير منا لديهم فهم مغلوط عن القيادة, بعضهم الذين تولوا مناصب قيادية , بمجرد توليهم لهذه المواقع ,يعتقدون أنهم صاروا قادة, هذا فهم غير صحيح, لأن القيادة ليست المنصب ولا الصلاحيات, ولا السلطات , هذه تسند للقائد ليستخدمها ولا تصنع قائدا.
عندما طلب الطاقم الفني المساعد من الكابتن الانحراف يمينا بدرجة معين لتفادي الكارثة , رفض الانصياع لهم , بسب أنه عنده معلومات مسبقة عن سير الإعصار ,ولكن هذه المعلمات خلال مرور عشرون ساعة باتت قديمة, فلم يناقشها مع الفريق, و كانت النتيجة غرق السفينة وموت كل من على ظهرها, أكثر من ثلاثين إنسان, وسُجِلَ الخطأ؛ "خلل في المهارات القيادية لذا الكابتن".
مهارات القيادة حسب النظرة العلمية الحديثة إنها مكتسبة , تكتسب من خلال التدريب والأعداد لها والخبرة, الحلم بالتحّلم , والجود والكرم بمصارعة الشح, كان عمر رضي الله عنه , رغم شدته في الإسلام , كان من أكثر الناس مشاورة, إذا أشكل عليه أمر جمع بعض الوجوه والصحابة, ربما خص مشيخة قريش بالمشورة, وربما خص الانصار أو المهاجرين, وربما شاور حدثاء السن مثل ابن عباس رضي الله عنه. والشورى هي اجهاد جمعي, وكان عمر رضي الله عنه يفضلها على الاجتهاد الفردي, رغم تزكية النبي عليه الصلاة والسلام لإيمانه وعقله, أنه الملهم, إلا أن هذا لم يكون يجعله يستبد بالرأي, وما كانت هذه المنزلة التي بلغها تمنعه من مشاورة حتى الغلمان , عمر كان نموذجا فريدا في القيادة, ولا تنحصر القيادة في المشورة فقط, لكن القيادة هي القرارات الصحيحة , والقيادة ليست ضربة حظ, وتخرّص, القيادة – أيضا- جهد ودراسة وتصور واستشراف وتجنب الأخطاء, أو ارتكاب الأخطاء بأقل التكاليف.
لذلك نوصي شبابنا القادمون على الحياة المهني تعلم مهارات القيادة, لأنها من مفاتيح الرزق, فقد قال القدماء , من حسن خلقه وأدبه اتسع رزقه, ومن ساء أدبه ضاق رزقه, فعصرنا لم يعد عصر الشهادات وحسب , إن لم تضف إليها المهارات الكافية, الكثير من الفنين المتخصين نجدهم عاطلين عن عمل , ويكمن السبب في الكثير من الأحيان إلى فقرهم لهذه المهارات , وهناك متخصصون وفنيون , يسوسهم من لا يملك ما يملكون , ولكنه يملك ما لا يملكون. إنها القيادة, من أبرز مميزاتها الترفع عن الأنانية, والتضحية, والسيطرة على الغرائز, وما كان ليوسف - عليه السلام- أن يصير ملكَ مصر لو أنه سقط في اختبار الغرائز.



ضمر الصفا


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع