علوم


ابن سينا و نظرية المعرفة

شيماء جمعي | Chaima Djemai


10/03/2022 القراءات: 5743  



لم تكن طفولته استثناء ولا بمنأى عن تأثير الأولياء، بديهته رفضت ما كان يسمعه و يراه، و لكن الانسجام آتي لا محالة، الاجتماعات السرية التي كان ينظمها اباه في بيته باعتباره واحد من جماعة الباطنية, القت بضلالها عليه, و هو يتجرع من ألسنتهم ذكر الفلسفة و الهندسة و حساب الهند.كبر ابن سينا و قد أثرت صحبة فلاسفة الباطنية على فكره تأثيرا عميقا، وهيأته للعب دوره في تنشيط تيار الفلسفة في ذاك الوقت و اتخاذها موقف التحدي من العقيدة الإسلامية، و اذا اردت أيها القارئ فهم دور ابن سينا في هذا المجال فعليك بالإبحار في نظريته "نظرية المعرفة" فهي لبّ فلسفته، نظرية جريئة وضع فيها الفلاسفة على قدم المساواة مع الأنبياء، بل و راح الى ابعد من ذلك و خص الفلاسفة بميزة أخرى, كونهم استمروا في رسالتهم وارتقاء معارفهم في الوقت الذي ختمت النبوة بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
 راح ابن سينا يستعرض نظريته عن الوجود ودوائر المعرفة فقال: " يبدأ الوجود من العقل الفعال الأول (الله) ثم تتلوه مراتب الوجود بحيث تقل كل مرتبة عن سابقتها في الرتبة. وأول مراتب الوجود هم الملائكة. ثم يليهم الأجرام السماوية وبعضها أرقى من بعض. ثم يليها عالم المادة الذي يمكنه استقبال تلك الأشكال القابلة للتوالد والفناء. وبعدها يلي العناصر، ثم الرواسب المعدنية، ثم الكائنات الحية.
 وأرقى الكائنات الحية هو الانسان الذي يحتاج للبقاء واستعمال المقدرات أن يعيش بشكل (جماعات). والمعيشة مع الآخرين تتطلب وجود قانون موحى به. وهذا القانون الوحي يتسلمه الإنسان من العقل الفعال الأول (الله) الذي هو في نشاط دائم. ويرسل العقل الأول قانونه الى العقل المستقبل الذي يوجد في أرقي بني الانسان. وأرقي بني الانسان هم الأنبياء والفلاسفة. والفرق بين الطرفين ان النبي يتسلم الوحي من خلال الاتصال المباشر بالعقل الفعال الأول وبدون تعليم لان قواه العقلية من خلال التعليم والجهود المتواصلة ثم يتسلم القانون(الوحي) من العقل الفعال (الله) ".
 و بهذا وضع ابن سينا (الفيلسوف) في مستوى (النبي), و رفعه في مراتب اعلى من علماء الدين و المجتهدين و الفقهاء, و كأنه يوجب أحقية تولي الفلاسفة مركز الإرشاد و التوجيه في المجتمعات طالما ان النبوة انتهت و ختمت بنبيّ الإسلام.
 هي ليست مجرد نظرية قيلت و لا حروف خطت بحبر على ورق, هي فكر و توجه أصر ابن سينا على تطبيقه خلال اشتغاله في التعليم والمنطق والعلوم الطبيعية, مما جعل له انصار و شركاء من فلاسفة و علماء شهيرون. و نشروا هذه الآراء في المدراس الإسلامية و في أوساط المثقفين، و كان سلاحهم الأول هو المنطق، خاصة انها كانت الفترة الذهبية التي فرض فيها علم المنطق سحره على الطبقة المثقفة حينها, فأقبلوا على دراسته.


"ابن سينا" "نظرية المعرفة" "الفلسفة" "الدين" "العقيدة"


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


شكرا على هذا المقال الثري


مقال مختصر ومفيد، شكرا لكم