مدونة د. إبراهيم عبد اللطيف العبيدي


قراءة لمصطلح الصناعة المالية الإسلامية

د. إبراهيم عبد اللطيف العبيدي | Ibrahim Abdullatif Alobeidi


14/10/2021 القراءات: 1815  



تكرر هذا المصطلح مؤخرا في الأدبيات المتعلقة بالاقتصاد الإسلامي بشكل عام، والمالية الإسلامية -بمختلف محاورها- بشكل خاص، من دون بيانٍ دقيقٍ، يوضح المرادَ منه على وجه التحديد، أو لقصور مني في تعقبه والوصول إليه!
من ذلك على سبيل المثال تكراره في مواطن متعددة في كتاب (المعايير الشرعية) الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية المعروفة اختصاراً بـ(ِAAOIFI) الذي ورد في مقدمة طبعتها الأخيرة بدار الميمان- على سبيل المثال- سبع مرات في كلمة أمين عام الهيئة السابق في أقل من أربع صفحات ما يسلط الضوء على أهمية المصطلح.
وبعد بحث وتحرٍ في أكثر من جانب، تم التوصل إلى أن المراد بمصطلح (الصناعة المالية الإسلامية) هو تحقيق ثروة (مالية أو عينية) بطرق مشروعة، من خلال التعامل بالطرق الربحية القائمة على عقود المعاملات المتنوعة بمختلف تعاملات الصيرفة والأسواق المالية والتأمين التكافلي والشركات الاستثمارية؛ التي تعمل بهدف الربح المشروع من جانب، يضاف إليها قطاع الزكاة وقطاع الوقف اللذان يتميزا بخصوصية تشريعية مختلفة خاصة من جانب آخر. والجامع المشترك بين محوري العقود المالية المتقدمة وقطاعي الزكاة والوقف، هو تنمية وتحقيق الثروة بالطرق المشروعة.
والتعريف أعلاه اجتهاد شخصي، وُلد نتيجة طرح سؤال في مجموعة تضم أساتذة وطلاب دراسات عليا في تخصص الاقتصاد الإسلامي عن حقيقة المراد بمصطلح (الصناعة المالية الإسلامية)، وبعد ورود مجموعة من الإجابة، والأخذ والرد، لم يتم الوصول إلى جواب شامل.
ولا تخفى الهواجس والمخاوف من استخدام المصطلحات الواردة من هنا وهناك، في ظل انفتاح الثقافات، وتوسع ظاهرة ترجمة بعض المصطلحات وإقحامها في علومنا وتراثنا، بالرغم من اختلاف المفاهيم التأسيسية وبُعدها عن العلوم التي تشاركها في جزء من مسماها، وبعض مفاهيمها العامة، ولكنها تختلف عن مفهومها وفلسفتها ومحتواها؛ ولنا في حقيقة الفرق بين علم الاقتصاد الوضعي والاقتصاد الإسلامي خير مثال على ذلك، ومن هذه المصطلحات التي تحيطها هذه الهواجس مثلا؛ مصطلح (الهندسة المالية الإسلامية) زيادة إلى مصطلحنا (الصناعة المالية الإسلامية) ولكن هذه الهواجس قد زالت عن الأخير بعد معرفة استخدام فقهائنا السابقين مصطلح (الصناعة) أو ما يقاربه، في اختيار بعض عنوانين كتبهم المرجعية المهمة؛ كما فعل علاءالدين الكاساني (رحمه الله) الفقيه الحنفي الكبير، في تسمية مؤلفه الرصين (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع) وكذلك ما فعله بعض المعاصرين من أهل العلم في إطلاق مصطلح (صناعة الفتوى) ومصطلح (الصناعة الفقهية) و(الصناعة الأصولية) وغيرها من المصطلحات القريبة، التي تبين سعة الأمر.
والله تعالى أعلم.


الصناعة المالية الإسلامية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع