مدونة الباحث عبد الرحمان قدي


إدراك الواقع الاجتماعي من خلال وسائط الاتصال

عبد الرحمان قدي | Abderrahmane Keddi


24/04/2022 القراءات: 1832  


إدراك الواقع الاجتماعي من خلال وسائط الاتصال


وسائل الإعلام القديمة التي كان يَعتمِد عليها الأفراد في بناء الحقائق وإدراك الواقع الاجتماعي المحيط بهم، لم تعد تلبّي لهم هذه الغاية على أكمل وجه بعد انتشار الثّقافة الجماهيرية Mass Culture، التي جعلتهم يعيشون في مكان واحد دون أن يعرفوا بعضهم البعض، وهذا ما شهدته التّجمعات البشرية المتمدّنة منذ ظهورها خلال القرن التاسع عشر إلى غاية عصرنا الذي نعيش فيه الآن، إذ أنّ ما يميّز الثّقافة الجماهيرية هو اهتمام كل فرد بأهدافه الشخصية، والسّعي لتحقيقها دون أن يهتم بظروف الآخرين من أفراد المجتمع؛ يعني ذلك أن وسائل الإعلام لم تعد قادرة على عرض واقع كل المجتمعات المحلية للأفراد، بنقل أخبارها وتغطية أحداثها، فغيّرت وجهة نشاطها الإعلامي إلى ما تقدر على إنجازه وتضمن استمراريته يومياً، وهو تقديم معلوماتٍ وأخبارٍ عن أهم الأحداث والقضايا التي تتّسم بالطابع العام.

عند ذكر مصطلح الواقع الاجتماعي في البحوث العلمية الإنسانية والاجتماعية، غالباً ما يتمّ تجنّب توظيفه بالمعنى اللّغوي البسيط، بل هو مصطلح يتّسع معناه ليشمل كل جوانب الحياة الإنسانية التي تحتضنها المجتمعات، فالممارسات السياسية تحدث ضمن إطار اجتماعي، والأنشطة الثقافية تُنظَّم ضمن إطار اجتماعي، والتّعاملات الاقتصادية تُجْرَى ضمن إطار اجتماعي، والشّعائر الدّينية تُؤَدَّى ضمن إطار اجتماعي، وكل مجال آخر يهتم به الإنسان إلاّ ويكون ضمن إطار اجتماعي، ولهذا السّبب يرتبط كل ما يحدث في الواقع بالمجتمع.

شبكات التواصل الاجتماعي التي تُتِيح للمستخدمين نشر الأخبار والمعلومات من كل مكان في العالم، هي نفسها التي تُتِيح لهم تلقي أخبار ومعلومات عن كل ما يحدث من وقائع وأحداث في شتّى المجتمعات، وبذلك أصبح كل مستخدم قادراً على معرفة جزء كبير جدّاً من الواقع الاجتماعي لأي مجتمع إنساني، بقدر تمكُّنِه من معرفة الواقع الاجتماعي الذي ينتمي إليه، فكل ما يحتاج له هو الإلمام باللّغة وطرق التواصل التي يتعامل بها أفراد المجتمع، مع قبول انضمامه للمجتمعات الافتراضية الـمُمثِّلة لذاك المجتمع في الشبكة التي يستخدمها.


الإدراك، الواقع الاجتماعي، وسائط الاتصال


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع