مدونة فاطمة عيسى محمد


ثقافة التطوع والخدمة المجتمعية

الدكتورة : فاطمة عيسى محمد | Dr.fatma Essa Mohammad


30/06/2021 القراءات: 3503  


لاشك أن ثقافة التطوع أصبحت سمة بارزة في كثير من المجتمعات العربية وغيرها ، خاصة مع تفشي كوفيد 19 ، وحرصت كثير من القطاعات المجتمعية على استقطاب المتطوعين عن طريق القنوات الإعلامية المختلفة للعمل يداً بيد من أجل مكافحة هذا الوباء الذى استشرى في بقاع العالم أجمع ؛ وأثبتت كثير من الفرق التطوعية الفردية والمؤسسية جدارتها في القدرة على القيام بمهام التطوع في ظل الأزمات؛ بالرغم من كثير من العوائق والعقبات التي اعترضت طريق التطوع .
ولو أردنا أن نعطي تعريفاً للتطوع ، جاء تعريف أهل اللغة ومنهم ابن منظور للتطوع على أنه ما تطوع به الفرد من ذات نفسه مما لايلزمه فرضه ، وتطوع به أي : تكلّف باستطاعته ، ويعرف الفقهاء التطوع بأنه : التقرب إلى الله بما ليس بفرض من العبادات ، لقوله تعالى ( فمن تَطَوَع خيراً ) ، أما علماء الاجتماع فعرفه أحدهم على أنه : ذلك المجهود القائم على مهارة أو خبرة معينة، ويبذل عن رغبة واختياربغرض أداء واجب اجتماعي بدون جزاء مالي ، و مع اختلاف التعريفات إلا أن الجميع أجمع على أن العمل التطوعي هوالجهد الذي يقوم به الفرد ، أو الجماعات والفرق طواعية بدون مقابل مادي ، بهدف خدمة المجتمع ، وقد يأخذ أشكالاً متعددة منها: التنظيمات الأهلية ، القطاعات الحكومية ، جمعيات المجتمع المدني ، ويتميز العمل التطوعي بخصائص منها : التضحية والايثار وتحمل ضغوط العمل ، والإحساس الشديد بالانتماء ، والرغبة في إحداث التغيير ، وتحسين نوعية المجتمع ، و التخفيف من آلام الآخرين.
ويهدف العمل التطوعي إلى توفير الموارد المالية والبشرية ، والمساهمة في تلبية احتياجات المجتمع، وايجاد سبل للتعاون والتعاضد بين أفراد المجتمع ، فديننا الحنيف يحث على التعاون في عمل الخير ، لقوله تعالى (وتَعاوَنوا عَلى البرِّ والتَّقوى ) ( المائدة: 2) وجاءت السنة النبوية لتؤكد على ضرورة العمل التطوعي فكانت زاخرة بالكثير من الأحاديث التى تدعوا للعمل التطوعي في الأزمات وغيرها ، منها حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه ، كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم ، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " .
كذلك من أهداف العمل التطوعي أنه يساهم بلاشك في الحد من انتشار كثير من السلوكيات السلبية في المجتمع ، ويساهم في تمكين عناصر المجتمع للتخفيف عن كاهل المؤسسات الحكومية ، من خلال الأعمال المختلفة : كالتطوع في الصف الأول للخدمات الطبية، من خلال المتخصصين في هذا المجال ، والتطوع في مراكز الرعاية الاجتماعية ، ويكون المجال مفتوح لجميع فئات المجتمع للمشاركة في هذه الأعمال غير التخصصية ، كما للتطوع أهمية كبيرة في نشر الترابط بين المجتمع ، حيث يمثل تجسيداً لمبدأ التكافل الاجتماعي والإيثار ، فهو يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي ، كما يمثل فرصة لاستثمار وقت الفراغ في عمل الخير ، والمساهمة في التنمية والاستدامة في المجتمعات.
لذلك يعد التطوع خياراً يمليه ضمير الفرد ، أما في أوقات الأزمات والكوارث فيصبح واجباً يمليه علينا ديننا ومجتمعنا لتحقيق الانتماء لهذا الوطن المعطاء.


التطوع - العمل التطوعي- المجتمع-


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع