مدونة د سالم أحمد باوادي الحسني


"الفرق بين مقام التلقي و مقام الممارسة"

د سالم أحمد باوادي الحسني | salem ahmed bawadi


07/06/2020 القراءات: 3627  


في صحيح البخاري : عن الأزرق بن قيس قال: كنا على شاطئ نهر بالأهواز ...فجاء أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه, على فرس فقام يصلي, وخلى فرسه فأنطلقتِ الفرس , فترك صلاته وتبعها حتى أدركها, وأخذَها , ثم جاء فقضى صلاته, فينا رجل له رأي فأقبل يقول أنظروا إلى هذا الشيخ ترك صلاته من أجل فرس. !فٌبل أبو برزة فقال : ما عنفني أحدٌ منذ فارقتُ رسول الله صلى عليه وسلم. وقال: إن منزلي متراخ فلو صليت وتركت الفرس لم آت أهلي إلى الليل.
قال الطاهر بن عاشور : وذكر أنه صحبَ رسول اللهِ فرأى تيسير, فمشاهداته أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعددة استخلص منها: أن من مقاصد الشرع التيسير, فرأى قطع الصلاة من أجل إدراك فرسه...فهذا مقصد بالنسبة لأبي برزة مضنون ظنا قريبا من القطع , ولكن بالنسبة إلى غيره الذين تروى إليهم الخبرة مقصد محتمل , لأنه تلقى الخبر على وجه التقليد. (المقاصد ص22).
وهذ هو الفرق بين من عايش الخبرة كاملا ومارسها, وصار لديه فهم بها وإحاطة كاملة, وبين من هو في مقام التقليد والتلقي, ما يلقى عليه من خبرات, وهذا مثلة ما يحصل بين بعض العلماء, وبعض الطلاب, فتجد العالم قد احاط بالمسألة من جميع جوانبها, تكون لديه فهم وإحاطة كاملة بالمسألة فيتصرف على ضوء هذه الإحاطة, وهو في مقام الممارسة, فربما لا يكتفي بالدليل الظاهر حسب مقتضيات الممارسة, , ففي هذه الحالة ربما يرى الطالب بسبب الخبرة التي عنده قد تلقاه تلقيا تقليديا بحتا, فيعترض, وينكر , أو يقع في حيرة من أمره.
والمقام التربوي: فأن أبي برزة رضي الله عنه, قد وضحَ المقصد الذي أعتمد عليه , حتى يذهب الإشكال الذي أحدثه صاحب الرأي, لأن متلقي التقليد دون معرفة المقاصد هو أقرب للظاهري في تشدده على ظاهر الوصف يحتاج من يزيل عنه ليعرف ويحسن الظن. ويبقى مقام النقد والاعتراض اللطيف, من أجل الفهم والإحاطة مقام شريف , ولولا اعتراض صاحب الرأي, لما نزلت هذه الفائدة الجليلة من أبي برزة رضي الله عنه , وهي اعتبار المقاصد في أفاعل الصحابة, ونسأل الله التوفيق.


ضمر الصفا


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع