مدونة الدكتور محمد محمود كالو


صاحب التصانيف في الحط من الملة (1)

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


13/05/2022 القراءات: 696  


صاحب الكتب الملعونة (1)

ابن الراوندي (ت نحو 298هـ/912م) أشهر الشخصيات التي نالتها تهمة "الإلحاد" في التاريخ الإسلامي، وذلك ليس بسبب شهرة أفكاره فقط بل لجرأته على إعلان تلك الأفكار داخل أروقة الثقافة ومجالس الفكر وفي مدونات الجدل الكلامي.
أَحْمد بن يحيى الراوندي، (ت نحو 298هـ/912م)، أشهر الشخصيات التي نالتها تهمة "الإلحاد والزندقة" في التاريخ الإسلامي، تاريخ ميلاده غير معروف، كما لا تسعف مصادر ومراجع ترجمته -التي أوصلها المؤرخ العراقي الدكتور عبد الأمير الأعسم (ت 1440هـ/2019م) إلى 74 مصدرًا في كتابه عنه بعنوان: "تاريخ ابن الريوندي الملحد: نصوص ووثائق من المصادر العربية خلال ألف عام"- بتفاصيل وافية عن حياته الأولى قبل قدومه إلى بغداد.
وقد ذكر الإمام الذهبي (ت 748هـ/1347م) -في "سير أعلام النبلاء": أنه أخذ عن عيسى بن الهيثم الصوفي (ت 245هـ/859م) الذي يعدّ أحد كبار المعتزلة وإن كان يخالفهم في أشياء".
وذكر النديم (ت 384هـ/997م) في "الفهرست" أن أبا عيسى الوراق المعتزلي (ت 247هـ/861م) من شيوخه الذين أثّروا فيه، وكان الوراق من رؤساء "المتكلمين الذين يُظهرون الإسلام ويُبطنون الزندقة".
ومن شيوخه أيضاً المعتزلي أبو حفص الحداد (ت 252هـ/866م) صاحب كتاب "الجاروف في تكافؤ الأدلة".
ويرى أبو الحسين الخياط المعتزلي أن المعتزلة طردوا ابن الراوندي لطعنه في الدين؛ فـ"أول عداوة المعتزلة له".
ويؤكد لنا الخياط أن المعتزلة طردوا كثيرين ممن حادوا عن جادة الحق، ويطردون: "كل من حاد عن سَنَن الحق، وطعن في التوحيد، ومال عن الإسلام".
ويصف الخياط حال ابن الراوندي بعد طرد المعتزلة له، وكيف أثر ذلك الطرد على نفسيته؛ فيقول إنه "بقي طريداً وحيداً فحمله الغيظ الذي دخله على أن مال إلى الرافضة، إذ لم يجد فرقة من الأمة تقبله فوضع لهم كتابه في الإمامة، وتقرّب إليهم بالكذب على المعتزلة".
حتى قال الأديب المصري أحمد أمين (ت 1374هـ/1954م) في كتابه "ظهر الإسلام": "إن البغدادي وأبا الفتح الشهرستاني (ت 548هـ/1153م) وغيرهما من مؤلفي كتب المِلَل والنِّحَل انتفعوا بما كتبه ابن الراوندي عن المعتزلة، فنسبوا لهم أقواله عنهم من غير تحقيق فشنعوا عليهم".
والحقيقة أن أفكار المعتزلة ينبغي أن تؤخذ من أصحابهم وكتبهم مباشرة وليس ممن طردوه من بينهم.
ويرى بعض الدارسين أن ابن الراوندي صنف كتابه "فضيحة المعتزلة" رداً على كتاب "فضيلة المعتزلة" للجاحظ (ت 255هـ/869م)، وهو ما دفع أبا القاسم عبد الله بن أحمد البلخي (ت 319هـ/931م) - تلميذ الخياط المعتزلي- لتأليف كتابه "الذي صنّفه في النقض على ابن الراوندي اعتراضَه على الجاحظ"؛ كما أورده ابن تيمية في "منهاج السنة".
ويذكر المؤرخ صلاح الدين الصفدي (ت 764هـ/1363م) في كتابه "الوافي بالوفيات" أن ابن الراوندي: "صنّف لليهود كتاب ‘البصيرة‘ ردا على الإِسلام لأربعمئة درهم -فيما بلغني- أخذها من يهود سامَرَّا، فلما قبض المال رام نقضها حتى أعطوه مئتيْ درهم فأمسك عن النقض".
وفي "طبقات المعتزلة" لابن المرتضى (ت 840هـ/1436م) أن الراوندي "صنف لليهود والنصارى والثنوية وأهل التعطيل، قيل: وصنف الإمامة للرافضة وأخذ منهم ثلاثين ديناراً" أي ما يساوي اليوم 5000 دولار أميركي تقريباً.
وذكر أبو الحسين الخياط المعتزلي (ت بعد 300هـ/912م) -في "الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد" أن ابن الراوندي- كان "تابعهم، والمتعلم منهم، والمختلف إلى مجالسهم، والناسخ لكتبهم، والسائل عن مسائلهم، والمتجمِّل عند الناس بانتحال مذهبهم".
وذكر النديم في الفهرست أن ابن الراوندي قد "انسلخ" من الدين، ومن هنا جاء الكاتب التونسي يوسف الصديق بمصطلح الانسخلاسلاميين، ووصف به عبد المجيد الشرفي وأتباعه، ممن غمزوا ولمزوا وطعنوا في القرآن و الدين.
ووصف ابن الجوزي (ت 597هـ/1201م) ابن الراوندي في كتابه "المنتظم" فقال: "إنه معتمَد الملاحدة والزنادقة"؛ ووصفه الذهبي بـ"الملحد، عدو الدين... صاحب التصانيف في الحط على الملة".


ابن الراوندي، الكتب الملعونة، الملحد، الطريد، المنسلخ


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع