مدونة الدكتور ميلود مراد


اللوائح التشريعية لحقوق الطفل الإعلامية "التجربة الجزائرية انموذجا "

الدكتور ميلود مراد | D.mourad miloud


03/12/2020 القراءات: 1904  


على غرار كل الجهود المبذولة للرفع من مستوى الطفل فإن هذه الفئة لازالت محاطة بعدة تحديات جسيمة لاسيما في وطننا العربي، ولعل أبرز هذه التحديات عدم التحكم في ما يعرف بالإعلام، والتي أضحت مضامين هذا الأخيرة تتدفق بعدة أشكال من فضائيات وشبكات عنكبوتية دون أي رقيب، والتي تؤثر بشكل أو بآخر على حياة الطفل ولهذا تعتبر وسائل الإعلام أدوات تواصل جماهيرية بين الطفل والعالم الخارجي ، وقد تطورت هذه الاخيرة بصورة مذهلة في السنوات الأخيرة - خصوصا في الجانب المرئي- وتوفرت العديد من الخيارات ، لدرجة أن نجد بعض الأطفال لا يعرفون الشارع ، ولا يتفاعلون مع المدرسة ، ولا يخالطون أسرهم، وان جل مادته المعرفية وثقافته الشخصية مصدرها وسائل الإعلام .من هنا يمكن تصنيف وسائل الإعلام بأنها المؤثر الأول والأقوى على الطفل، إذ أصبحت هذه التكنولوجيا بفعل ما تمارسه من تأثير على الطفل تضطلع بعدة أدوار كانت تقوم بها مؤسسات أخرى كالأسرة والمدرسة وحتى الشارع مثلا.
"لقد أصبحت المادة الإعلامية الموجهة للأطفال من أخطر الصناعات الإعلامية في العصر الحالي، ومن أكثر الصناعات التي تشهد إقبالا من طرف المستثمرين وشركات الإنتاج العالمية نظرا لما تدره من أرباح سنوية تقدر بملايين الملايين من الدولارات بسبب استهدافها شريحة واسعة تتسع دائرتها باستمرار‚ وهي شريحة الأطفال، لقد بات إعلام الطفل يشهد تناميا ملحوظا، وصار أكثر قربا من الطفل داخل البيت، وقد حمل هذا الانتشار السريع معه أساليب جديدة وأكثر تطورا لاستمالة الطفل والسيطرة على عقله وسلوكياته ودفعه الى الإدمان على ذلك الصندوق السحري العجيب كما كان يسميه آباؤنا وأجدادنا ولاشك ان هذا التوسع المذهل في تجارة التسلية الموجهة للأطفال يخفي الكثير من المخاطر والسلبيات، فجل الشركات المنتجة والعاملة في هذا القطاع هي شركات غربية توجه نشاطها ثقافة غربية وفهم غربي لمعاني التسلية واللعب والترفيه والتربية، ومتجذرة في ممارسات وعادات المجتمعات الغربية التي تتعامل مع إعلام الطفل بمنطق السوق والجري وراء الربح والكسب دون اهتمام بالقيم والعادات والأعراف وفي حالة التعارض بين هدفي الكسب وزرع القيم فإن الغلبة تكون للأولى على حساب الثانية.
و في ظل التحديات القائمة و المستجدات العالمية كانت الجهود الدولية و العربية التي تطرقت لإعلام الطفل خير دليل على ذلك و يظهر من خلال الاتفاقيات والخطط و الإعلانات الخاصة بالطفل وذلك من خلال حقوقه المتمثلة أساسا في الإعلام لذا كان من الضروري الدفع بمسار العمل المشترك في هذا المجال و ذلك من خلال ترسيخ حقوقه والمتمثلة في الحق في البقاء و النماء و الحماية، لأن هذه الأهداف الإستراتيجية تستوجب بدور الإعلام الموجه للطفل، الجزائر كغيرها من الدول التي ساهمت وشاركت في صياغة وبلورة بعض القوانين والتشريعات الضامنة للطفل حقوقه الإعلامية ، سواءا كانت هذه القوانين والمراسيم داخلية أو خارجية ، بيد أن التفعيل الحقيقي والتطبيق الفعلي لهذه المواثيق والدساتير يعتبر الضامن الحقيقي لجدية القائمين على حماية حقوق الطفل الإعلامية
أن مصادقة جميع الدول العربية على أي قانون من القوانين السابقة الذكر، تجعل أي بلد ، هذا القانون جزءا لا يتجزأ من تشريعاتها الداخلية وتبدو تشريعاتها متطورة إذ هي ضمنت للطفل حقه في الإعلام من حيث المبدأ ، حيث ولد للأطفال استحقاقات وآفاق في مستوى البرامج الموجهة إليهم إذاعيا وتلفزيونيا، وليس هناك شك أيضا في سعي المشرفين على تطور تلك البرامج من أجل تلبية تلك الاستحقاقات والآفاق، ولكن هذا التطور ما يزال يحتاج للمزيد من العمل ماديا و فكريا حتى ترتقي البرمجة الموجهة للأطفال للحظة التاريخية التي نعيشها وهي لحظة مليئة بالتحديات من كل جانب.
وبالنسبة للجزائر، نجد أن مصادقتها على الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل جاءت بعد فترة تميزت فيها الأوضاع الإعلامية في الجزائر خلال الفترة 1979-1990 بِبُروز عدة أحداث إلى جانب اتخاذ عدة إجراءات اعتبرت الأولى من نوعها منذ الاستقلال مثل: لائحة الإعلام الصادرة على مؤتمر جبهة التحرير الوطني لسنة 1979، و كذلك قانون الإعلام سنة 1982 والذي يشمل قرار السياسة الإعلامية ثم يأتي قانون الإعلام لسنة 1990 الذي كرس و لأول مرة مبدأ التعددية الإعلامية بصفة قانونية وكذا قانون الإعلام الأخير 2012 الذي جاء على أنفاذ قانون 90 ولكن ما تعلق ببنود حقوق الطفل في هذا القانون جاءت تكريسا للقانون السابق ولم تدخل فيه الدولة ولا إضافة.
ويعتبر قانون الإعلام لـ1982 جاء لينظم المطبوعات والصحافة المكتوبة، ولم يتعرض إلى الوسائل السمعية البصرية، ولم يتطرق الي إعلام الطفل بأي اشارة ،أما قانون الإعلام 1990 نجد أنه يحصر الحق في الإعلام في مجرد عملية الاطلاع على الوقائع والآراء التي تنقلها وسائل الإعلام الجزائرية، حيث ركز في تطرقه لحق الطفل في الإعلام على الحرص أن لا يحصل الطفل على أي معلومات منافية للأخلاق الإسلامية أو القيم الوطنية أو حقوق الإنسان أو تجسيدا للتطرف و الخيانة بالإضافة إلى عدم نشر أو إشهار ما يمكن أن يشجع على العنف والانحراف، فحق الطفل في الإعلام حسب ما جاء في قانون الإعلام 1990 مجرد مقاربة نظرية لم يتوسع في تحديد هذا الحق بالمقارنة مع التشريعات الدولية و العربية.
لقد كان للجزائر في بدايات سن قوانين ومواثيق حماية الطفل من الإعلام دورا بارا في الحفاظ على هذه المكتسبات خلال الفترة التي سبقت التسعينيات من القرن الماضي ، حيث لعبت الجزائر دورا بارزا في إرساء قرارات معينة تعني بمجال حماية الطفولة في الجهة المقابلة سعت الي حضور دائم ومستمر في اللقاءات والملتقيات الداعية الى احترام حقوق الطفل الإعلامية،


الحقوق / الطفل / اللوائح التشريعية / الإعلام / التأثيرات / المخاطر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


متعنا الله جميعاً بنعمة الصحة والعافية جزيت عنا خيراً لما تفضلت به د. مليود مراد - لما يخص شريحة الأطفال الذين أصبحو سلعة لعدد من القنوات الفضائيةاالتي تدعي بأنها تقدم مادة إعلامية ذات قيمة لهم...