مدونة الدكتور ميلود مراد


تأثير منصات التواصل الاجتماعي على انتاج الصورة التلفزيونية والخطاب المرئي الحامل للمعلومة الامنية

الدكتور ميلود مراد | D.mourad miloud


24/12/2021 القراءات: 2150  


يقول ارسطو أن الصورة تساوي ألف كلمة"، وهذا ما اكده الناقد الفرنسي "رولان بارت"حين قال إننا نعيش في حضارة الصورة . إنّ انجذاب المتلقي تجاه المادة المعروضة في المجال السمعي البصري بفعل التأثيرات النفسية للصورة على المشاهد، كونها تنقل الواقع بصور ذات سمات ساحرة جذابة، جعل القائمين على قطاع السمعي البصري في شتى الميادين والمناطق الاهتمام اكثر بتقوية الصورة وتطوير قدراتها التقنية والفنية معاً. خاصة في البثّ الفضائي الحيّ وغير الحيّ لكونها تشكّل ظاهرة كبيرة ذات تأثير واسع علي فئات المجتمع. ان التطور الرقمي الذي كان نتاج تقنيات الإعلام الجديدة ألقى بظلاله وآثاره على الإعلام التقليدي ومنها التلفزيون، حيث أسهمت هذه التكنولوجيا كونها قائمة على لامركزية المعلومات والصورة وانتشارها بين الناس في إحداث تغير كبير داخل عناصر العملية الاتصالية ، وزاد من حرية التعبير لدى الأفراد ومشاركتهم في صنع الحدث الإعلامي المصور من خلال التغطية المباشرة للأحداث أو من خلال الرأي في إدلائهم للتعليقات حول ما يرونه ويعايشونه كشكل من أشكال التغيير في الرسالة من حيث المضمون المقدم ومقاربته لهموم الناس وتطلعاتهم خاصة مع ظهور الانترنت الذي احدث ثورة في مجال التكنولوجيا و انقلبت فيها كل المفاهيم ، حيث أتيح لكل فرد أن يكون إعلاميا وشاهدا حيا وناقلا ومصدرا موثقا لكل المشاكل التي يعيشها بالصورة. واصبح لكل فرد وكالة أنباء مصورة خاصة به ، وسقطت التزامنية التى لطالما التصقت بالتلفزيون، وأرقت جمهوره ، الأمر الذي أسس لحالة جديدة أصبح فيها اعلام المواطن والاعلام الرسمي وجها لوجه في علاقة تكاملية أحيانا و تعاكسية أحيانا أخرى وهو ما يفسر حجم تغطيات المواطنين المصورة لأي مشكل يطفو على السطح بنقله لعالم الأنترنت وما يعرفه هذا الأخير من سهولة وسرعة في نقل انشغالات الناس وتداولها بالأدلة الثابتة من صور وفيديوهات وتقارير عبر شبكات اجتماعية مخولة لاستعمالها من طرف جميع فئات المجتمع ،مما اضعف دور الصورة التلفزيونية وهجرة جمهورها الي الصورة عبر مواقع تواصل الاجتماعي، و هذا ما جعل من الصعب على الإعلام التقليدي الإنفراد بنشر الصورة والسبق فيها , هكذا أدخلت شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام البديل وسائل الإعلام التقليدي في مأزق البقاء والاستمرارية ، هذا من جهة ومن جهة اخري اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مصدر اخباريا مصورا من مصادر الاعلام التقليدي وعلى راسها التلفزيون بحكم انه من وسائل الاعلام التقليدية ثقلا ، واصبح المحتوى المصور في مواقع التواصل الاجتماعي محتوىً أساسياً للعديد من البرامج التلفزيوني، ويمكننا القول أيضا بأن نقل الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد اسهم في رفع مستوى الوعي لدى الشعوب، وتأكدها من أنها هي مصدر الشرعية، بحكم سقوط حارس البوابة الموجود في وسائل الاعلام التقليدية "التلفزيون". وأن هذه الشبكات قد أفرزت قيما جديدة, لعل أهمها بالمطلق القبول بالآخر في تنوعه واختلافه وتباينه، كما ان الصورة المتحركة في مواقع التواصل الاجتماعي احرجت الإعلام التلفزيوني العام والخاص ، من خلال تكسير قاعدة ما يعرف بالخط الافتتاحي الممنهج للوسائل التقليدية بصفة عامة والسمعي البصري بصفة خاصة، وكسرت كل الطابهات الممنوعة من النشر فيها واقتربت اكثر من جماهيرها. فمثلما تستطيع مواقع التواصل الاجتماعي ان تكون وسيلة إعلامية جديدة " مالئة الدنيا و شاغله الناس " ، وأن تكون أداة مثلى للقفز على حواجز الإعلام التقليدي المتخشب كلمة وصورة ، فإنها تستطيع أيضا ان تكون مرتعا خصبا للإشاعة و المعلومة المضللة والصور المركبة، و من ثم بث الوعي الموهوم . و ما هو ابعد من ذلك هو انه لا شيء يمنع الحكومات ، التي يطرد إعلامييها من الباب أن تعود من شباك '' الفيسبوك '' '' يوتيوب '' و '' تويتر '' و '' المدونات الشخصية '' و غيرها ،كي تروج لسياساتها بطرق شتى و غير مباشرة ، إذ أن مواقع تواصل الإجتماعي فرض نفسه إعلاما بديلا يروج كما كبيرا من الأطروحات المتناقضة ، ومن بين المعلومات التي تتداول مواقع التواصل الاجتماعي والتي لا تقبل التحريف المعلومة الأمنية "كلمة وصورة" ، او ما يطلق عليه الأكاديميين الإعلام الامني ، وهي المعلومة التي تبحث عن مساعدة الأمن في أداء رسالته و نشر الوعي بين المواطنين لإتباع السلوكيات الرشيدة و الحفاظ على أمن المجتمع و استقراره. و تكمن أهمية المعلومة الامنية باعتبارها إعلاما موضوعيا ودقيقا لا يقبل التأويل تقدم المعرفة الأمنية إلى الناس بهدف رفع درجة الوعي ،كما تؤسس الارتباط بين المجال الأمني و وسائل الإعلام، حيث هناك عوامل تؤثر في قدرة الإعلام الأمني على الإقناع وهي ان المادة الإعلامية يجب أن تكون حقيقية صادقة قابلة للتصديق والتنفيذ و أن تخلو من أسلوب الأمر والإجبار وكذا أن تكون متناسقة ومترابطة وواضحة، تقدم في وقت معين ، حيث أنها تتأثر بمقدمها ومدى كفاءته و أسلوبه في التعامل مع مضمونها واقتناعه بما ينقله و المادة الإعلامية مرتبطة بالفئة المستهدفة و الظروف المحيطة بها، وهذه الخصائص التي يحملها مفهوم أو مدلول المعلومة الامنية غائبة في ما يعرف بإعلام المواطن- مواقع التواصل الاجتماعي بحكم ان اغلب اذا لم نقل جل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ممن يتداولون المعلو


منصات التواصل الاجتماعي/انتاج الصورة التلفزيونية/للمعلومة الامنية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع