مدونة سيد محمد أحمد عيسى مصطفى أحمذي


إغلاق المساجد بسبب كورونا (رؤية مقاصدية 2)

سيد محمد أحمد عيسى مصطفى أحمذي | Sidi Mohamed Ahmed Issa Moustapha Ahhmedheye


09/10/2020 القراءات: 3000  


خامسا: خلا هذا التعطيل للمساجد من مقصده؛ (والحكم إذا لم يترتب عليه مقصده لم يشرع) فإذا كان المقصد عدم نقل العدوى، وكانت وسائل النقل العام مشرعة، والأسواق مفتوحة، والاختلاط في البيوت والشوارع موجودا فلم يبق إلا تعطيل المساجد، ولا يمكن أن يكون تعطيلها مقصدا لمسلم أحرى عالم.... سادسا: لم يمنع الغرب -في عمومه- المساجد ولا الكنائس ولا التجمعات الصغيرة، وهي مجزئة-إن شاء الله- في الجماعات فلم نمنعها نحن المسلمين؟!. سابعا: أنه اجتهاد في مقابل النص فالأمر بإعمار المساجد، والنهي عن خرابها، وعن منع الناس منها، والتأكيد على أن لا يمنع من البيت مصل ولا طائف في أي وقت من ليل أو نهار؛ كل ذلك أشهر من أن يزاد ببيان. ولا يمكن العدول عنه إلا بدليل في مثل قوته على الأقل. والأدلة المستجلبة على جواز إغلاق المساجد أضعف من أن تنهض بذلك العبء؛ إذ غايتها أن تكون راعت مقصدا معتبرا من زاوية هو منها مهمل (مثل من منع الحاكم من تنفيذ القصاص في شخص -قَتل عمدا عدوانا غِيلة ولم يعف عنه صاحب الدم- بحجة حماية مقصد الحفاظ على النفس، فالمقصد مرعي قطعا، لكن ليس من هذا الوجه ولا في هذه الحال). ثامنا: انطبعت كثير من الفتاوى التي اطلعت عليها بطابع الجزم بوجوب التداوي، وحرمة تركه، وهذه النقطة محل خلاف قديم بين العلماء، الجزمُ بأحد طرفيه وتقديمه على أنه الحق الخالص في المسألة يُخشى من أن يترتب عليه كتم جانب من العلم له أدلته القوية. تاسعا: الخلط بين بلد الوباء ودولة الوباء، فالدولة بمفهومها المعاصر ليست المقصود الشرعي بالنهي عن إيراد الممرض على المصح. وأقرب معنى لمراد الشارع -إن وسعناه- النهي عن السفر إلى مدينة المرض أو منها، وبالتالي ففي قياس القرية التي لم يظهر فيها المرض على التي ظهر فيها بجامع الوحدة السياسية من العيوب ما لا يخفى. عاشرا: إن تغيير الأحكام القارة، والقواعد المعروفة يؤدي إلى مفاسد جليلة ومثالب عظيمة يكون المخوف منه في مقابلها صغيرا، ويكون المختشى منه في مقابلها حقيرا، وإذا أُقِرَّ هذا الاجتهاد في كل بلد وعم على كل مصر صار إجماعا من أهل العصر على سقوط وجوب إعمار المساجد لعلة خفيفة، وتبعهم اللاحقون على ذلك. ولي ثقة تامة انطلاقا من حفظ الله لهذا الدين أن هذا الإجماع لن يحصل، وأن عصمة الأمة من الإجماع على ضلالة ستمنع منه بإذن الله. لكن على كل عالم مجتهد أن ينظر في مآل فتواه، وأن يتذكر ثواب الداعي للهدى، وعقوبة الداعي للإثم. وخير من يذكر بالله العلماء الأمناء حملة الدين وحجة الله على الخلق. • ختاما: قدر الله وما شاء فعل، "ولو شاء الله ما فعلوه"، [الأنعام] وليس الصد عن بيت الله من شأن المسلمين، وقد قال تعالى: "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها". [البقرة] وقال: "إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام...."، [الحج] وقال: "وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود".[البقرة] وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله". [متفق عليه]. وإن الذي شرع هذه الأحكام ليعلم حال الناس ومآلهم وما يحدث لهم "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير". [الملك] وعلى كل فلمن اجتهدوا في هذا الأمر (تعطيل الجماعات بسبب الخوف من عدوى لم تتحقق بعد) مقامهم المحمود وهم بحار وأخطاؤهم أقذار... وأقدار وهي (مهما كانت) اجتهاد يحصلون منه على أحد الأجرين إن شاء الله. والله نسأل أن يحفظ المسلمين و بلادهم من كل الأسقام والأوجاع وأن يوفقهم للحق، وأن يبقي دعائم الدين قائمة غير منقوصة، وأن يحفظ علينا شعائر ديننا إنه ولي ذلك. ونعم المولى ونعم النصير


إغلاق، المساجد، كورونا، المقاصد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع