مدونة فاطمة عيسى محمد


تجربة الإمارات من الفقر إلى الرخاء

الدكتورة : فاطمة عيسى محمد | Dr.fatma Essa Mohammad


14/11/2020 القراءات: 3144  


تجربة الإمارات من الفقر إلى الرخاء
الكاتبة : الدكتورة فاطمة عيسى محمد عبدالكريم
ذكر (إيريك جينسن) في كتابه الموسوم بالفقر والتعليم؛ أن الفقر أنواع عدة منها : الفقرالموقفي الذي قد يكون نتيجة أزمة مالية أو كوارث بيئية ، وفقر متوارث وهو أن يولد أفراده عبر جيلين من الزمن في أسر فقيرة، وفقر مطلق أي الأسر المعدمة ، والذي يكون بفقد وندرة الضروريات أي لايجد الفرد قوت يومه من مأكل ومشرب ، وقد يكون الفقر نسبيًا بحسب دخل الأسرة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها ومتطلبات معيشتها، كما يختلف الفقر في المدن عنه في الحضر.
ولعلنا نتفق بأن الحروب الأهلية والإنقلابات والثورات من أسباب الفقر في أغلب البلدان خاصة العربية منها ، كونها تأكل الموارد كما تأكل النار الهشيم، وتستنزف الإقتصاد ، ناهيك عن الكوارث البيئية وانتشار الأوبئة ، التي مثلثت عائقًا أمام أكبر الدول الاقتصادية، ولعل جائحة كورونا التي عشنا تفاصيلها لهي أكبر مثال على تأثر اقتصاد دول العالم بهذا الوباء .
ولازلت أذكر ماحدث أثناء مشاركتي بورقة بحثية حول القضاء على الفقر في الإمارات، فرأيت علامات التعجب في عيون الحضور ، وكأن نظراتهم ترمقني بسخرية ، متسائلين ! كيف تأتين من مجتمع مرفه لتتحدثي عن الفقر ؟ فأنتم لم تعرفوا معنى الفقر !
لاألومهم فكثير ممن أقابلهم يظنون بأننا نغرف من آبار النفط في بيوتنا ، وقد تكون هذه نظرة القاصرة لما نعيشه من نعم أنعمها الله علينا من فضله ؛ لكن ما خفي عليهم أن أجدادنا لم يولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب ، بل عاشو أوقاتًا عصيبة وعانوا من شظف العيش ، كان طعامهم الأسودان الماء والتمر ، واضطروا لأكل الحشرات كالجراد وأوراق الأشجار كالغاف ، هذا في زمن كانت بقية البلدان تعيش مرفهة مترفة، آتاها الله من شتى النعم ؛ لكنها كفرت بأنعم الله .فألبسهم الله لباس الجوع والخوف.
عاش أجدادنا في مشقة لجلب الرزق بالغوص للبحث عن اللؤلؤ تارة ، وبالرعي وصيد الأسماك تارة أخرى ، كنا إمارات متفرقة حتى منَّ الله علينا من فضله بالإتحاد بمكرمة من الله تعالى أكرم بها مؤسس الاتحاد عليه رحمة الله الشيخ زايد بن سلطان ، فألهمه الذكاء والفطنة والحكمة مارشحه ليتولى رئاسة الاتحاد ، ويكف تلك الحروب الأهلية بين الإمارات الصغيرة، التي كانت سببًا في شتاتها ؛ إضافة لأطماع المستعمرين من الدول الأجنبية.
فتصرف بحكمة القائد الفذ ونادى بالاتحاد بين تلك الإمارات لتصبح دولة واحدة تشترك في مصير واحد ويحكمها رئيس الإتحاد، بالرغم من صعوبة الأمر حينها وانتشار العصبية القبلية بين العرب ، لكن نظرته كانت ثاقبة ، وخطته كانت استراتيجية بمعنى الكلمة تنافس خطط أهل الإدارة برغم عاميته ، فنجحت التجربة بفضل الإصرار والعزيمة التي عرف بها، فخر الناس لله حامدين شاكرين هذه النعمة حتى وقتنا هذا بين حمد وشكر بفضل الله ثم فضل الشيخ زايد ، فمن الله علينا من فضله وزادنا فضلاً ونعمة وأماناً باكتشاف النفط وتحول الحياة من البادية إلى الحضر ثم المدن الحضارية والمنشآت الذكية، وشارك جميع حكام الإمارات في مسيرة العطاء من أجل سعادة الوطن ورفع معدلات التنمية والاستدامة.
فعشنا في ظل قيادات تتابع حال الرعية ، فتتحمل ديون الشعب تارة، وتسهل سبل العيش الرغيد تارة أخرى ، فكان الحاكم الذي يتابع مشكلات الشعب ويحلها في برامج التواصل ، وحاكم يطرق أبواب الشعب ليدخل قلوبهم قبل بيوتهم ، وحاكم يسهر لمصلحة شعبه لأن الله سيحاسبه عليهم ، وحاكم لايعرف الكلل والملل ويسهم في تقديم الدعم اللوجسني لشعبه ليرفع عندهم دافع العمل والابداع والابتكار ، وحاكم يشارك شعبه آلامهم في دعم نفسي ومادي ويطمئنهم بحنان الأب : لاتشيلون هم ، هكذا نحن وهكذا حكامنا ، فبفضل الله ثم جهودهم أصبح معدل الفقر في الإمارات 0% .
كما ذكر السيوطي في كتابه الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة ، القول : " كما تكونوا يولى عليكم" وبرغم الخلاف في سند نسب القول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أن مايوافق هذا القول ، هو قول الله تعالى : (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً) الأنعام 129، بتسلط بعضهم على بعض .
فظلم الإنسان لنفسه بما اكتسب من الإثم ، وظلم الراعي لرعيته سبباً في النقم والابتلاء وخسران الحسنات ، مصداقًا لقوله تعالى :
( ووجدوا ماعملوا حاضراً ولايظلم ربك أحداً) الكهف 49.وبالشكر تدوم النعم ، وبالعمل بوصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم ننقذ الأمة من براثن الفقر والفاقة وخير الأعمال مادام وإن قل ، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .
ولعلي أختم بنونية أبي البقاء الرندي في رثاء الأندلس :
لكل شيء إذا ماتم نقصان ..........فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأيام كما شاهدتها دولٌ ...........من سَرَّهُ زمنٌ ساءتهُ أزمانُ.


الإمارات،الفقر والتعليم ،الاقتصاد،الشيخ زايد،الاتحاد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع