مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 مرحلة الإيذاء والإضطهاد

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


05/02/2023 القراءات: 614  


سلسلة السيرة النبوية

🔻 مرحلة الإيذاء والإضطهاد


أستمرت قريش في اتباع أساليب السخرية والتكذيب ، وطلبت من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأتيها بالآيات الدالة على صدقه
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا ، ونؤمن بك
قال :" وتفعلوا " قالوا : نعم
قال :فدعا ، فأتاه جبريل فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ،ويقول لك :
(إن شئت أصبح الصفا لهم ذهبا ، فمن كفر منهم بعد ذلك أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة)
قال : "بل باب التوبة والرحمة " رواه الإمام أحمد

ومضت الأسابيع والشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب لا يتجاوزونها إلى طريق الاضطهاد والتعذيب، ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لم تجد نفعًا في إحباط الدعوة الإسلامية استشاروا فيما بينهم، فقرروا القيام بتعذيب المسلمين وفتنتهم عن دينهم، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، وانقض كل سيد على من اختار من عبيده طريق الإيمان‏.‏

وجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر، من استضعفوه منهم يفتنونهم عن دينهم ، فمنهم من يفتن من شدة البلاء الذي يصيبهم ، ومنهم من يصلب لهم ويعصمه الله منهم

وكان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه ، وإن كان ضعيفا ضريه وأغرى به ، وكان الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ عليه القرآن ، فكأنه رق به ، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال : ياعم ، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا
قال : لم ؟ قال : ليعطوكه ، فإنك أتيت محمدا لتعرض ما قبله ( أي تطمع فى ماعنده من مال أن يعطيك منه) قال : لقد علمت قريش أنى من أكثرها مالا
قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له
قال : وماذا أقول ؟ فوالله مامنكم رجل أعرف بالأشعار منى ، ولا أعلم برجزه منى ، والله مايشبه الذي يقول شيئا من هذا ، ووالله ، إن لقوله الذي يقول حلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله ، وإنه ليعلوا ولا يعلى ، وإنه ليحطم ما تحته
قال :لايرضى عنك قومك حتى تقول فيه
قال : فدعنى حتى أفكر فيه ، فلما فكر ، قال : إن هذا إلا سحر يؤثر ، يأثره عن غيره
فنزلت {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً}المدثر(11-13)
رواه البيهقى

علم الوليد أن القرآن حق وأن الرسول حق ولكن منعته حمية الجاهلية من أن يسلم ، حتى أبا جهل كان يعلم صدق النبي ويعلم أن مايقوله حق ، ولكن منعه الحسد من أن يسلم
فعن المغيرة بن شعبة قال :إن أول يوم عرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنى أمشى أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة ، إذ لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى جهل :
"يا أبا الحكم ! هلم إلى الله وإلى رسوله ، أدعوك إلى الله "
فقال أبو جهل : يا محمد ! هل أنت منته عن سب آلهتنا ؟ هل تريد إلا أن نشهد أنك قد بلغت ؟ فنحن نشهد أن قد بلغت ، فوالله لو أنى أعلم أن ما تقول حق لاتبعتك
فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
وأقبل على فقال : والله ، إنى لأعلم أن ما يقول حق ، ولكن يمنعنى شئ : إن بنى قصي ، قالوا : فينا الحجابة ، فقلنا : نعم
ثم قالوا : فينا السقاية ، فقلنا : نعم ، ثم قالوا : فينا الندوة ، فقلنا : نعم
ثم قالوا : فينا اللواء ، فقلنا : نعم ، ثم أطعموا وأطعمنا ، حتى إذا تحاكت الركب
قالوا : منا نبي ، والله لاأفعل ) رواه البيهقى

فها هو أبو جهل يقر ويعترف أن ماجاء به النبي صلى الله عليه وسلم حق ولكن يمنعه الحسد عن الإيمان ، فما كان يشغله هو قضية الشرف والمكانة ، والتنافس المحتدم بين قبيلته وقبيلة الرسول صلى الله عليه وسلم

بدأت إذن مرحلة المحنة والابتلاء ، وكانت مرحلة شاقة ، أوذي فيها النبي صلى الله عليه وسلم على الرغم من منع عمه أبي طالب له ، وأوذي المسلمون غاية الإيذاء ولاسيما العبيد والضعفاء


سلسلة السيرة النبوية 🔻 مرحلة الإيذاء والإضطهاد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع