مدونة الدكتور محمود السماسيري


الخطابات الإسلامية المعاصرة: قراءة أولية للعلل وسبل التجاوز(3)

الدكتور محمود السماسيري | mahmoud yousef al-samasiry


12/10/2020 القراءات: 521  


الإجابة الحتمية التي تفسر وضعية الأمة الإسلامية.
الواقع أنه إذا كان طرح تساؤل: أين يكمن موضع ذلك الخلل؟ حتميا فإن الإجابة التي يمكن تقديمها على هذا التساؤل هي أيضا إجابة حتمية لا مجال أمام العقل المجرد أن يحيد عنها... ألا وهي أن موضع الخلل والقصور لا يمكن إلا أن يكون في فهم المسلمين للدين ذاته ..ذلك الفهم الذي يتجلى في كل ما تطرحه الخطابات التي تحتل ساحة الفكر الإسلامي، وهي خطابات يكاد يدعي كل منها امتلاك الفهم الصحيح والمتكامل للإسلام (1 )..وهو الادعاء الذي قد يصل ببعض هذه الخطابات لأن توقن أنه لا محيص أمام من أراد أن يكون من الفرقة الناجية يوم القيامة من تبني الفهم الذي تطرحه للإسلام دون سواه .. والواقع أنه لو كان أيِ خطاب من هذه الخطابات صادقا في ادعائه بامتلاك الفهم الصحيح والمتكامل للإسلام لتمكن أتباعه – كما تمكن الصحابة والتابعون عندما امتلكوا هذا الفهم الصحيح والمتكامل- من إنارة أغلب أرجاء الدنيا في عقود قليلة.. وهم كما أشرنا سلفا قلة في العدد والعتاد.( 2)
وهكذا فإن مثل هذه الإجابة تضعنا أمام نتيجة واضحة، ألا وهي أن الخلل الذي يعرقل حركة الأمة، ويكاد يشل قدرتها على القيام بالمهام المنوطة بها في هذا الوجود، مرده الرئيس إلى إخفاق مجمل الخطابات التي تسود فضاء الفكر الإسلامي في فهم السبل الناجعة التي رسمها الإسلام لحركة أمته في هذا الوجود
-----------------------------------
1- لا بد أن نؤكد أن ما نقصده هنا من تيارات هي التيارات التي تنتمي إلي البيت السني، حتى لو كان بعضها يحمل رؤى متطرفة، ولابد أن نفرق هنا بين نوعين من التيارات الأول: هو التيارات الفكرية التي تطرح تصورا إسلاميا متكاملا للحياة بشقيها الفردي والاجتماعي، وأبرزها هي التي يطلق عليها مخالفوها(لاسيما من العلماننين) لفظ تيارات الإسلام السياسي، النوع الثاني : هي تيارات تقبل - فيما يتعلق بالشق الاجتماعي- نظام الحكم القائم طالما لا يعادي فيه الحاكم أحكام الشريعة، ولا يرتكب فيه كفرا بواحا، مع النصح له، وهو ما يعني أن الخلافات بين هذه التيارات هي في جلها خلافات في تناولها وفهمها للنصوص التي تتعلق بالعقيدة وما يتبعها من خلاقات فقهية أو خلافات في منهجية التفسير أو التأويل ..وما إلى ذلك، وفي كل الحالات نحن هنا أمام نسق يرى أن المنظومة الفكرية التي يتبعها هذا النوع من التيارات (بما فيه التيارات التي لا تبالي بالواقع الاجتماعي وتتكيف معه وأبرزها التيارات الصوفية) هي منظومة تملك –ضمنيا- الإجابة على كل التساؤلات، وحتى ما يتعلق برضاها عن النسق الاجتماعي القائم- لعلة أو لأخرى فإنه في ذاته مبني على إجابات ما تعتنقها حول هذا الشق الاجتماعي، مما يجعل قولنا أنها ترى أنها تمتلك تصورا صحيحا ومتكاملا للإسلام هو قول يحمل قدرا من المعقولية.. ذلك لأنها لو كانت ترى أن الإسلام يدعو إلى إحداث تغيير حتمي في الواقع الذي تعيشه، ثم تتوقف عن السعي الحثيث الذي يحقق التغيير، فإنها لا مراء هي جماعة أو تيار يخالف الفهم الذي تتبناه لحقيقة الإسلام على نحو يجعل أتباعها ينفضون عنها حتما.
2-ويكفي للتدليل على ذلك أن نتأمل النقلة الهائلة التي أحدثها الإسلام في تاريخ البشرية فقط في 13 سنه و ذلك من وفاة الرسول صلي الله عليه و سلم إلي وفاة الفاروق عمر رضي الله عنه.


وضعية الأمة المسلمة- تفسير الوضعية التي تعيشها الامة المسلمة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع