مدونة عبدالحكيم الأنيس


رفاعيات (أشتات متفرقات). (3)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


21/06/2022 القراءات: 891  


قال سبط ابن الجوزي (ت: 654) في "مرآة الزمان" (21/ 287):
"‌‌أحمد بن علي بن أحمد، أبو العَبَّاس بن الرِّفاعي، شيخ البطائحيين، كان يسكن أم عَبِيدة، وكان له كراماتٌ ومقامات، وأصحابه -على ما بلغني- يركبون السّباع، ويلعبون بالحيَّات، ويتسلق أحدهم في أطول النَّخل، ثم يُلقي نفسه إلى الأرض ولا يتألم، ويجتمع عنده كل سنة في المواسم خَلْقٌ عظيم".
***
وقال ابن خلكان (ت: 681) في ترجمة الرفاعي في "وفيات الأعيان" (1/ 172): "ولأتباعه أحوال عجيبة: مِن أكل الحيات وهي حية، والنزول في التنانير وهي تتضرم بالنار فيطفئونها، ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود، ومثل هذا وأشباهه، ولهم مواسم يجتمع عندهم من الفقراء عالَم لا يعد ولا يحصى، ويقومون بكفاية الكل".
***
وللشيخ ابن تيمية (ت: 728) في ذلك كلامٌ طويلٌ فليُراجع، لمعرفة رأيه وموقفه.
***
وذكر عبدالرحمن السويدي البغدادي (ت: 1200) في كتابه "حديقة الزوراء في سيرة الوزراء"، مكانًا فيه حياتٌ مؤذيةٌ وقال:
"قد قال بعضُ أهل النفاق: إنَّ أفاعي ذلك المكان، لم تؤذ كل حيوان، فضلًا عن نوع الإنسان، وهو مردودٌ بما شاهده مَن سافر تلك الديار، ونحا تلك الأقطار، فقد قال: إنّ ذلك المكان لا ينام [فيه] أحدٌ من المارين، ولم يستطع المرور به ليلًا للسالكين، لشدة لسع تلك الأفاعي، ولو كان المارُّ ولد السيد أحمد الرفاعي...." .
***
وجاء في كتاب "تربيتنا الروحية" (ص: 217-219) عند كلام المؤلف على كرامات الأولياء:
"وأهم ما ينصب عليه الإنكار ما يحدث لأهل الطريقة الرفاعية من كون النار لا تؤثر فيهم، ومن كونهم يضربون أنفسهم بالرصاص أو بالسيوف، ولا يؤثر ذلك فيهم، وهذه قضية منتشرة ومشتهرة محسة، وقد تتبعها الكثير من المنكرين فرجعوا عن الإنكار، والواقع المشاهد أنَّ ما يحدث لهؤلاء لا يمكن أنْ يكون سحرًا؛ لأنَّ السحر جزء من عالم الأسباب، وههنا لا تجد لعالم الأسباب محلًا، كما أنه لا يمكن أنْ يكون من باب الرياضات الروحية؛ لأن هؤلاء قد تحدث للواحد منهم هذه الخوارق من دون رياضة روحية أصلًا، بل بمجرد أنْ يأخذ البيعة عن الشيخ، بل أحيانًا بدون بيعة، وقد حدثني مرة نصرانيٌّ عن حادثة وقعتْ له شخصيًا وهي حادثة مشهورة معلومة جمعني اللهُ بصاحبها شخصيًا بعد أنْ بلغتني الحادثة من غيره وحدَّثني كيف أنه حضر حلقة ذكر فضربه أحدُ الذاكرين بالشيش في ظهره فخرج الشيشُ من صدره حتى قبض عليه بيده، ثم سحب الشيش منه ولم يكن لذلك أثر أو ضرر، إنَّ هذا الشيء الذي يجري في طبقات أبناء الطريقة الرفاعية ويستمر فيهم هو مِن أعظم فضل الله على هذه الأمة إذ مَن رأى ذلك تقوم عليه الحجة بشكل واضح على معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء، إنَّ مَنْ يرى فردًا من أفراد الأمة الإسلامية يمسك النارَ ولا تؤثر فيه كيف يستغربُ أنْ يقذف إبراهيم في النار ولا تؤثر فيه؟
وإنَّ مَنْ يرى فردًا من أفراد أمة محمد عليه الصلاة والسلام يخرج السيف من ظهره بعد أنْ يضرب فيه في صدره ثم يسحب السيف ولا أثر ولا ضرر هل يستغرب مثل هذا حادثة شق صدره عليه الصلاة والسلام؟
إن هذا الموضوع مهم جدًا ولا يجوز أنْ نقف منه موقفًا ظالمًا ومحله في إقامة الحجة في دين الله على مثل هذه الشاكلة.
إن الحجة الرئيسية لمنكري هذا الموضوع هي أن هذه الخوارق تظهر على يد فساق من هؤلاء كما تظهر على يد صالحين، وهذا صحيح، والتعليلُ لذلك هو أنَّ الكرامة ليست لهؤلاء بل هي للشيخ الأول الذي أكرمه الله عزوجل بهذه الكرامة وجعلها مستمرة في أتباعه من باب المعجزة لرسولنا عليه السلام، فهي كرامة للشيخ الذي هو الشيخ أحمد الرفاعي رحمه الله، وقد تكون استدراجًا في حق بعض أتباعه الفساق، وإني لأطمع أنْ يوجد من يتتبع هذا الأمر من طلاب العلم النشيطين، ويكتب في هذه الطريقة وشيخها وأتباعه مِن يوم وجودها حتى عصرنا، وأن يتتبع ما يجري عند هؤلاء، وأنْ يأخذ شهادات مَن شهده من أصناف شتى، ولقد استطردتُّ في هذا الموضوع؛ لأنه ذروة ما ينصب عليه الإنكار، وعلى كل حال فتسجيلي هنا لهذا الموضوع إنما هو لفت نظرٍ وليس تحقيقًا في كل حيثياته، وخاصة حول متى يجوز أنْ يلمس الإنسان النار أو يضرب نفسه بمؤذ ومتى لا يجوز، مثل هذه الأمور لها أجوبتها الفقهية، ورأيي فيها هو رأي الفقهاء كائنًا ما كان، وأهم شيء عندي -وهو الذي سجلتُ من أجله هذه النقطة- هو ألا نقف من الكرامات أصلًا موقفَ المنكر، وألا نتعامل مع أهلها بحساسية".
***
وكتب بكر الشرقاوي في مجلة التضامن يوم (15/11/1986) مقالًا بعنوان: "سر الأفاعي في مصر تعرفه طائفة الرفاعية" قال فيه بعد كلام طويل:
"وعلى الرغم من مرور الأزمان وتغير الفلسفات وتطور الأديان [كذا] وتزايد أعداد البشرية واتضاح آلاف الحقائق لأجيالها المتتابعة، وانكشاف الصفات "الزولوجية" الحيوانية لهذا الزاحف الغريب، وانقشاع الكثير من الخرافات حوله في أذهان البشر، فإنه ما زالت هناك حتى الآن طائفة من البشر من أهل مصر يتعاملون مع "الثعبان" بصفاته القديمة، وأسراره الخفية... هؤلاء الناس هم طائفة الرفاعية.....الطائفة التي تخصصت في التخاطب مع الثعابين واستدراجها من جحورها المظلمة العميقة.
إن أفراد هذه الطائفة هم دائمًا على استعداد لتلبية طلبات أصحاب البيوت الموبوءة بالثعابين الخفية، ويتلقون على ذلك أجرًا معلومًا، وهم لا يقتلون هذه الثعابين بعد استخراجها بل يشرفون على تربيتها وتغذيتها بالفئران والانتفاع بسمومها في معالجة بعض الأمراض بالطرق القديمة، وهم غالبًا ما يكونون عائلات تُعنى بأسرار الثعابين، ويحفظون فيما بينهم آيات من القرآن الكريم يوقنون بنفعها في دفع الثعابين للاستسلام لهم، وهم يملكون سيطرة ظاهرة على هذا الزاحف، وكأنهم سحرة من الأزمنة القديمة.
ترى ما هو السر؟ إنهم لن يبوحوا به، ومن المثير حقًا أن هناك منهم الآن ثلاثين ألفًا، ولكن السر لا يخرج من بينهم أبدًا، تمامًا كما ما يزال ذلك السر القديم في الحضارات القديمة، ما زال خفيًا ومستعصيًا إلا على قلة بسيطة من أصحاب المعارف البائدة".
***
هذا متن، والشرح طويل، وكذلك الحواشي.


التراث الرفاعي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع