مدونة الباحث عبد الرحمان قدي


الجمع بين التّساؤلات والفرضيات: الجدليّة المنهجيّة والصّلة الإبستمولوجية

عبد الرحمان قدي | Abderrahmane Keddi


04/06/2021 القراءات: 1462  


الجمع بين التّساؤلات والفرضيات: الجدليّة المنهجيّة والصّلة الإبستمولوجية


لتوضيح علاقة التساؤلات بالفرضيات والتأكد من إمكانية الجمع بينهما، ينبغي العودة إلى أصل البحث العلمي في ميدان العلوم الإنسانية والاجتماعية حتى يكون التحليل دقيقاً وواضحاً، فربما يكون البحث العلمي في الميادين الأخرى مختلفاً.


تُصنَّف البحوث العلمية إلى: بحوث أساسية (نظرية)، وبحوث ميدانية (تطبيقية):

- البحوث النّظرية يُعتمَد في إنجازها على النشاط العقلي فقط من خلال التحليل والمقارنة واستخدام المنطق في فهم الإشكاليات وبناء نتائجها، لذلك فهي تنطلق دائماً من طرح تساؤلات تحتاج للوصول إلى إجاباتها.

- يرتكز البحث العلمي الميداني (التطبيقي) على مصدرين رئيسيين لإنجازهما:
• المصدر الأول هو النظريات والأدبيات السابقة، في هذه الحالة سيعتمد البحث العلمي على المنطق الاستنباطي، وذلك بالاعتماد على الفرضيات العامة للنظريات العلمية، ونتائج البحوث والدراسات السابقة في تأطير البحث نظرياً، وتحديد المناهج والأدوات والأساليب والخطوات العلمية اللازمة لإكمال البحث العلمي المراد إنجازه، ففي هذه الحالة سينطلق البحث من إشكالية عامّة يمكن تجزئتها إلى فرضيات يُعتمد في صياغتها على الفرضيات العامة والنتائج العلمية السابقة، كما أن هدف البحث سيكون التحقّق من صحّة الفرضيات المطروحة، وبالتالي لا يمكن أن تؤدي التساؤلات في هذه البحوث أي دور، ممّا يعني ذلك أنه من الأفضل الاستغناء عنها.
• المصدر الثاني هو الواقع الإنساني والاجتماعي، في هذه الحالة سيعتمد البحث العلمي على المنطق الاستقرائي، وذلك بالاعتماد على استكشاف الظواهر وظروف الحياة الاجتماعية المُعاشة وتفاعلات الأفراد لتأطير الموضوع نظرياً، مع اجتهاد الباحث في تحديد المناهج، الأدوات، الأساليب، والخطوات العلمية لإنجاز البحث العلمي، ففي هذه الحالة سينطلق البحث من إشكالية عامّة يمكن تجزئتها إلى تساؤلات يُعتمد في صياغتها على الجوانب المُراد استكشافها من الواقع الاجتماعي، كما أن هدف البحث سيكون التّوصل إلى إجابة التساؤلات المطروحة، وبالتالي لا يمكن صياغة الفرضيات في هذه البحوث، ممّا يعني ذلك أنه من الأفضل الاستغناء عنها.

من خلال هذا التحليل المقتضب، يمكن القول أن الدراسات الكيفية التي تعتمد على المنطق الاستقرائي، والتي قد تكون غالبا استكشافية هي التي يتم فيها الاكتفاء بصياغة التساؤلات، أما الدراسات الكمية التي تعتمد على المنطق الاستنباطي، والتي قد تكون غالبا وصفية أو تفسيرية هي التي يتم فيها الاكتفاء بصياغة الفرضيات.
ملاحظة: هذا التحليل لا يعني أن الجمع بين التساؤلات والفرضيات في بحث واحد يُعتبر أمراً خاطئاً تماماً، لكنّه أقلّ إقناعاً ومنطقيّةً مقارنة باستخدام أحدهما فقط ضمن البحث العلمي لغرض محدّد.

بقلم: الباحث عبد الرحمان قدي


الأسئلة، التساؤلات، الفرضيات، البحوث النظرية، البحوث التطبيقية، البحوث الكيفية، البحوث الكمية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع