مدونة ا.م.د. رجاء خليل الجبوري


منظمات المجتمع المدني ودروها في التنمية المجتمعية للعراق

ا.م.د .رجاء خليل الجبوري | Assist Prof Dr Rajaa .K. Aljubore


03/01/2023 القراءات: 905  



تلعب منظمات المجتمع المدني في العراق دور هام وفاعل ، الا انها مازالت فتية ، وهي بحاجة إلى الكثير من الجهود التي ينبغي أن تبذل من قبل مختلف الأطراف الحكومية والمجتمعية الفاعلة في المجتمع من اجل التأسيس وتعزيز دورها في المحتمع المدني الناضج والقادر على تحمل الأعباء المختلفة التي تلقى على عاتقه .
هذا يضــع المجتمــع المدنــي فــي وضــع فريــد مــن نوعــه لإرشــاد تطويــر السياســات والخطط التنموية المجتمعية وضمــان التنفيذ ومســاءلة الأطــراف الفاعلــة بمــا فــي ذلــك الحكومــات ومؤسســات الدولــة والقطــاع الخــاص. ويمكــن لعــب هــذا الــدور علــى المســتويات الوطنيــة والإقليميــة والدولية.
أن الفترة الماضية من عمر منظمات المجتمع المدني تحققت الكثير من الأنجازات المهمة والمفصلية في البناء الديمقراطي ,ولكن هي مازالت في بداية الطريق لترسيخ التنمية المجتمعية والديمقراطية ومبادئ الحكم الرشيد .
على المنظمات تقييم نفسها ذاتيا , لترتيب اولوياتها بين فترة وأخرى وتطوير أدواتها وأساليبها لتطوير وتنمية قدراتها. وكلٌ حسب نظامها الداخلي وهويتها المهنية ومنها ثقافية، اجتماعية، فنية، اقتصادية وغيرها. تأسست لتعمل في الوسط الجماهيري ولتحفز عنصر الشباب بناة المستقبل هذه الفئة القادرة على تحمل المسؤولية التاريخية في عملية التنمية المجتمعية والتغيير والتجديد والابتكار لجميع مقومات الحياة اليومية للمجتمع.

أن النظام الديمقراطي ،هو ضمانة حقيقية واقعية وعملية لتحقيق التنمية الشاملة في ظل سيادة القانون وأنفاذ القانون والمساواة وأحترام حقوق الأنسان .
ولابد من احتضان هذا العطاء التطوعي واحترامه لتتجاوز الكبوات والانعكاسات الكبيرة دون أن تفقد الثقة بنفسها وباقي من الموكب الذي معها. وكل ذلك هو ضمن حركة المجتمع المتطور وإفرازاته الزمنية المطلوبة.
وان تقدم أي مجتمع لا يتحقق وفق الرؤية العصرية لكبار المثقفين والتربويين وعلماء الاجتماع وقادة الكتل السياسية، ما لم تكن قد ولدت منظمات جماهيرية متنوعة لتكون كجحر الزاوية في البناء الجديد. وان ظهور هذه المنظمات لم يكن ولن يكون بمكان ترفيهي وصرف الزمن فيها. بل خلايا دؤوية لإنتاج ما يحتاجه التنمية المجتمعية الجديد.
ولكي يتمكن المجتمع المدني من المشاركة في رسم السياسات التنموية ورصد حسن تنفيذها لا بد من معالجة معوقات ومنها الاطار القانوني الذي ينظم عمل مختلف هيئات المجتمع المدني والاليات التي تضمن مشاركته الفاعلة والمؤثرة في صنع القرارات. ( تم أقرار قانون 13 لتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية مع أنتظار العديد من الأتحادات والنقابات المهنية لترتيب أوضاعها القانونية).
كذلك حداثة النظام الديمقراطي ,وعدم استكامل بناء المؤسسات الدستورية,وصيغة التوافقات المرحلية في النظام السياسي
أما عدم الوصول الى قناعة بأهمية مشاركة المجتمع المدني في صناعة القرار,مما يوفر كسب التأييد الشعبي لهذه القرارات ومن ثم ممارستها على ارض الواقع ,والنظر لمنظمات المجتمع المدني على انها بديل للسلطات التنفيذية والتشريعية وهذه نظرة خاطئة 100% لان منظمات المجتمع المدني ليست جزء من الحكومة او مجلس النواب ومجالس المحافظات ,بل هي جزء من تكوين الدولة من خلال أنتماء هذه المنظمات للشعب وهو مصدر السلطات وبالتالي من حقه ممارسة الدور الرقابي والتنموي وان يكون له رأي على الأقل أستشاري أو دور رقابي في المحافل العامة ,بل حتى أعتمادها كخبراء ومستشارين غير حكوميين عند الحاجة وبدون مقابل مادي وكعمل تطوعي.
كما ان المستويات المركزية ودور السلطات المحلية، وتعاطي السلطات المركزية والمحلية معه، بما في ذلك الشفافية في الحصول على المعلومات اللازمة والحق في الاطلاع، والقدرة على المحاسبة والمساءلة.
ان وجود فجوات قانونية نتيجة التحول من النظام الدكتاتوري الشمولي الى النظام الديمقراطي ,وبطء مجلس النواب في تشريع القوانين وتعديلها وكذلك بطء المصادقة على هذه القوانين والتشريعات جميعها اخرت من عملية تطور المجتمع المدني واخذ دوره الحقيقي.
كذلك عدم الأعتماد والأهتمام بمراكز البحوث والدراسات المستقبلية والاستشارية في صياغة القرارات وتحديد السياسات العامة للبلاد بالأضافة الى الجهد الحكومي الروتيني.
كل ماتقدم يعتبر من اهم المعوقات التي اخرت من الاستفادة من منظمات المجتمع المدني
ان التنمية تحتاج الى رؤية تنموية شاملة واستراتيجيات وطنية وقطاعية وآليات للتدخل على المستويين الوطني والمحلي، وتكون مرجعيتها الاساسية الدولة كناظم وحام لحقوق المواطنين، الا انها تحتاج ايضا الى تعاون وتنسيق بين الجهات الاساسية الفاعلة، لاسيما بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
ومن غير هذا التعاون لا تكون العملية التنموية مكتملة وبالتالي يصعب ان يكتب لها النجاح.باعتبارها شريكا اساسيا في تحقيق التنمية لاسيما بعدما اصبحت الدولة غير قادرة على الايفاء بالاحتياجات الاساسية للمواطنين كما ونوعا وفي الوصول الى كافة الفئات المحتاجة. كما وان تنامي دور أليات اقتصاد السوق نتيجة العولمة والتبادل الحر قد زادت من التحديات الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي زادت من الحاجة الى توفير خدمات اكثر.

كما ان توفير الموارد البشرية والمالية اساسي لضمان الكفاءة والمهنية في التنفيذ وفي ايصال الخدمات الى محتاجيها، وبالتالي على الجهات المعنية ، فيما لو كانت تعتبر المجتمع المدني شريكا، ان تساهم في رسم آليات مشاركته الفاعلة و حسب ما تمليه حاجة المجتمع ضمن المسيرة الطويلة والشاقة. باعتبارها ذات صفة وطنية كاملة وشاملة ورقابية إيجابية وتنمية اجتماعية شاملة وقائدة لعملية التغيير والتجديد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، ولابد أن يستمر حتى تتمكن هذه الشريحة من إثبات أحقيتها في المساهمة في عملية قيادة تنمية المجتمع وتجديده، وإنها بداية لمسيرة فريدة في تاريخ المجتمع الإنساني ذات صفات جديدة وجب احترامها ودعمها .


تنمية مجتمعية .منظمات مجتمع مدني


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع