أسس إدارة الحوار وقت الأزمات (1)
د/ محسن الكومي | Dr/Mohsen Elkomy
22/12/2023 القراءات: 869
تختلف المشاكل التي تمر بنا في دولاب العمل اليومي عن بعضها البعض فبعضها يتنامى أثره، والبعض الآخر يكون مؤقتا ولحظياً دون أن يُحدث أثراً عميقاً وفي كل الحالات لا يمكن أن تُعد هذه المشكلات أو أن يُطلق عليها أزمات، لكن أصدق تعبير عنها هو أنها أحداث مؤسفة أنتجت مشاكل في العمل فحسب أما مفهوم الأزمات فهو مختلف عن ذلك لأن من خصائص الأزمة أنها عميقة الأثر قوية التأثير على دولاب العمل المؤسسي وعلى المتأثرين بها بل يمكن أن يتعدى أثرها جغرافيا المؤسسة ذاتها إلى مؤسسات أخرى أو المجتمع ككل فالأزمة هي " حادثة محددة غير متوقعة وغير مألوفة أو سلسلة من الحوادث التي تُخلّف مستويات عالية من الاضطرابات . ولذا يمكن النظر على أدق الفوارق بين المشكلات اليومية "أي الأحداث المؤسفة" وبين الأزمات في المؤسسات في عدة نقاط من أهمها عناصر :
- المفاجأة
- التهديد
- زمن الاستجابة المقدر ( )
تلك أهم عناصر التفرقة بين الأزمات والأحداث المؤسفة " المشاكل اليومية" لأي مؤسسة أو أي جهاز إداري
فأما المفاجأة : فهي سمت من سمات الأزمات ومعناها بعبارة تعريفية أدق" حدوث الحدث في زمن غير متوقع حدوثه" ففي حادث يعتبر بمثابة أزمة لشركة من شركات الشحن قام أحد المارة بتصوير عاملا لتلك الشركة وهو يقوم بمناولة شاشة كومبيوتر لأحد أفراد الشركة تمهيدا للشحن وذلك عن طريق إلقائها له من الدور الثاني في حديقة منزل أحد العملاء وكانت الأزمة في انتشار هذا الفيديو على اليوتيوب وحصوله على أعلى مشاهدة في هذا اليوم ومبادلة المشاهدين الفيديو لبعضهم والذي يعد سبباً كبيراً لنشوء أزمة للشركة بصورة مفاجأة وغير متوقعة أن تحدث أصلاً وفي وقت قياسي وسريع جداً وهذا يمثل عنصر المفاجأة .مما دفع الشركة إلى سرعة التواصل مع الجماهير وعمل تعليقات فيديو سريعة للرد على ما تم من مفاجأة نتيجة سرعة انتشار ذلك الفيديو ليعد أزمة لكيان الشركة ككل .
وأما عنصر التهديد: إن لكل أزمة تهديدها الذي يعتبر مرماها منذ اللحظة الأولى لنشأتها ولذا فقد تسعى الشركات الكبرى إلى الحد من التهديد والذي قد يطال كثيرا من جنبات الشركة على مستوى الأفراد، مما يمثل تهديداً للنسيج الاجتماعي داخلها، وقد يكون أيضا على مستوى المركز المالي للمؤسسة ، أوقد يمثل تهديداً على مستوى ولاء العملاء والمراكز ذات العلاقة، وبالتالي يعد التهديد من أقوى توابع الأزمات وفي مثالنا السابق يعتبر انتشار فيديو عامل الشركة هو عنصر من عناصر التهديد الكبرى التي قد تشتمل على انسحاب كثير من العملاء ممن لهم شحنات تجارية وخاصة تلك التي تتسم بالقابلة للكسر من التعامل مع الشركة وبالتالي ينتج ذلك تهديداً مباشرا للمركز المالي للشركة، وقد يسبب انتشار الفيديو تهديداً قويا أخر للشركة من خلال فقد العملاء الراسخين ولاءهم للشركة والحصول على الخدمات من شركات أخرى وهذا أيضاً يمثل تهديدا من نوع جديد حيث ينتج عنه انتقاص الحصة السوقية للشركة بصورة مهددة للمركز المالي لها.
وأما عنصر زمن الاستجابة المقدر:
إن لكل أزمة فترة رد فعل تمثل فترة استجابة للحدث، والتي من خلالها تسعى المؤسسات لمحاولة تجنب الأزمة من خلال ردات فعل سريعة تناسب سرعة مفاجأة الأزمة، وفي هذا لو قُدِر أن زمن الاستجابة للأزمة طويلا نسبياً أو ممتداً هنا قد يَعظم الخطر على الشركة أو المؤسسة ولذا ينبغي أن تكون سرعة الاستجابة للحدث عالية جدا وتناسب عنصر المفاجأة الحاصل من الأزمة وإلا فقد تفقد المؤسسة دورها وريادتها نتيجة طول فترة الاستجابة أو انعدام الاستجابة أصلاً وفي مثالنا السابق نجد أن شركة الشحن قد أحسنت التصرف إذا قللت تماماً زمن الاستجابة فكانت الإجابة فورية في التعامل مع العملاء والاتصال بهم ونشر فيديو يمثل رداً على تلك المفاجأة يتناسب هذا الرد مع نوع التهديد وزمنه مع التهديد الحاصل وبنفس الزمن.
وبعد هذا الإيضاح لمفهوم الأزمة وعناصر التفرقة بينها وبين الأحداث المؤسفة أو المشاكل المؤسسية ينبغي النظر إلى ركن أصيل من أركان التعامل السريع مع الأزمات والتغلب على عنصر المفاجأة وعنصر التهديد وتقليل زمن الاستجابة مما يُقلل تهديدات وآثار الأزمة. إن عنصر إدارة الحوار وقت الأزمات من أهم تلك العناصر التي تعمل على حسن التعامل معها وقد يكون سبباً رئيساً من أسباب انحصارها والتخلص منها.
إن إدارة الحوار فن ومهارة حيال المواقف اليومية والمشاكل الحادثة وهذا على سبيل الإجمال لأهمية الحوار فما بالنا بدور وأهمية الحوار وقت الأزمات؛ فالحوار بمعناه العام كمفهوم هو "تبادل الأفكار والآراء والمناقشات بين طرفين أو أكثر بهدف الوصول إلى نقطة اتفاق مشتركة يمكن البناء عليها في موضوع ما" .
وفكرة إدارة الحوار هي "تلك المنهجية والطريقة المتبعة في الوصول إلى نقطة اتفاق مشتركة عن طريق تبادل الآراء والأفكار بين الأطراف ذات العلاقة".
وأما إدارة الحوار أثناء الأزمات فيمكن التعبير عنها بأنها " تلك المنهجية والطريقة التي يمكن من خلالها اتفاق الأطراف على تبادل الأفكار والآراء حيال أزمة ما للوصول إلى حل تتفق عليه كافة الأطراف للخروج من تلك الأزمة .
وقت الازمات - ادارة الحوار -
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
المنشور مفيد جداً من حيث شرح مفهوم الأزمة والفرق بينها وبين المشاكل والصعوبات التقليدية وخصوصاً لمن هو خارج الاختصاص، وقد جاء الشرح واضحاً ومباشراً ومستوفياً فشكراً جزيلاً للدكتور محسن الكومي