مدوّنة الأستاذ المشارك الدّكتور منير علي عبد الرّب القباطي


العلوم النّقليّة والعقليّة في تراثنا الإسلاميّ (3)

الأستاذ المشارك الدّكتور منير علي عبد الرّب | Associate Professor Dr. Muneer Ali Abdul Rab


26/04/2022 القراءات: 1155  


ظلّت مؤلّفات العرب والمسلمين -في مختلف العلوم والمعرفة-، هي المراجع الّتي تدرّس في جامعات أوروبّا حتّى القرن الثّامن عشر، وقد اعترف عدد كبير من مؤرّخي العلم بفضل المسلمين على العالم والإنسانيّة، (Al ‘Aumari, 1422, ‘Ajwa, https://www.alukah.net/culture/0/21707,13/05/2010) فمن ذلك الاعتراف ما يلي:

(1)- أكّد البريطانيّ فرنسيس بيكون في القرن الرّابع عشر هذا الاعتراف، وأثبت أنّ دعائم النّهضة الأوروبّيّة الحديثة في المجال العلمي قامت على علوم المسلمين وحضارتهم.

(2)- ويقول توماس أرنولد: "كانت العلوم الإسلاميّة وهي في أوج عظمتها، تضيء كما يضيء القمر، فتُبدّد غياهب الظّلام الّذي كان يلفّ أوروبّا في القرون الوسطى".

(3)- ويقول جورج سارتون في كتابه "مقدّمة في تاريخ العلم": "إنّ الجانب الأكبر من مهام الفكر الإنسانيّ اضطلع به المسلمون؛ فـ"الفارابيّ" أعظم الفلاسفة، و"المسعوديّ" أعظم الجغرافيّين، و"الطّبري" أعظم المؤرّخين".

(4)- كذلك يُبدي تومبسون إعجابه بالعلوم الإسلاميّة، فيقول: "إنّ انتعاش العلم في العالم الغربيّ نشأ بسبب تأثّر شعوب غربيِ أوروبّا بالمعرفة العلميّة العربيّة، وبسبب التّرجمة السّريعة لمؤلّفات المسلمين في حقل العلوم، ونقلها من العربيّة إلى اللّاتينيّة، لغة التّعليم الدّوليّة آنذاك".

(5)- ويقول تومبسون في موضع آخر: "إنّ ولادة العلم في الغرب ربّما كان أمجد قسم وأعظم إنجاز في تاريخ المكتبات الإسلاميّة".

(6)- وأكّد مسيو ليبري بأنّ الفضل في نهضة أوروبّا يرجع إلى علوم المسملين وحضارتهم؛ فقال: "لو لم يظهر المسلمون على مسرح التّاريخ، لتأخّرت نَهضة أوروبّا الحديثة عدّة قرون".

(7)- ولقد أشار المؤرّخ الفرنسيّ الشّهير سديو إلى فضل المسلمين في نشر العلوم والمعارف، وذلك في "تاريخه الكبير"، الّذي ألّفه في عشرين سنة، بحثًا عن تاريخ المسلمين، وعظيم حضارتهم، ونتاجهم العلميّ الهائل، فقال: "لقد استطاع المسلمون أن ينشروا العلوم والمعارف والرّقيّ والتّمدُّن في المشرق والمغرب، حين كان الأوروبّيّون إذ ذاك في ظلمات جهل القرون الوسطى...

(8)- وقال المؤرّخ سديو: "ولقد كان العرب والمسلمون -بما قاموا به من ابتكارات علميّة- ممّن أرْسوا أركان الحضارة والمعارف، ناهيك عمّا لهم من إنتاج، وجهود علميّة، في ميادين علوم الطّبّ، والفلك، والتّاريخ الطّبيعيّ والكيمياء والصّيدلة وعلوم النّبات والاقتصاد الزّراعيّ، وغير ذلك من أنواع العلوم التي ورثناها -نحن الأوروبّيّين- عنهم، وبحقٍّ كانوا هم معلّمينا والأساتذة لنا".


ثمّ ناهيك بعد ذلك بما لعلماء المسلمين من يد طولى في مجالات بقيّة العلوم النّظريّة والمسمّاة بالعلوم الإنسانيّة، مثل علوم الشّريعة، كالقرآن وعلومه، والحديث وعلومه، والفقه وعلومه، والتّوحيد، وعلوم اللّغة، كالنّحو والصّرف، والبلاغة، والأدب، وغير ذلك من ألوان المعرفة والعلوم. مَن استقرأ التّاريخ يجد أنّ كثيرًا من علماء الشّريعة نبغوا في علوم شتّى، سواء أكانت نقليّة أم عقليّة أم نقليّة وعقليّة؛ فالإمام الطّبري مثلًا كان مفسّرًا، ومؤرّخًا، وفقيهًا، وعالم لغة وشعر. وابن خلدون في الأساس كان مغامرًا سياسيًّا، ولكنَّه عُرف بأنَّه مؤرِّخ، وقاضي قضاة المالكيّة بمصر، وكثيرون ينسبون له الإبداع في علوم الاجتماع والاقتصاد والتّربية وغيرها. وابن رشد كان فقيهًا وأصوليًّا وطبيبًا وفيلسوفًا. وابن تيميّة تبحّر في علوم وفنون شتّى؛ فكان مفسّرًا وفقيهًا وأصوليًّا ومحدّثًا ولغويًّا، إلى جانب علمه بالطّبّ والحساب والفلك وغير ذلك من العلوم الدّنيويّة. وتلميذه ابن قيّم الجوزيّة كان طبيبًا ماهرًا، عارفًا بالتّفسير وبأصول الدّين، وبالحديث وفقهه ودقائق الاستنباط منه، وبالفقه وأصوله، وبالعربيّة وعلومها، وبالتّصوّف، وغير ذلك من العلوم. فظاهرة الإبداع في أكثر من علمٍ واحد، كانت صفةً مميّزة لكثير من علماء المسلمين ((Ad Dahabi, 2003, Malkawi, 17,08,2014, https://wefaqdev.net/art1901.html



تراثنا، العلوم النّقليّة، العلوم العقليّة، المؤرّخون


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع